الزواج علاقة قدسية رائعة تجمع بين اثنين ، بهدف تكوين أسرة ، ومع الوقت تسير هذه الأسرة الصغيرة جزء من الأسرة الكبيرة أي ” المجتمع ” لذا يجب أن يكون الطرفين متماسكين معاً لمواجهة صعاب المجتمع والتصدي لمشاكله .
من المفترض أن الزواج قسمة ونصيب ، ولا أحد يعرف أين نصيبه أو قسمته ، لكن بعض المجتمعات العربية ما زالت تعتمد على الطريقة التقليدية في الزواج ، أي زواج الأقارب والذي عادة ما يكون زواج مدبر والهدف منه غالباً إما حفاظاً على اسم العائلة أو ثروتها أو الاعتقاد السائد أن ” القريب أحسن من الغريب ” .
وحول زواج الأقارب وأضراره ، طرح هذا السؤال على مجموعة من الناس هل أنت مع أو ضد زواج الأقارب ، ولماذا ؟
فتور العلاقة
تذكر عايدة محمود أنها ضد زواج الأقارب ولا تشجعه أبداً ، لعدة أسباب أولها وأهمها الأمراض الوراثية والتي رأت منها نماذج كثيرة جداً لأطفال أبرياء دفعوا ثمن قرابة آبائهم.
ومن ناحية أخرى ترى عايدة أن الأقارب يكونون دائماً كإخوة ، فالزواج من الأقارب يصيبهم بالفتور وإصابة العلاقة بينهما بالسكون بعد فترة وجيزة جداً ، كما إن زواج الأقارب يمنع اختلاط العائلات ببعضها البعض ويمنع اندماج عائلتين مختلفتين ، واتحاد ثقافتين في كيان واحد يؤدي إلي إثراء المعارف الاجتماعية بينهما.
وتضيف عايدة أن الزواج الغرض منه اندماج الأسر المختلفة في علاقات صهر ونسب ، فحين يتم الزواج من عائلة واحدة ينتفي الغرض من الزواج المقصود منه التعارف طبقاً للمبدأ القرآني ” إنما خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ” وليس أفضل من الزواج طريق شرعي للتعارف والتواصل ، والرسول صلي الله عليه وسلم لم ينه عن زواج الأقارب ولم يأمر به لكنه أمرنا بالتباعد في النكاح .
ينجح بشروط
ويوافق محمد حسين على زواج الأقارب بشرط أن تكون طباع الزوجين وميولهم ومشاعرهم متفقة تماماً معاً لنجاح الزواج وتماسكه . ويؤكد محمد أن عدم التوافق والراحة بين الزوجين يؤدي إلى الانفصال الذي ينشر العداوة والكراهية بين الأقارب التي تمحو صلة الدم بينهم.
ويضيف محمد أن زواج الأقارب يقابله بعض الأضرار الصحية وذلك حسب الأطباء ، لكن هناك حل وسط للتغلب على هذه الأضرار وهي عمل الفحوصات الطبية اللازمة قبل الزواج .
ناجح 100%
أما منى عادل تؤكد أنها مؤمنة جداً بزواج الأقارب لأن والدتها ووالدها أقارب كما أن أخوها متزوج من ابنة عمه ، لذا فهي موافقة عليه تماماً
تشير منى إلى أن زواج الأقارب متماسك أكثر من الزواج العادي لما يحكمه من صلة ومودة وحب وتفاهم بين الأهل والزوجين .
زواج فاشل
وتري نهى عبد الباسط أن زواج الأقارب دائماً ينتهي بالفشل والحسرة لأنه مبني على غش وخداع من البداية ، فمعظمه يكون لحماية الثروة وليست بهدف الحب والاختيار المناسب للشريكة المناسبة ، لذا تتراكم المشاكل والمصائب التي تبعد بين الطرفين ، بل وقد تفرق العائلة كلها.
عدم النضج العاطفي
ويرجع د. أحمد شوقي إبراهيم مستشار الأمراض الباطنية ، أسباب انتشار هذا الزواج إلى أسباب كثيرة منها صغر السن عند الزواج وما يصاحبه من عدم النضج العاطفي وانفراد الآباء بالقرار ، والعادات والتقاليد.
ولقد تبين من دراسة ميدانية لحالات الزواج بالكويت سنة 1983 أن زواج الأقارب يشكل 54,3 % من حالات الزواج وأن نسبة زواج الأقارب سنة 1986 كانت 53,9 % مما يدل على نسبة زواج الأقارب عالية في المجتمعات العربية ومما يدل أيضاً على أن الأسباب التي دعت إلي زواج الأقارب لم تقل بمرور السنين .
كما وجد د. أحمد في دراسة ميدانية أخرى في مصر سنة 1983 ، أن زواج الأقارب يشكل 38,96 % من حالات الزواج ، وبعض المجتمعات الشرقية تسمح بزواج الرجل من بنت أخيه أو بنت أخته كما هو الحال فى بعض مناطق الهند ، إلا أن بعض المجتمعات الغربية لها نظرة مختلفة في زواج الأقارب ففي بعض الولايات الأمريكية لا يسمح بزواج أولاد العم والعمة أو الخال والخالة لعدم نقل الأمراض الوراثية من الآباء إلي الذرية
عادات وتقاليد
وتنتشر ظاهرة زواج الأقارب أكثر في المناطق الريفية أو المناطق التي ما زالت تحافظ على عاداتها وتقاليدها القديمة ، هذا ما تؤكده الدكتورة بشرى قبيسي دكتوراه في علم الاجتماع وأستاذة بجامعة بيروت في برنامج ” بيتي ” الذي تعرضه قناة ” الآن الفضائية ” ، مضيفة أن زواج الأقارب له أهداف اقتصادية ومعايير اجتماعية وأسباب عديدة بعيدة كل البعد عن الزواج الذي نعرفه نحن ، لذلك فهو زواج إجباري مدبر ، أي بمجرد أن تولد البنت يتم كتابتها على اسم ابن عمها أو ابن خالتها أو ابن عمتها .
وتشير الدكتورة بشرى إلى أن زواج الأقارب له مساوئ صحية عديدة ، حيث ينتج عنه أمراض جسدية وعقلية خطيرة على الأطفال لعدم اختلاف الجينات الموجودة بينهم ، موضحة أن له ايجابيات وإن كانت بسيطة لأن من مقومات الزواج الناجح التقارب الطبقي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي أي أن يكون هناك نوع من التجانس والتقارب والتكافؤ لكي ينجح الزواج ويندمج الزوجان معاً . وتذكر دكتورة بشرى أن زواج الأقارب إذا كان إجبارياً يصاب بالفشل الذريع لعدم حرية الاختيار والإحساس بالقهر والغصب من الطرفين ، أما إذا كان بحرية وبرغبة مشتركة من الطرفين ، فإنه يصبح ناجحاً جداً ، ولا يقابله أي مشاكل كونه مبني على التفاهم والراحة النفسية والقبول
وفي النهاية ، تنصح د. قبيسي بإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة ، لحماية الأطفال من الأمراض الخطيرة التي تنتج عن هذا الزواج
- info@alarabiya-news.com