كان ذلك عام 1953 …رن جرس باب بيتنا الكائن في شارع طه في حي نجيب باشا ( حي المغرب حاليا ) وكانت العائلة مجتمعة في صالون البيت ….وحين فتح خادم البيت الايراني محمد علي وجد احد اصدقاء العائلة المقربين وهو ضابط الشرطة اكرم عثمان العبيدي يطلب زيارة والدتي دون علم مسبق ..وكان الاضطراب باديا على محياه…..وبعد ان طلبت منه والدتي الجلوس بدا يسرد ما جرى له اليوم بحماس مصحوب بالحذر فهو يعمل حينئذ ضابط جوازات السفر في مطار بغداد ( المسمى الان بمطار المثنى) وحينما باشر عمله ذلك اليوم جاءه الضابط المسؤل عن حركة المسافرين وتفتيش جوازاتهم ومعه رجل وزوجته كان قد رفض اعطاء جواز سفره الى الضابط المسؤل قائلا له بانه يروم مقابلة مدير الجوازات …. وحين رفع راسه صعق وهو في مكانه اذ انه رأى امامه شاه ايران وزوجته وبعد ان رحب بهما طلب منهما الجلوس وامر الضابط المسؤل مغادرة المكان وبدا يستمع الى ما يسرده شاه ايران حيث انه هرب مع زوجته خوفا من البطش بهما من قبل الجماهير التي احتلت الشارع الايراني بكامله بقيادة الدكتور محمد مصدق وحسين فاطمي من الحزب الوطني وابو القاسم الكاشاني من الحوزة الدينية والتحالف الشعبي بقيادة الحزب الشيوعي وقد رفع الجميع شعار اسقاط النظام الملكي في ايران بعد ان افتضح امر الشاه بتامره مع اميركا وبريطانيا وشركات النفط العاملة بهدف اسقاط وزارة مصدق والغاء قانون تاميم النفط الذي قامت به حكومة مصدق باسناد شعبي كامل…..وعلى اثر ذلك قرر الهروب مع زوجته بشكل مفاجئ وسري متوجهين الى بغداد …..ومن ثم طلب من اكرم عثمان عدم اخبار احد من السلطات وان يصحبهما الى بيت عبد الهادي الجلبي المجاور لبيتنا في شارع طه ….لكن اكرم عثمان اتصل بالمسؤلين ليعلمهم بما جرى فاخبره وزير الداخلية بوجوب اصطحابهما الى بيت الجلبي حسب طلبهما وبشكل سري حذر وانه اي الوزير سيقوم بالاجراءات المطلوبة وحذره من شباب المحلة المعروفين باتجاههم الوطني المتحمس ان لا يكتشفوا ذلك ….ثم توجه نحوي ونحو اخوتي ملتمسا ان لانبوح بالسر وان نكتم الموضوع حفاظا على حياتهما فاجابه اخي حسني باننا رغم عدائنا المطلق لسياسة شاه ايران وتاييدنا لخكومة الدكتور مصدق وان نجاحها في سياستها الوطنية المعادية للاستعمار تهمنا بشكل مباشر لكننا عرب نحافظ على حياة من يلجا الينا ختى اذا كان عدونا وان بيت الجلبي الملاصق لبيتنا نعتبره بيتنا وان الشاه لجا عندنا كما يلجا لبيت الجلبي وطلب من اكرم عثمان الاطمئنان……..بقي الشاه عدة ايام في ضيافة عبد الهادي الجلبي دون ان يخرج على الاطلاق من البيت حتى مغادرته متوجها الى روما …….وبقينا كاتمين للسر لحين اذاعته بعد ذلك من السلطات المسؤولة
- info@alarabiya-news.com