رمضان العراقيين: لا ماء ولا ثلج ولا كهرباء ولا وقود وحر شديد وغلاء فاحش

حل شهر رمضان المبارك بين المسلمين، واستقبل العراقيون الشهر الفضيل بالمزيد من المعاناة والهموم والحاجة، يقف في مقدمتها الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن الإقبال الكبير على الوقود المتنوع والثلج التي حطمت أسعاره أرقاما قياسية وسجلت ارتفاعا غير مسبوق حيث وصل سعر قالب الثلج الواحد إلى عشرة آلاف دينار عراقي (8.5 دولار أمريكي) والذي يزن نحو 10 كليوغرامات والذي يكفي لعائلة من ثلاثة أشخاص فقط. وعبر المواطنون في جميع محافظات العراق عن سخطهم الشديد على الحكومة، لافتين الى ان ‘العراقيين فوجئوا في رمضان هذا العام بانقطاع الكهرباء بشكل عام’.
كما تشهد بغداد وعدد من المحافظات أزمة حادة في وقود البنزين أدت إلى توقف عدد كبير من السيارات أمام محطات الوقود على شكل طوابير امتدت مسافات طويلة، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين وتذمرهم خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ. ويؤكد سكان العاصمة بغداد انه منذ اليوم الأول من شهر رمضان ومعظم احياء العاصمة في شبه انقطاع تام للكهرباء واخر للماء متسائلين هل هذه هدية رمضان من الحكومة حيث أصبح قالب الثلج بـ10 الاف دينار، حيث يقف الصائمون ساعات في الطوابير أمام معامل الثلج للحصول على قالب ثلج للتمتع بكوب ماء بارد وقت الفطور . في الوقت نفسة اكدتْ امانة بغداد ان انقطاع الماء الصافي في مناطق العاصمة بغداد كان سببه الكهرباء.

وقالت أم سلمان وهي تسكن منطقة السلام (الطوبجي) وسط بغداد والتي تقف عند احد الباعة المتجولين لتشتري نصف قالب للثلج بسعر تجاوز الخمسة دولارات: انها كانت تتمنى من الحكومة وخاصة وزارات التجارة والكهرباء مع إطلالة شهر رمضان ان تجهز العوائل العراقية بالحصة التموينية كاملة، اذا لم تضف عليها بعض المفردات الاخرى، وان تزيد من ساعات التجهيز بالكهرباء او ضمان وجودها في وقتي الفطور او السحور على اقل تقدير، واستدركت بالقول ‘لكن يبدو ان الحكومة اخر شيء تفكر به هو المواطن، الذي لم ياخذ درسا من التجارب الانتخابية السابقة ورغم ذلك أعاد انتخاب الكثير من المسؤولين المقصرين بحقه.
وشددت بالجزم ان ‘الله لن يتقبل من الكتل البرلمانية ولا المسؤولين الحكوميين صيامهم وأعمالهم في هذا الشهر، لان الصيام جاء ليذكر الأغنياء وأصحاب القرار بعيال الله المساكين (المواطن) الفقير والمسكين، وورد في الأثر ان احب المخلوقين الى الله احبهم لعياله، وكما نلاحظ فجوة شاسعة بين المسوؤل والمواطن الذي بدأ يحس انه يعيش في زمن القياصرة والفراعنة لا حقوق له وعليه جميع الواجبات.

كما شهدت محافظات البلاد استياء كبيرا لدى المواطنين، بسبب ارتفاع أسعار قالب الثلج الواحد إلى عشرة آلاف دينار في عدد من محافظات جنوب ووسط العراق، تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة وحدوث انقطاع عام في التيار الكهربائي. اما اسعار الثلج والاقبال على محطات الوقود فحدث ولا حرج بحسب سكان الانبار حيث يقول عبد مكي من سكنة حي التأميم وسط المدينة: ‘نعم اقول حدث ولا حرج أين الاهتمام الحكومي أين الاهتمام بالمواطن أين حقه الذي كفله الدستور هذا تجاهل وإهمال، لقد أصبحنا على أزمة ثلج وارتفاع في اسعاره بسبب القطع الكبير للتيار الكهربائي الذي امتد الى اكثر من 20 ساعة في هذا اليوم، حيث استغله أصحاب المعامل ليرتفع سعر قالب الثلج الى خمسة او ستة اضعاف ونحن في شهر نحتاج الى الراحة’.

