واجهت عملية تسلح الجيش العراقي بالأسلحة الثقيلة والجوية خلال السنوات الست الماضية اعتراضات محلية من جانب الأكراد وأخرى اقليمية من دول الجوار. وطالبت حكومة اقليم كردستان بشكل متكرر ان تكون لها “رقابة” على مشتريات الاسلحة. ويعزو الأكراد حسب تصريحات جبار الياور رفضهم تسليح الجيش إلى “فداحة ما عانى منه الشعب العراقي كافة على يد الجيش في الماضي”. لكن جبار ياور وكيل وزارة البيشمركة عاد وصرّح مؤخرا أن الجانب الكردي “لم يطالب بأي ضمانات أو ضوابط على شراء الأسلحة الثقيلة”. وهو ما يعتبره المراقبون تغيرا ملموسا في الموقف الكردي، بعد أن اطمأن الاكراد إلى مشاركتهم الفاعلة في البرلمان والحكومة.لكن ساسة عراقيين اكدوا مراراً وتكراراً ان ما يسمى بـ (مخاوف) الاكراد من تسليح الجيش العراقي الجديد، غير مبررة على الاطلاق، وقالوا في تصريحات لوكالة (اور) أن مطالبة القادة الأكراد بضمانات من الدول المصدرة للسلاح أمر غير منطقي، مؤكدا أن الدول المصدرة أيضا لا تملك القدرة على فرض مثل هكذا شروط على الدول المستوردة للسلاح.وفي مقابلة مع صحيفة لوس انجلوس نشرتها مؤخرا اعترف د. برهم صالح رئيس حكومة اقليم كردستان بوجود قلق كردي حيال ظهور “ميول استبدادية ودكتاتورية” تلوح احيانا في بغداد، موضحا ان “من حق الشعب الكردي ان يقلق بشأن الانباء التي تحدثت عن امتلاك الجيش العراقي اسلحة ثقيلة”.واكد صالح ان الجيش العراقي يجب ان يكون “جيشا وطنيا ولكل العراقيين، وقوات البيشميركة جزء من منظومة الدفاعِ الوطنيِ العراقيِ وتم استخدامها في أوقات مختلفة للمحافظة على الأمن في بغداد ومناطق أخرى”. واضاف “لدينا الان تفاهم مع الحكومة العراقية وبدعم من القوات الاميركية لتدريب البيشمركة وتجهيزها. وهذا تطور جيد، لكننا بحاجة الى المزيد. وهذا يشكل ضمانة كي تتكامل القابليات الامنية العراقية وتترقى”.وعن المخاوف الكردية من ظهور دكتاتورية جديدة قد تلجأ الى استخدام اسلحة الجيش الثقيلة ضد منطقة معينة، أقر صالح بأن “لدينا قلقا مشروعا حول عودة الإستبداد والدكتاتورية”. لكنه قال ان “هذا القلق لاينحصر بالاكراد. فهناك قطاعات معينة من العراقيين تتخوف من ان يُستَخدمْ الجيش العراقي كوسيلة للاضطهاد كما حدث في الماضي”. وتابع “يجب ان يُحكَمْ العراق وفق نظام الاجماع الذي يُبنى على الاسس الديمقراطية والاتحادية”. وذكر صالح “نعم، هناك ميول إستبدادية ودكتاتورية تظهر من وقت لآخَر تجعلنا قلقين. ويجب ان تكون الحكومة جديةَ وحازمة في مواجهة هذه الميول عبر التأكيد على الضمانات الدستورية لمنع احتكار السلطة في بغداد”.وتابع ان “للمواطنين الأكراد الحق في ان يخافوا من تكرار الماضي لنفسه عندما يسمعون عن تسليح الجيش العراقي بالأسلحة الثقيلة”. وقال ان “الجيش العراقي يجب أن يكون جيشا وطنيا يمثل كل المكونات العراقية”. واضاف “نحن لا نقبل تهميش الاكراد في المنظومة الامنية والعسكرية. والتسليح والتدريب والتجهيز يجب ان يشمل القوات الكردية بوصفها جزءا من منظومة الدفاع الوطني العراقي”.