صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

سر جديد : سقوط الرمادي بسبب أمر بالانسحاب خلال نصف ساعة

كشف جندي في الجيش العراقي، بعض الأسرار المتعلقة بسقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم “داعش”، موضحا أن القوات العراقية التي كانت تسيطر على مركز المدينة، تلقت أوامر تنص على الانسحاب خلال 30 دقيقة.
وقال إن الانسحاب المنظم كان مستحيلا خلال نصف ساعة، لذلك تركت هذه القوات مواقعها من دون أن تتمكن من سحب العجلات والسلاح، بل وحتى جثث زملاء قضوا خلال القتال.
وبحسب تقرير أعده من الأنبار الصحفي “اليس فوردهام”، لحساب موقع “ان بي آر” الاخباري، فإن مدينة الرمادي “حينما سقطت بيد ارهابيي تنظيم داعش الشهر الماضي، لم يكن الامر الا عبارة عن هزيمة كبيرة وحسب”، مضيفا أن “مدينة الرمادي تمثل مركز محافظة الانبار الغربية ولا تبعد سوى 100 كيلومتر عن العاصمة بغداد، فيما كان لتلك الانتكاسة ان عززت من المفهوم القائل بأن الجيش العراقي ليس سوى قوة ضعيفة وغير كفوءة.
وكان لمجلس الشيوخ ومعه وزارة الدفاع الاميركية ان شددوا من لهجتهم الناقدة قائلين ان الجيش العراقي يفتقر لارادة القتال. كما كان هنالك كثرة اخرى من المنتقدين ايضا، غير اننا لم نسمع الكثير من الجنود العراقيين انفسهم عن رؤيتهم وتفسيرهم لما حصل”.
يقول “فوردهام”، خلال التقرير “لقد كان للقوات العراقية موقف متشدد من جانبها. يقول احد المقاتلين ويدعى وليد عبد الحسين، انه كان يقاتل في الرمادي منذ اكثر من 15 شهرا قبل ان يتمكن التنظيم الارهابي من التقدم واحتلال المدينة”.
ويروي عبد الحسين قصة سقوط الرمادي، قائلا “لقد كنا نواجه الهجوم المستمر منذ 4 ايام، حيث تعرض لنا تنظيم داعش بكل شراسة وشدة عبر ضربات مستمرة بالمدفعية وقذائف الهاون وانواع اخرى متعددة من السيارات المفخخة”.
ويبدو عبد الحسين شابا مكتنز الجسد، فضلا عن امارات الشد والتوتر البادية عليه. ويقول عبد الحسين ان “الهجوم كان سيئا، الا ان القوة العراقية واجهته بشدة وشراسة وتحملت الاسوأ وتدبرت امر الامساك بمركز المدينة”. ويضيف عبد الحسين انه تفاجأ كثيرا “حينما تلقت القوات العراقية الاوامر بالانسحاب وفق برقية اكدت تنفيذ ذلك في غضون 30 دقيقة وحسب”.
ويواصل الجندي العراقي حديثه قائلا “لم يكن ممكنا لنا ان نقوم بأي شيء في غضون نصف ساعة، حيث لم نتمكن من اخذ عجلاتنا وذخيرتنا او حتى رفات رفاقنا الذين قضوا اثناء المعارك معنا”.
اما بالنسبة للقائد الذي اصدر الاوامر بالانسحاب، فإنه لم يعد مسؤولا عن القيادة، بحسب “فوردهام”، فضلا عن ان تحقيقا فتح بالموضوع. لكن عبد الحسين يقول ان ذلك ليس بالامر الغريب، وإنه لطالما تسلم اوامر وتعليمات بدت غير منطقية ولا معقولة بالنسبة له.
ويقول عبد الحسين عن ضباط القيادة العراقية “انهم لا يفكرون بالطريقة الصحيحة. انهم يعمدون الى وضعنا في خطوط دفاعية دائما، ولم يوجهونا للهجوم قط”.
ويؤكد عبد الحسين ان القوات لم تكن تملك ما يكفي من العتاد والذخيرة. ويضيف “لقد كنا مكشوفين امام الخطر ولقي الكثير من الرجال مصرعهم”. لكنه يصر على انه برغم كل تلك النواقص، الا ان امرا واحدا لم يكن يعوزهم، وذلك هو الارادة والرغبة بالقتال.
