فجر السابع من نيسان لعام 2017 بات لهذا التاريخ في وجدان السوريين ذكرى أليمة ومفصل مهم سيء الذكر في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد ارتباط هذا التاريخ لأكثر من ستة عقود بذكرى انطلاقة الحزب الذي يحكمهم منذ نصف قرن ،حزب البعث العربي الاشتراكي. لم يكن انطلاق ال59 صاروخا مجرد عدوان عسكري ضعيف أو رسالة سياسية فقط ،فحمل العدوان رسائل على الصعيد الإقليمي والدولي والمحلي الأمريكي يفوق عدد الصواريخ المنطلقة من المدمرات الأمريكية في المتوسط إلى مطار الشعيرات. أولا_ شكل العدوان تطورا و مفصلا مهما في التعاطي الأمريكي مع الأزمة السورية وإدارة الحرب فيها من قبل العقلية الترامبيةالجديدة في البيت الأبيض ،خصوصا أن هذه العقلية كانت تسلك نمط تفكير مختلف في طريقة التعاطي مع سورية ورئيسها الذي لم يكن رحيله أولوية بالنسبة لترامب وإدارته . قبل حادثة خان شيخون الكيماوية المثيرة للكثير من الشك والريبة من حيث الزمان والمكان ،والتي على مايبدو كان هدفها الرئيس وضع حد للتعاطي الأمريكي ذي المؤشرات الإيجابية تجاه حل الأزمة السو رية ،والتعاون مع روسيا ،المتهمة بالتنسيق مع ترامب في مرحلة سباقه مع هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض. قبل أشهر ،و بداية المئة يوم الأولى من عمر إدارة ترامب كانت عضو مجلس النواب الأميركي المنتمية إلى الحزب الديموقراطي تولسي غابارد نقلت رسالة إيجابية واستثنائية للقيادة السوري، نشر جزء من مضمونها في جريدة الأخبار في 3/4 /2017 ،وذلك قبل ساعات من حادثة خان شيخون الكيماوية وبعد أيام قليلة من انتهاء جولة جنيف 5 ،والتي حملت تقدما طفيفا .وبعد فشل هجومين عنيفين على دمشق من جهة الشرق وكذلك مع فشل هجوم آخر على ريف حماة. ثانيا – بالنسبة للعلاقة الأمريكية الروسية المعقدة والمتشابكة ،وإن لم نقل العدائية ،وكان ينتظرها الكثير من التطورات الإيجابية ،بناء على ماتم تسريبه والحديث عنه من قبل ترامب وفريقة أثناء حملته الانتخابية وبعدها فكان العدوان الأمريكي على سورية هو عدوان معنوي مباشر على روسيا .كان ممكن أن يتطور إلى عدوان مادي مباشر مع الوجود الروسي المكثف عدة وعتادا، حتى في مطار الشعيرات المستهدف . ولولا أن روسيا خبرت أو أخبرت لكان هناك احتمال أن يكون بين الشهداء جنودا روس وإيرانيين ،وهذا ما أغضب موسكو كثيرا .وما زاد من هذا الغضب هو أن العدوان الأمريكي كان مبني على كذبة أغلقت الأبواب لتفنيدها في مجلس الأمن من قبل واشنطن ولندن وباريس، وتجلى هذا الغضب الروسي ببيان غرفة العمليات المشتركة العالي النبرة والتهديد لواشنطن وعدم استقبال بوتين لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تليرسون خلال زيارته إلى موسكو بالتزامن مع تلميحات بوتين عن مغامرات أو حماقات أمريكية جديدة في الفترة القادمة ،وهذا ما يثير مخاوف كبيرة حيال تطورات وتأزم الأوضاع في المنطقة و في سورية تحديدا. ثالثا – على الصعيد الإقليمي وبربط بسيط بين المهللين والمرحبين في محور العدوان على سورية من تركيا حتى السعودية مرورا بإسرائيل وقطر والأردن وأدواتهم السوريةوبين سلسلة لقاءات ترامب في البيت الأبيض مع قادة وزعماء معظم هذه الدول .وما يجري العمل عليه تجاه إيران يشي بتحالف عربي طائفي إسرائيلي تتحدث عن الأوساط الصحافية الغربية وبعض العربية عن تشكيله وإطلاقه برعاية أمريكية لمواجهة أية تداعيات قادمة عن انتصار سورية مع روسيا وإيران والعراق على داعش وأخواتها. رابعا – على الصعيد الأمريكي المحلي يحاول ترامب وأدارته من خلال هذا العدوان على سورية كسب نقاط في معركته مع البنتاغون ووكلات الاستخبارات التي تحقق بعلاقة ترامب بموسكو ودورها في وصوله إلى البيت الأبيض ،خصوصا والكل يعلم أن ملف الأزمة في سورية هو في دوائر البنتاغون وليس في وزارة الخارجية أو البيت الأبيض .وبالتالي فهذه الخطوة تسحب من وزارة الدفاع الأمريكية ذريعة استمرار حالة العداء مع ترامب بحجة التردد والضعف في الملف السوري والتنازل لروسيا في هذا الملف ،الذي كان يعول عليه الكثير في زيادة حجم التنسيق بين الإدارتين الروسية والأمريكية.
- info@alarabiya-news.com