المؤسسة العسكرية الاميركية مسؤولة عن فظائع ابي غريب
في أول حديث من نوعه ادلت به لوسيلة إعلام عربية, تحدثت المسؤولة الامريكية السابقة لسجن أبو غريب عن لقائها الاول مع صدام حسين قرابة الساعة، مشيرة إلى أنه ظل حتى اللحظة الأخيرة يعتبر نفسه رئيسا للعراق ويرفض الاعتراف بزوال عهده. ونفت جانيس كاربنسكي، المرأة التي يصفها منتقدوها بالحديدية في الجيش الأمريكي, والتي قرر الرئيس الأمريكي جورج بوش عام 2006 تخفيض رتبتها العسكرية من جنرال إلى عميد, مسؤوليتها عن حالات التعذيب في أبو غريب، متهمة قيادات الجيش الأمريكي بمحاولة النيل من سمعتها، كاشفة عن وجود محققين من جنسيات عديدة حققوا مع معتقلي أبو غريب .
وزعمت كاربنسكي في حديث عبر الهاتف والبريد الإلكتروني، أنها التقت مع أحد المحققين الإسرائيليين الذين يعملون مع قوات الاحتلال الأمريكية داخل السجون العراقية للحصول على معلومات من المعتقلين فيها.
وروت كاربنسكي تفاصيل لقائها المثير مع صدام حسين, مشيرة إلى أنه ظل حتى اللحظة الأخيرة يعتبر نفسه رئيسا للعراق ويرفض الاعتراف بزوال عهده .
وأضافت: لقد التقيته مرة واحدة فقط لمدة تصل إلى خمس وأربعين دقيقة, لقد قدمت له نفسي وسألته إذا ما كان على ما يرام وأخبرته أنني القائدة المسؤولة عن الاعتناء به, وسألني ثلاث مرات إذا ما كنت بالفعل برتبة جنرال في الجيش الأمريكي وأبلغني أنه ذات يوم ستكون هناك سيدة عراقية برتبة جنرال في الجيش العراقي.
ونفت توتر صدام حسين خلال هذا اللقاء, موضحة أنه كان يعتقد أن عناصر هذه الشرطة المرافقة لها هم من الجنود الأسبان لكنها أخبرته بالطبع أنهم جنود أمريكيون فقال إنهم كانوا مؤدبين معه وودودين وسأل إذا ما كان بإمكانه الاتصال بأفراد عائلته.
وقالت لقد تحدث معظم الوقت باللغة العربية, لكنه مع ذلك خاطبني بلغة إنجليزية جيدة للغاية وأعتقد أنه كان يستطيع التحدث باللغة الإنجليزية أكثر مما فعل, وفي كل الأحوال كان سعيدا لأنني تحدثت معه باللغة العربية وتجاذبنا أطراف الحديث حول الكثير من الامور وتحادثت معه حول الاسلام .
لقد بدا متعبا بالطبع لكنه مع ذلك كان هادئا ومؤدبا ولم يكن خائفا من السؤال حول الأشياء التي أرادني أن أحضرها له, وكان حزينا عندما أخبرته أنه حان الوقت لإنهاء لقائنا وسأل ما إذا كان سيراني مجددا.
وحول تفاصيل ما دار فى الحوار، قالت : لقد تحدث معي كأنه ما يزال رئيس العراق ويرفض فكرة أنه لم يعد الرئيس, وكان مصمما على محاولة إبلاغ العالم أنه بريء.
وكانت قد أصدرت جانيس كاربينسكي كتابا بعنوان جيش امرأة: مسؤولة سجن أبو غريب تروي قصتها. وروت فيه سيرتها الذاتية وأكدت أنها كانت كبش فداء سهلا لزملائها الرجال في فضيحة هذا المعتقل حيث مورس التعذيب وحصلت تجاوزات تم كشفها سابقا .
وتعتبر كاربينسكي هي المسؤولة الوحيدة في العسكرية الأمريكية التي عوقبت بسبب هذه الفضيحة, حيث أصدر الرئيس الأمريكي جورج بوش أمرا بتخفيض رتبتها من جنرال إلى كولونيل. ثم حكمت محكمة عسكرية على الجندية ليندي انجلاند التي كانت في قلب هذه الفضيحة بالسجن ثلاث سنوات.
وباتت صورة ليندي انجلاند وهي تبتسم أمام سجين عراقي عار تجره بقيد حديدي في عنقه والتي تصدرت صحف العالم بأسره كرمز لفضيحة سوء معاملة معتقلين عراقيين بأيدي جنود أمريكيين في هذا السجن القريب من بغداد .