فيما أبدت المهندسة الزراعية ندى الوساك من سكنة مدينة الحلة مركز محافظة بابل امتعاضها من الارتفاع المفاجئ في سوق المواد الغذائية وقالت ‘نحن بلد مسلم وفي شهر فضيل يفترض ان يكون هناك تكافل اجتماعي لا استغلال لايام هذا الشهر المبارك، داعية التجار وأصحاب المحال التجارية الى النظر لحال الفقراء لأنهم عيال الله، الذين حرموا من الاهتمام الحكومي وغياب اغلب مفردات البطاقة التموينية’.

وعزت وزارة النفط الى خلق التبريرات في كل مرة، بان أزمة البنزين التي يشهدها العراق حالياً إلى زيادة عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على المشتقات النفطية من قبل أصحاب المولدات الأهلية والمواطنين. وأوضح وكيل وزارة النفط لشؤون التصفية أحمد الشماع في حديث لـقناة ‘السومرية ا’، أن ‘ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف الحالي والتي وصلت إلى أكثر من 50 درجة مئوية وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي أديا إلى زيادة الطلب على مادة البنزين زيت الغاز (الكاز أويل) من قبل المواطنين وأصحاب المولدات الأهلية لتوفير الطاقة الكهربائية’.

والى محافظة المثنى أقصى الجنوب العراقي يقول الموظف كامل باقر في مدينة السماوة مركز المحافظة انه ‘بدلا من أن استعد للعودة الى البيت بعد دوامي الرسمي واخذ قيلولة استعدادا للفطور في يوم رمضاني حار، أصبحت مرغما على البحث بين معامل الثلج وباعته بحثا عن قالب للثلج استخدمه لتبريد الماء عند الإفطار لي ولعائلتي ويضيف باقر انه ‘نسيت امر راحتي وقيلولتي وافطاري ورحت ابحث عن الثلج متنقلا من معمل الى اخر، حتى الساعة التاسعة مساء دون ان اضع في فمي لقمة خبز واحدة اسد بها جوعي خلال يوم صيامي.
وفي المقابل قال سعد الكريم وهو صاحب معمل ثلج في منطقة التاجي شمال بغداد، إن سبب أزمة الثلج التي حصلت في المحافظة هو انقطاع التيار الكهربائي، واضطرار المعامل الأهلية الى الاعتماد على وقود الكاز بدون دعم حكومي ما دفع بأصحاب المعامل إلى شرائه من السوق التجاري. وأوضح ان المعامل تبيع قالب الثلج بسعر 2000 دينار عراقي وفي اقصى حالتة يباع بأربعة آلاف دينار (2 دولار ونصف) في حين يباع في السوق التجاري خارج المعمل بـ 10 آلاف دينار مطالبا بمراقبة السوق من قبل الجهات المعنية وان لا تقتصر الرقابة على أصحاب المعامل.

من جانبه اتخذ مجلس محافظة البصرة، هو الأول من نوعه في العراق، قرارا بفصل المحافظة عن الشبكة الكهربائية الوطنية كإجراء لمعالجة أزمة الكهرباء التي تعاني منها المحافظة، في أكبر تحد من نوعه يواجه وزارة الكهرباء بعد المظاهرات الاحتجاجية التي أطاحت بوزيرها حزيران/يونيو الماضي.

وقال مسؤول إعلام مجلس المحافظة هاشم العيبي: إن القرار اتخذ ليتم تخصيص إنتاج المحافظة من الطاقة الكهربائية إليها فقط’، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يأتي بعد ‘مطالبة مجلس المحافظة وزارة الكهرباء بتخصيص إنتاج البصرة من الطاقة إليها نتيجة التدهور الحاصل في تزويد المواطنين بالكهرباء’. وأضاف أن فصل البصرة عن منظومة الكهرباء الوطنية ‘سيوفر قرابة 900 ميغاواط من الكهرباء إلى المحافظة’، دون أن يأخذ بالاعتبار حاجة المحافظات الأخرى التي تعاني من الشحة ذاتها

Facebook
Twitter