كشف مجلس النواب العراقي عن فصل جديد من فصول كثيرة لعمليات الفساد المالي الذي بات يشكل ثاني أكبر تحد يواجه العراق بعد أعمال العنف وهجمات المسلحين.
إلا ان أهمية هذا الملف الجديد تكمن في أن ممثلي الشعب هم في قفص الاتهام ولجوء البعض إلى الاحتيال والابتزاز للاستحواذ على رواتب حراسهم الشخصيين المعروفين في العراق باسم “الحمايات”، في حين أنه يعول عليهم لمراقبة أداء الحكومة ومحاسبة المفسدين.
وتلقت الدائرة القانونية في مجلس النواب شكاوى من اشخاص قالوا إنهم تعرضوا للابتزاز من أعضاء سابقين في البرلمان برواتبهم الشهرية.
وأفاد مشتكون بأنهم لم يطلعوا على قيمة رواتبهم الشهرية حتى تبين ان عنصر الحماية مخصص له راتب شهري قدره 915 ألف دينار وليس كما كان يعلن من بعض النواب بتخصيص مبلغ 750 ألف دينار كراتب شهري لكل عنصر، بحسب مصدر مسؤول في البرلمان.
ويرى المصدر أن العقود السابقة التي ابرمت مع عناصر حماية اعضاء الجمعية الوطنية لم تكن “مضبطة” من الناحية القانونية، ولحقتها الدورة الانتخابية الماضية وهي ايضا لم تكن مسندة الى القانون.
ويقول إن “عضو مجلس النواب في الدورة السابقة كان يحصل على 30 نسخة من نموذج عقد من الدائرة القانونية وبعد فترة يأتي بها موقعة من اشخاص لانعرفهم وتصرف له رواتب 30 عنصر حماية شهرياً، الى ان بدأ البعض من المواطنين يقول ان هذا النائب او ذاك ليس بحماية”.
ويضيف “حاليا لدي الكثير من الشكاوى التي رفعت من عناصر حماية ضد بعض اعضاء مجلس النواب السابقين كونهم لم يحصلوا على حقوقهم، كأن يعطيهم النائب 100 ألف دينار و800 ألف تصبح في حسابه”.
وبشأن أعداد عناصر حماية أعضاء مجلس النواب الحاليين والسابقين واعضاء الجمعية الوطنية، يقول المصدر الذي طلب عدم الاشارة إلى اسمه، ان “العدد وصل الى 13ألف عنصر، مخصص لكل واحد منهم مبلغ 750 ألف راتب شهري، وبدل طعام ومخصصات اخرى 165 ألف دينار”.
وبعملية حسابية بسيطة فان الدولة تنفق شهريا حاليا أكثر من 11 مليار دينار عراقي رواتب تدفع لحمايات اعضاء مجلس النواب الحاليين والسابقين واعضاء الجمعية الوطنية، وأكثر من 132 مليار دينار سنوياً.
ويضيف هذا الملف ضغوطا إضافية على أعضاء مجلس النواب إثر تظاهرات عمت انحاء البلاد مؤخرا طالبت بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة.
ويتلقى النائب 12 مليون دينار شهرياً، وبعد انتهاء دورته البرلمانية يتلقى 80 في المئة من راتبه مدى الحياة وهو ما رآه البعض اجحافا وهدرا للمال العام.
ودافع بعض النواب عن امتيازاتهم وقالوا إن جهات مرتبطة بالحكومة تشن حملة لتشويه سمعة البرلمان لتغطية فشل مجلس الوزراء في توفير الأمن والخدمات.
والعراق أحد أبرز الدول الأكثر فسادا في العالم بحسب أرقام منظمات دولية.
ويؤكد مراقبون أن الفساد بات معضلة حقيقية في البلاد ويهدد جهود إعادة الاعمار بعد سنوات طويلة من الحروب والحصار.
وتشير معلومات الى ان بعض اعضاء مجلس النواب عينوا أمهاتهم وأخواتهم عناصر حماية.
وظهر اشخاص من الاهالي مؤخراً على قنوات تلفزة محلية وكشفوا عن تعرضهم للنصب والاحتيال من قبل بعض اعضاء مجلس النواب من خلال التعهد بتعيينهم كعناصر حماية بينما استغل النائب مستمسكاتهم الشخصية وعينهم عناصر حماية بدون علمهم وحصل على راتبهم الشهري.
وما يؤكد صحة اتهامات بعض الاشخاص مايقوله رئيس هيئة النزاهة الاسبق موسى فرج الذي يشير الى ان كثيراً من المخالفات اشرت عليها الهيئة بشأن رواتب عناصر حماية النواب تتعلق بفساد مالي.
فرج يقول “قلت لرئيس المجلس السابق محمود المشهداني عندما كنت رئيسا لهيئة النزاهة لديكم خياران اما أن تأتوا بالعدد الكافي من عناصر الحمايات من وزارة الداخلية، او ان يأتي عضو مجلس النواب بأضابير خاصة لكل عنصر من حمايته لا ان يقول عينت 30 شخصا ولا يقدم اي اضبارة لاي عنصر، فهذا فساد واضح”.
وأستطرد فرج في حديثه واقعة بأن “احد اعضاء المجلس ذهب بعدد من اقربائه وعينهم في وزارة الدفاع وسحبهم لحمايته بينما هو يتسلم من المجلس رواتب ومخصصات 30 عنصر حماية”، مشيرا الى ان “النائب ذاته تحدث عن وزارة الدفاع بشان ملفات فساد فقررت الوزارة كنوع من العقوبة سحب الجنود”.
ويضيف فرج “خاطبت مجلس النواب انذاك بكتاب رسمي وقلت لهم هذا الاجراء لايجوز بان لا يعين النائب عناصر حماية ويتسلم رواتب ومخصصات 30 عنصراً، ولم احصل على جواب حتى خروجي من الهيئة”.
ويؤكد عضو مجلس النواب السابق عن ائتلاف دولة القانون عبد الهادي الحساني على ضرورة محاسبة النواب الذين يتسلمون رواتب عناصر الحماية من دون وجه حق.
ويقول الحساني في رده على المعلومة بوجود اعضاء في مجلس النواب يتسلمون رواتب 30 عنصر حماية في حين انهم لم يعينوا سوى خمسة اشخاص فقط، إن “هؤلاء يجب ان يحاسبوا ويجب ان تحفط مقدرات الشعب العراقي”.
ويشير الحساني الى ان “اعضاء مجلس النواب السابقين حددوا بمنحهم عشرة عناصر حماية فقط، بينما انا حاليا عينت 14 عنصرا لحمايتي وحماية منزلي”.