ما زالت الصبايا والنسوان السود والسمر والخلاسيات والبرونزيات والشقراوات السمينات منهنّ والنحيفات، يطلبنَ ودّي وحبّي وصداقتي ومشاركتي صفحتي في غابة الفيسبوك المكتظة أيامها بألف عجيبةٍ وعجيبتين.
تفتتح البنّوتة الشهيّة طلبها بمفردة “هاي” الأفرنجية القحّ، وإذ تستعمل معها تقنية التطنيش ثلاث مرات، ستكرر رسالتها عليك مع تعريب السلام وتحويله إلى مرحباً صائحة، فتعود أنت إلى حرونك وسكوتك، فترسل المغدورة عنوان بريدها الإلكتروني، وتقول لك حبيبي علّوكي الوردة أرجوك راسلني، فتواصل أنت الصمت.
في ليالي القنوط والبرد الشديد، تفيض بك الرغبة لأن تقترب من سرّ هذا الجسد الحنطيّ الساخن، فتردّ على الهاي بالهاي والمرحباً بالمراحب، وهنا ستطيّر إليك البنت السهرانة، إضمامة كفٍّ مزروعة فوقها إبهام متعجّب. إنْ سكتَّ ثانيةً فسوف تتلقى وردة، وإن أجبت بإنكليزية مكسّرة فستكون قد ملكتَ نصف قلب الخلاسية وستدعوك فوراً إلى مخدع صفحتها، وهناك سيصطدم رأسك بمشروطية المواصلة التي تريد منك قبول طلب صداقتها حتى تتمكن من رؤية محتويــاتها. أقصد محتويات الصفحة طبعاً.
هنا تحديداً، ستفور عندك رغبة مروّعة بمواصلة اللعب، لكن إياك أن ترضخ لشرطها الذي يشبه مشنقة معمولة من حبل مغشوش، بل اطلب منها صورة تكون بمثابة فاتحة شهية وخير وبركة. ستغيب البربوك عنك وتزرعك بحلق التنّور سبع دقائق مسبّعات، بعدها ستكون بمواجهة شرسة مع صورتها.
في هذه الثنية الطيبة، سيكون بودّي أحبّتي أن أرسم لكم بحروفي المعلنات، تفاصيل لطيفة ومشوّقة عن تلك الصورة المذهلة، إلّا أنّ الأمر سيبدو حتماً غير صالحٍ للنشر.
على باب اللعبة الأخير، ستشعر بالإنهاك وستهاجمك أعراض تيبّس فقرات الظهر، مع جبل ثقيل من فقدان الأمل، فتصدر فرماناً قوياً وحاسماً بالتوقف ونقش نقطة المنتهى.
بمقدورك طبعاً قبل النهاية بقليل، أن تكتشف شيئاً لطيفاً ومبهجاً ومنعشاً، وهو أنّ المستطيل الكائن على يمين صفحة هذه الناهد الكاعب، قد ازدحم بصور بعضها لأصدقاء تعرفهم لحماً وشحماً ووجهاً، وأخرى لصحبٍ إلكترونيين، وربما صورة رجل معمّم لحيته تكاد تصل سرّته، كان قد وافق ممتناً على طلب صداقتها وودّها ويدها بالحلال!