شهوة اللايكات قتلت عبدالرزاق عبدالواحد علي السوداني

يبدو أنه من سابع أو ثامن المستحيلات، أن يتم سنّ قانون يجرّم مستعمل صفحة الفيسبوك بعد مسكهِ بجرم الإساءة المشهود. هو عالمٌ كثيره افتراضيّ يتخفى وراء اسمٍ مستعار وقليله حقيقي معلنٌ، وفي ظلّ هذه المعادلة المختلة تحول الشيء الذي سمّي أولاً وسيلة التواصل الاجتماعي إلى وسيلة تناطح وتغافل ومفرخة كراهية، وانتشرت في هذه الغابة أمراض وفايروسات مُعدية وكانت أخطر موديلاتها هو ما صار يُعرف بالمواطن الصحفي، وهذا كائنٌ نزلَ من فرج الفيسبوك وهو يعاني من علل وتشوهات خَلقية وخُلقية، فليس بمستطاعك أن تحصل منه على النبأ اليقين، لأنه واقع تحت تخدير هواه وميله وجهله.

غالبا ما يكون ضحايا هذا الكائن الخرافي هم من النخب المشهورة مثل الشاعر والمغني والممثل والصحفي، وهذا تماما ما حصل لشاعر القرنين العراقيّ عبدالرزاق عبدالواحد الذي انتشر خبر موته على صفحات الفيسبوك بسرعة الدمع الذي يذرفه أبو خالد كلّما صاح وناح العراق المريض.

قبل ذلك وقع الأمر مرات للفنان السبعيني البديع ياس خضر، وللمدهش نور الشريف قبل أن يرحل الحاج متولّي رحلته الأبدية، والمثير هو أنّ بعض المشاهير الصغار منهم والكبار صاروا يستمتعون بهذه الشائعات الفيسبوكية من أجل الحصول على كثير من الشهرة حتى لو كلّفه ذلك خبرا افتراضياً عن موت أو زيجة أو طلاق أو بولة بشطٍّ مُعلن.

كانت الشعوب وأهلها تُعرف من خلال ما تقدمه بباب الفنون الجميلة من مسرح وموسيقى ورسم ونحت، أما الآن فما عليك سوى المسك بعيّنة عشوائية تعدادها ألف نفر ونفرة، كي تتعرف إلى نفسيات وسلوكيات أيَّ ملّةٍ على الأرض، وهذه فرصة مجانية ومتاحة لعلماء الاجتماع والنفس وعللها، ففي الصفحات تلك ستجد الهوى والأهواء والأعطاب النفسية والحب والكراهية والكثير من الخلق والإبداع وطوفان هائل من السخف.

لديك أيضا يافطة تظهر على صفحتك من دون إرادتك، مكتوبة على التأنيث والتذكير هي، تزوّجَ أو تزوجتْ، وهنا عليك أن تتخيّل منظر عودتك بعد منتصف الليلة بخمس ساعات، لتجد زوجتك الجميلة تنطرك بصبرٍ متفجّر، فتستلمك من الباب وتبدأ معك عملية تفتيش دقيقة علّها ترى كدمة نائمة على جسدك النحيف تدلّ على زواج!

Facebook
Twitter