لكن النائب السابق عبد الكريم السامرائي قال أن المخاوف الكردية غير مبررة لأنهم يشاركون الحكومة المركزية بكل قراراتها التشريعية والتنفيذية فهم مشتركين في مجلس النواب ورئاسة أركان الجيش ولجنة الأمن والدفاع وكل المفاصل الأخرى في الدولة العراقية فعلام الخوف إذن..؟!. واشار إلى أن عملية تسليح الجيش العراق لا تزال غير مقنعة على الرغم من الفترة الطويلة التي مرت بها عملية التسليح والسبب في ذلك يعود لان العراق كان مقيدا باستيراد كل الأسلحة عن طريق نظام (FMS ) والذي قيد الجيش العراقي طوال الفترة الماضية ومنعه من أن يتسلح بأسلحة متطورة، مبينا أن هناك رغبة لدى لجنة الأمن والدفاع في السعي للتحرر من هذه القيود.ورأى التيار الصدري ان اعتراض الاكراد على تسليح الجيش العراقي بالطائرات “يصب في مصلحة قوات الاحتلال”. وقال الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري ان “اعتراض الاكراد على تزويد الجيش العراقي بالاسلحة والطائرات نعتبره عدم ثقة بشركائهم السياسيين ويصب في مصلحة الاحتلال”. واوضح ان “عدم تجهيز الجيش العراقي بالاسلحة والامكانيات ووصوله الى مرحلة الاعتماد على الذات يعني بقاء الاحتلال على اطول فترة ممكنة في العراق والمطلب الكردي يصب في هذا الاتجاه وهذا ما لا نترضيه ابدا”. وكان نائب رئيس الجمهورية والقيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي اتهم إطرافا داخلية وخارجية بمحاولة تأخير تسليح الجيش العراقي بسبب استمرار قلقلها من الماضي، داعيا في الوقت نفسه إلى إعادة هيكلة الجيش العراقي وضرورة التوازن في الانتساب للقوات المسلحة.وقال الهاشمي إن “بعض الجهات الداخلية والخارجية تحاول تأخير تسليح الجيش العراقي وبلوغه مستويات قتالية جيدة تضمن الدفاع عن امن العراق”، مبينا أن” ارث العراق ما قبل عام 2003 ودخوله في حروب ومشاكل في الداخل والخارج ترك قلقا لدى بعض العراقيين والدول المجاورة من وجود عراق قوي”. وأضاف الهاشمي أن “الكثير من الدول ومنها المجاورة للعراق دخل في تكنولوجيا الصواريخ وربما سيدخل النادي النووي قريبا فيما لا يزال العراق معتمدا على بندقية الكلاشنكوف”، بحسب تعبيره، مؤكدا أن” تسليح الجيش العراقي بالأسلحة الخفيفة فقط لا ينسجم مع متطلبات السيادة في العراق”.وكانت وزارة الدفاع العراقية أعلنت في السابع من شهر آب الماضي عن وصول 11 دبابة اميركية الصنع من نوع ابرامز إلى ميناء أم قصر التجاري من أصل 140 دبابة مماثلة تعاقد العراق على شرائها من الولايات المتحدة الاميركية ومن المقرر أن تصل الدبابات الأخرى إلى الموانئ على شكل دفعات.ويتكون الجيش العراقي الحالي من 14 فرقة عسكرية موزعة على ثلاث قيادات (برية وجوية وبحرية)، لكن أغلبها فرق مشاة يقدر عديد أفرادها بأكثر من 300 ألف، كما يمتلك في الوقت الحاضر ما يقارب من 170 دبابة روسية ومجرية الصنع، اغلبها قدم كمساعدات من حلف الناتو للحكومة العراقية. ولدى الجيش العراقي ما يقارب الستة آلاف عربة عسكرية اميركية من نوع همر، فضلا عن مدرعات بولندية الصنع وعجلات قيادة من نوع باجر الاميركية، كما يمتلك عددا من الطائرات المروحية الروسية والاميركية الصنع، وعددا من الزوارق البحرية في ميناء أم قصر، لحماية عمليات تصدير النفط العراقي. ويدار الملف الأمني في بغداد والمدن العراقية الأخرى بعد انسحاب الجيش الاميركي من قبل قيادات عمليات تسيطر على عمل الجيش والشرطة في تلك المحافظات، ويشرف عليها بشكل مباشر مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق فاروق الاعرجي، وبموجب الدستور العراقي فان رئيس الوزراء يعد القائد العام للقوات المسلحة، فيما يعد وزير الدفاع نائبا له.