ربط محللون سياسيون عراقيون بين ماحدث من عمليات تهجير قسرية لليهود ابان الاحتلال البريطاني للعراق من خلال منظمات صهيونية، وما يحدث الان من عمليات قتل لتهجير المسيحيين، من اجل افراغ العراق من مكوناته الاصلية.ويعتقد هؤلاء المحللون ان ما يحدث من عمليات قتل منظمة وممنهجة ضد المسيحيين في العراق، لايمكن ان يتم بمعزل عن تواطؤ بين قوات الاحتلال والجهات التي تنفذ هذه العمليات، بالرغم من كل محاولات القوات الاميركية والاجهزة الامنية العراقية بالصاقها بتنظيم القاعدة.واذ لم يُبرئ المحللون تنظيم القاعدة، الا انهم يشيرون الى ان ماتسرب من افلام صورتها كاميرات كنيسة سيدة النجاة، التي لم يعلم بها من نفذ الهجوم، يؤكد ان قوة منظمة وقوية تقف خلف هكذا عمليات نوعية.ويرى المحلل السياسي نبيل ابو جعفر ان ما حدث للمسيحيين في كنيسة سيدة النجاة، وما يحدث لهم، انما يتماهى مع ما كشف عنه الصحفي الاميركي المستقل وين ماديسن على مدونته الالكترونية، الذي يقول أن ” الاعمال الارهابية التي تستهدف المسيحيين في الموصل بالعراق والمناطق المجاورة لها تقوم بها الموساد الاسرائيلي”، مضيفاً بأنها مصادفة غربية ان تتصاعد اعمال العنف في العراق مع استهداف المسيحيين في آن واحد مما يدعو الى التأمل والتحليل.ويشير ماديسن الى وجود مخطط لنقل “اليهود الأكراد” من اسرائيل إلى مدينة الموصل ومحافظة نينوى تحديداً تحت ستار زيارة البعثات الدينية والمزارات اليهودية القديمة. وقال إن “اليهود الأكراد” بدأوا منذ الغزو الاميركي للعراق عام 2003 بشراء الأراضي في المنطقة التي يعدونها “ملكية يهودية تاريخية”، على حد وصفهم. واستعرض ماديسن أسباب الاهتمام الخاص الذي يوليه الصهاينة لأضرحة الأنبياء ناحوم ويونس ودانيال، وكذلك حزقيل وعزرا وغيرهم، موضحا أن المسؤولين الصهاينة ينظرون إلى المزارات اليهودية جميعها على أنها جزء من الكيان الصهيوني، حالها حال القدس الشريف والضفة الغربية التي تسمى توراتيا “يهودا والسامرة”. ويؤكد مادسن في التقرير أن فرق “الموساد” الصهيوني شنّت مع مجموعات من المرتزقة وبالتنسيق هجمات على المسيحيين الكلدانيين العراقيين في كل من الموصل وأربيل والحمدانية وتل أسقف وقره قوش وعقره وغيرها من البلدات والقرى المسيحية، وألصقتها بتنظيم القاعدة بغية تهجيرهم بالقوة وإفراغ المنطقة -التي يخطط الكيان الصهيوني للاستيلاء عليها- من سكانها الأصليين من المسيحيين والمطالبة بها بوصفها أرضاً “يهودية توراتية”، حسب زعمه. وبين أن المخطط الصهيوني يهدف إلى توطين “اليهود الأكراد” محل الكلدان والآشوريين، متهما إدارة الاحتلال الاميركية برعاية هذا المخطط الذي يشرف على تنفيذه ضباط من جهاز “الموساد” الصهيوني، زاعماً معرفة القيادات السياسية في الحزبين الكرديين الرئيسين الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البرازاني بهذا المخطط. ومنذ 2003 ولحد الآن، فأن المسيحيين الذين يعيشون في الموصل وعددهم 30 الفا، تعرضوا الى اشد حالات التعذيب والارهاب لتهجيرهم من الموصل، ما دفع احد قادة المسيحيين الى التلميح بتورط كردي وطالب بتحقيق دولي في هذه الجرائم.