ويقول “فوردهام”، إن “من اللافت ان وحدة عبد الحسين لا تزال قريبة من الرمادي لغاية الان”، مضيفآ إنه “بغية لقاء بعض كبار الضباط العسكريين، عمدت الى التوجه لمقر قيادة الفرقة السادسة الواقعة على مشارف العاصمة بغداد. وقد دخلت الى مقر القيادة بواسطة سيارة باص صغيرة كان جهاز تسجيلها يعرض اغاني واناشيد وطنية بصوت مرتفع”. ويضيف “كان حراس القائد الشخصيون يجرون تدريبات على المسير العسكري المنظم خارجا. وحينما جلست مع مساعد القائد، اللواء حسين ماشي، تحدث الي قائلا انه يرفض النقد الذي وجهه الاميركيون للجيش العراقي جراء سقوط مدينة الرمادي”.
يقول اللواء ماشي ان “الجيش العراقي جيد ومقتدر وقديم. ونحن لسنا بحاجة لتقييم من احد كوننا قادرين على تقييم انفسنا”.
لكن اللواء اقر بان الجيش العراقي لا يزال يعاني ويكافح في وسط ظروف صعبة. ويضيف قائلا “اننا نعاني شحة في المصادر والمعلومات الاستخبارية، مع مشاكل في التدريب والتسليح، وتأخير في تجهيز الجيش العراقي باحتياجاته المطلوبة”.
ويتساءل “فوردهام”، أنه “اذا كان الاميركيون قد خصصوا 100 مدرب عسكري لتلك الفرقة لوحدها ابان فترة وجودهم في العراق، اذن لم الحديث عن نقص التدريب يا ترى؟”.
ويقول اللواء ماشي ان قواته لا تملك ما يكفي من الاسلحة، وان هذه القوات غير قادرة على التدريب الصحيح من دون وجود تلك الاسلحة. ويوجه اللواء ماشي لومه للأميركيين على ذلك ايضا.
من جهته، يرى قائد سلاح الجو العراقي، الجنرال انور امين، ان مشكلة قيادة الجيش العراقي تتمثل في الفساد الكبير الذي ينخر جسد هذه المؤسسة الكبيرة.
ويقول امين “ما لم تبد اهتماما بالموضوع، وما لم تكن مسيطرا على مشكلة الفساد، فان هذا الوضع سيتحول الى ما يشبه السرطان الذي يصيب وينخر كل شيء”.
ويضيف امين ان تنظيم الدورات التدريبة يمثل الجزء الاصعب في موضوع اعداد وتهيئة الجيش العراقي حاليا، لا سيما اذا كان هذا الجيش مستمر بخوض حرب ضد تمرد شرس وقوي لما يزيد عن عقد من الزمن لغاية الان.
ويقول امين كذلك ان على الجيش ان يعلّم ويثقف الجنود العراقيين بأن هويتهم العراقية اكثر اهمية من هوياتهم العرقية والطائفية.
ويقول قائد سلاح الجو العراقي ان “عملية تغيير ولاء الجنود من امثال عبد الحسين نحو العراق لن تكون سهلة قط”.
ويضيف “ليس بالامر السهل ان نسيطر على الاشياء فورا، حيث ان ذلك يتطلب وقتا بطبيعة الحال”.
ويقول “فوردهام”، إن “الجيش العراقي كان، ولا يزال، في مرحلة اعادة بناء منذ اكثر من عقد من الزمن. وفي الوقت الراهن، فان تنظيم داعش لا يبعد اكثر من 50 كيلومترا عن بغداد، فيما يتلقى الجيش العراقي دعما واسنادا ومساعدة كبيرة من فصائل الحشد الشعبي”.
ويضيف إن قوات الحشد الشعبي “تعارض جميعها تنظيم داعش الارهابي، غير ان بعضها مدرج على القائمة الاميركية للمنظمات الارهابية. لكن هذا الكلام لا يشكل مصدر ازعاج للجنرال امين”.
ويقول امين “في واقع الحال، فهم عبارة عن مجموعة واحدة”.
ويختم امين كلامه قائلا “ان قواتنا الجوية تدعم الاثنين، الجيش والحشد الشعبي لان القوات النظامية العراقية بحاجة لكل المساعدة التي يمكن ان تحصل عليها في معركتها الشرسة التي تخوضها في الوقت الراهن”.

Facebook
Twitter