لم تكن الليلة سيئة. ثمة حريق ضخمٌ على صدر الجريدة. حلب تعرضُ لوحة مخلوقة بفرشاة من سخامٍ وياسمين. أنا أقسّم جسمي في منابع كثيرةٍ. لم يعجبني منظر الشحاذة السمينة وهي تقعي بباب الحانة. قدّامها طاسة دراهم وكراس دعاء، لكنها كانت منشغلة بحديث خليويّ نقّال. قلت لها صويحبتي الطيبة، إنّ منظر التلفون بيدك سيفقدكِ نصف دموع الزبائن ودنانيرهم الشحيحات. ابتسمتْ بوجهي ودسّتْ الهاتف بين ثدييها الأبيضين الناطّين مثل بضاعة ثمينة.
على الشاشة ثمة فيلم أميركي يظهر فيه ممثلون مغمورون ومزعجون. هو من الصنف الذي يقع بباب التعليم والنصح. بطلة الفيلم ذات الوجه الأصفر، تزرع شتلة وردٍ أبيض تحت شاهدة قبر أخيها. حزنتُ على منظر البنت بقوة عشرة آباء وعشيرة أمهات.
كولن كان جندياً تمَّ قنصه في العراق، كما أخبرتني الترجمة السائحة على لسان البطلة.
إنثلم الآن نصف حزني على كولن.
التفاصيل الأخرى كانت مملة ومنفرة، تشبه ملعقة عسلٍ تنزل على رقبة قائضة. قهوتي بطعم الأيام. محاولة أخرى لرشّ الحروف على صفحة البياض. حروفي تُخرج لسانها وتضحك على فكرة الدرويش الدائخ. وجهٌ بعيد يلبط اللحظة فوق الورقة. يصير المخُّ مثل معصرة زيتون تنقّطُ عند أخير الموسم.
بمستطاعي الآن أنْ أكتبَ أربعمئة كلمة وكلمة. ألف المائة مضمرة.
ألكتابة خدعة لذيذة. سيارة ملغّمة تأكل عشرة أوادم وأربعة خراف. ليس للخروف من يواسيه.
أنجلينا جولي تبكي وشيخ المسجد يكبّر. كثيرٌ من اليأس يساوي قليلا من الأمل. زرعةٌ قويةٌ تطلع من فتق الإسفلت. محاولة ميتة لكتابة قصيدة فوق وشل المكتوب.
ألكتابة عادةٌ سريّةٌ والقراءةُ نصٌّ مؤجّل والسبتُ يأتي بعد الجمعة.
عندي صديقٌ تزوّج البارحة على سنّة الفيسبوك وإخوتهِ. أرسلت إليه سلة بوسات إلكترونيات ساخنات. مجلس العزاء الإلكتروني أسهل من مجلس الخيمة المزروعة برأس الشارع. العياط قليـل والدمـع لا يكلّف صاحبه غير وسعهِ.
أنا الآن أحيا على ما أروم.