وفي كتابها تروي كاربينسكي كيف علمت لأول مرة بوجود هذه الصور إذ تقول حصل ذلك في 13 يناير( كانون ثاني) عام 2004 في تلك الليلة بعد عودتي من اجتماع , قررت أن أرى ما إذا وصلني بريد إلكتروني فوجدت رسالة من الكولونيل مارك مارتشيلو قائد إحدى وحدات التحقيق الجنائي. وكان مضمونها مقتضبا وجاء فيها سيدتي أود إبلاغك أنني سأقدم تقريرا تمهيديا إلى الجنرال سانشيز بشأن التحقيق حول أبو غريب. الأمر يتعلق باتهامات بتعرض السجناء للتعذيب وصور عنها».
لكنها مع ذلك تعترف بأنها تتحمل جانبا من المسؤولية في التجاوزات المرتكبة التي تصفها بأنها فظيعة .
وقالت إن التجاوزات أتت نتيجة أوامر متناقضة وقواعد غير واضحة بدءا بالقيادات العسكرية في العراق إلى أعلى السلطات المدنية في العاصمة الأمريكية واشنطن».
واتهمت كاربينسكي في حوارها الخاص القيادات العليا في الجيش الأمريكي بمحاولة تشويه سمعتها العسكرية والإساءة إليها عبر إظهارها كمذنبة رئيسة في ارتكاب هذه الأفعال, كما كشفت النقاب عن أن قوات الاحتلال استعانت بمحققين من جنسيات مختلفة للحصول على مزيد من المعلومات القيمة من المعتقلين, مشيرة إلى أن المزيد من الحقائق ستتكشف للرأي العام العالمي حول حقيقة ما حدث في سجن أبو غريب خلال المحاكمة الخاصة بالمتهمين الذين ارتكبوا هذه الفظائع, نافية مسؤوليتها عما حدث .
ودافعت كاربينسكي عن دورها في الإشراف على السجون العراقية وقالت إن تخفيض رتبتها العسكرية من جنرال إلى كولونيل هو أمر ظالم ومجحف بحقها .
ولاحظت انه لم يسبق لأي مسؤول في البنتاجون أو الإدارة الأمريكية مناقشة احتمال صدور قرار تأديبي على هذا النحو, ولقد صدمت من هذا القرار, إنها المرة الأولى التي يتخذ فيها (الرئيس) بوش مثل هذا القرار, علما بأنه لا مكتب وزير الدفاع الأمريكي السابق رونالد رامسفيلد أو قائد الجيش الأمريكي أجريا أية مناقشة معها حول ما يعتزمان اتخاذه ضدها من قرارات .
ورأت أن الحكومة الأمريكية أخلت أولا سبيل كل الضباط المتورطين في السماح بحدوث عمليات تعذيب وانتهاكات للسجناء ثم تحاول إلقاء اللوم عليها واتهامها بالتقصير في أداء مهام عملها.
وزعمت كاربينسكي أنها التقت مع أحد المحققين الإسرائيليين الذين يعملون مع قوات الاحتلال الأمريكية داخل السجون العراقية للحصول على معلومات من الأسرى والمعتقلين فيها.
وأضافت: «لقد التقيت بالفعل برجل زعم أنه من إسرائيل وقد صدقته, وأظن أن بعض الناس سيشكك في أنه إذا كان هناك واحد فلابد أن يكون هناك المزيد من الإسرائيليين هناك.
وزادت «لقد كانت مفاجأة لي عندما أخبرني الرجل أنه كان محققا وأنه من إسرائيل, أنا كنت متفاجئة تماما من فكرة عمل إسرائيليين في العراق.
وأكدت قائلة «هذا الرجل كان الشخص الوحيد الذي عرف نفسه لي بأنه من إسرائيل, لقد سافرت في كل أنحاء دولة العراق وأستطيع أن أخبركم بأمانة أنني لم ألتق شخصا آخر يقول انه إسرائيلي».
وقالت: أنا لا اعتقد أن الاسرائليين كانوا يساعدون إدارة بوش مجانا, إنهم لم يكونوا يعملون تحت إمرتي ولذلك لا اعرف من يدفع لهم, ثمة متعاقدون اقل تدريبا وخبرة من المحققين كانوا يحصلون على أجور مجزية للغاية, لا يوجد أحد هناك يعمل مجانا, ومثلا الشخص المخصص للحراسة (البودى جارد) كان يتقاضى ألف دولار أمريكي يوميا وأكثر من ذلك, لذلك لا اعتقد أن هؤلاء المحققين لم يكونوا يحصلون على مرتبات مقابل خدماتهم .