لكن مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل خسرو كوران، قال ان لا وجود لمناطق يهودية مقدسة في الموصل وان لا مصلحة للاكراد في ضرب المسيحيين و تهجيرهم. مضيفا ان الارهابيين هم الذين يرتكبون هذه الاعمال. ويقول مراقبون ان هذا التصريح لم يكن مبعث اطمئنان للمسيحيين في الموصل، خاصة وان اقليم كردستان يعمل على ادخال الموصل ضمن مناطق نفوذه .يشار الى ان شبكة الراديو العامة الأميركية نشرت تقريرا حول ذات الموضوع على موقعها الإلكتروني تشير فيه ان من يسمون باليهود الأكراد “بدأوا رحلة عودتهم إلى العراق من فلسطين المحتلة بروية وحذر”. وتجدر الإشارة إلى ان التغلغل الإسرائيلي في العراق بدأ قبل ثمانية عشر عاماً في أجواء من التكتم المتواصل انطلاقا من المنطقة الكردية منذ فرض الحظر الجوي على منطقتي شمال وجنوب العراق. ويقول محلل سياسي عراقي “كانت بداية هذا التغلغل على هيئة خبراء ومستشارين وجواسيس، ثم تطوّر إلى المجالات العسكرية والتجارية ووكالات الأمن والعقارات وسائر الشركات المتخصّصة”. وسرعان ما كشف عن وجهه الآخر حين اتّضح أن كل هذه المجالات ليست وحدها هي الهدف، وأن هناك هدفاً استراتيجياً دينياً – تاريخياً – واستيطانياً أهم من هذه الأهداف، فرض التوسّع في عملية التغلغل داخل مناطق ومدن محدّدة في الشمال العراقي شملت نينوى، أربيل، الموصل، باشقيا، الكفل، الكوشفين، الحمدانية، عقرة، وغيرها”. وحسبما تشير المعلومات التي أوردها المحلل نبيل أبو جعفر، فإن سبب التركيز على هذه المناطق والمدن، يرجع إلى وجود أماكن دينية وأثرية يهودية فيها، يعتبرها الإسرائيليون من قدس الأقداس، وهي تتمثل بشكل خاص في مرقد النبي ناحوم (ناعوم) الواقع في الكرش، ومرقد النبي يوناح (يونس) بالموصل، ومبرّة النبي دانيال في كركوك، وقبر حزقيال في الكفل القريبة من الحلة، وقبر عزرا الواقع في مدينة العزير بمحافظة ميسان. ويضيف المحلل “لم يقف حدود التغلغل الإسرائيلي عند هذه المناطق، فاتسّعت دائرته أكثر، وصولاً إلى العاصمة بغداد وغيرها من المدن العراقية الأخرى. وقد تمّ ذلك كله بعلم ودعم الولايات المتحدة، وتسهيلاً لعملية التوطين “الطبيعية والآمنة”، طرحت إسرائيل خطّة لتنفيذ هذه العملية من قبل الموساد وحكومة كردستان، تقضي بأن يحلّ العائدون إلى وطنهم محل الكلدانيين والآشوريين الذين يشكّلون “حالة” مختلفة عن حالة الأكراد!. وتفيد المعلومات ان الخطة حازت على موافقة ودعم العديد من المنظمات الكنسية المسيحية – الصهيونية في الولايات المتحدة التي أوصت بضرورة تسهيل هجرة المواطنين الأصليين من المسيحيين الأشوريين والكلدان إلى دول الغرب، وفي مقدمتها أميركا وكندا واستراليا، على أن يتمّ ذلك بداية عن طريق الإغراء المادي، وفي حالة الرفض وعدم التراجع يجري تكليف الميليشيات الكردية بالضغط عليهم عبر وسائل مختلفة، لدفعهم إلى السير في هذا الخيار، مشيرا إلى تصفية أسماء معروفة من رجال الدين والأطباء والإختصاصيين، كان على رأسهم المطران بولس فرج رحّو رئيس أساقفة الكنيسة الكلدانية، بدافع إجبارهم على الهجرة الى الخارج، أو النزوح القسري إلى أماكن أخرى في العراق “الجديد”.
- info@alarabiya-news.com