خمس محافظات ترفض خصخصة الكهرباء ووزراتها تصر على ايذاء الشعب

خمس محافظات عراقيّة ترفض مشروع خصخصة الكهرباء كونه يضر بالفقراء، الذين يشكّلون 30% من سكان البلاد، لكن الحكومة الاتحاد ية مصرّة على تنفيذه، وتؤكّد أنّ الكهرباء مدعومة بنسبة 94%.
فبعد ذي قار والمثنى وواسط والديوانيّة، انضمّت محافظة النجف إلى المحافظات الرافضة لخصخصة قطاع الكهرباء، بعد أن صوّت مجلس المحافظة على رفض تخصيص توزيع قطاع الكهرباء في النجف.
وكان مجلس النواب قد صوّت في 30 تموز 2012 على خصخصة الكهرباء، نتيجة الفشل الحكوميّ في تحسين واقعها، رغم إنفاق 22 مليار دولار خلال 10 أعوام، ويحتاج العراق إلى 30 ألف ميغاواط، بينما يبلغ تجهيز المواطنين الآن 8 آلاف ميغاواط.
واتّخذت وزارة الكهرباء في 25 كانون الثاني 2016 من منطقة زيونة وسط بغداد، تجربة أولى لتطبيق مشروع الخصخصة بالاتّفاق مع شركة “النور الثاقب” المحليّة، وخلال العام الحاليّ، اتّفقت مع شركات أجنبيّة ومحليّة على تنفيذ المشروع في أنحاء البلاد.
وقال الناطق الرسميّ باسم الوزارة مصعب المدرس، في تصريح صحفي إنّ “التجاوزات على الكهرباء أدّت إلى ضياع 65% من الطاقة المنتجة، نتيجة العشوائيّات السكنيّة المنتشرة في البلاد، كما أنّ المواطنين بغالبيّتهم يرفضون تسديد أموال الجباية البالغة مليارين و700 مليون دولار، وهي تكفي لتسديد رواتب موظّفي الوزارة لعامين”.
وأكّد أنّ “الوزارة توصّلت إلى نتيجة أنّ بقاء الوضع على حاله لن يحلّ أزمة الكهرباء، وطرحت فكرة خصخصة قطاع التوزيع الذي يهدف إلى ترشيد الاستهلاك والحصول على أموال الجباية مع ضمان تجهيز لمدّة 24 ساعة”، مبيناً أن “المشروع تم تطبيقه في بعض مناطق بغداد، وحقق نجاحاً كبيراً، وساهم في ترشيد الاستهلاك بنسبة 30% مع إنهاء الضائعات بنسبة 100%”.
وأضاف المدرس “الوزارة ماضية في تطبيق المشروع الذي تدعمه بنسبة 94%، إذ أن الكيلو واط يكلّف الدولة 180 ديناراً، ونبيعه بسعر 10 دنانير”.
وأشار إلى أن الوزارة “اتفقت مع البصرة وكركوك وسامراء وكربلاء وبابل لتنفيذ المشروع”، مبيناً أن “بعض الجهات المتضرّرة من المشروع تعمل ضدّه، وتحاول تضليل الرأي العام عبر تزوير الفواتير ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعيّ”.
من جهته، قال رئيس لجنة الطاقة النيابية آريز عبد الله، إن “مشروع خصخصة الكهرباء ما زال في طور التجربة، رغم وجود ردود أفعال معارضة له من قبل مجالس المحافظات والمواطنين”.
وأشار إلى أنّ “تجربة منطقة زيونة كانت ناجحة، لكنّ هذا النجاح قد لا ينطبق في منطقة أخرى، واللجنة ستبيّن موقفها من هذا المشروع خلال الأيّام المقبلة”، موضحاً أن لجنته “الطاقة تتابع سياسة وزارة الكهرباء التي تحتاج إلى تطوير كبير من ناحية الإنتاج”.
وتبيع وزارة الكهرباء حالياً للمواطنين الكيلو واط/ساعة بسعر 10 دنانير عند استهلاك ألف كيلو واط، وعندما يرتفع الاستهلاك إلى 1500 كيلو واط يصبح السعر 20 ديناراً، ثمّ يرتفع إلى 40 ديناراً عند وصول الاستهلاك إلى ألفي وحدة.
من جانبه، قال محافظ المثنى فالح الزيادي، إنّ “رفضنا مشروع خصخصة الكهرباء لم يكن عشوائيّاً، وإنّما عن دراسة، لقد طرحنا تساؤلات عدّة على الوزارة، منها هل سيتمّ تزويدنا بكهرباء على مدار اليوم، وهل التسعيرة تدعم الفقراء، خصوصا أنّ نصف المحافظة تحت خطّ الفقر، وهل ستدعم قطاعي الزراعة والصناعة؟”.
وأضاف “لم تجب الحكومة المركزيّة ووزارة الكهرباء على تساؤلاتنا حتّى الآن”، مؤكداً أن “لدى المحافظة حلول، بدلاً من الخصخصة، منها صيانة محطّات الكهرباء الموجودة في المحافظة لتحويلها من محافظة تستورد الكهرباء من البصرة وذي قار إلى مصدّرة للكهرباء مع تفعيل الجباية والصيانة”.
بدوره، تحدّث المواطن محمّد العزّاوي، الذي يسكن في منطقة زيونة، عن تجربته قائلاً إنّ “خصخصة التيّار الكهربائيّ رفعت أموال الجَباية، ولم تراع ظروف البلد الاقتصاديّة، فإنّ ما دفعته في الشهر الأوّل 520 ألف دينار عن استهلاك 5 آلاف وحدة”.
ونبه إلى أن “الموطن من الطبقة الوسطى لا يستطيع أن يدفع هذا المبلغ، فكيف بالفقير”.
وخلافاً للعزّاوي، فإنّ عزّام كريم الذي يسكن في منطقة اليرموك، الواقعة غربيّ بغداد، رأى أنّ خصخصة الكهرباء هي المشروع الأوّل المتميّز بعد عام 2003، وقال “كنت أدفع شهرياً للمولّدة الأهليّة 320 ألف دينار عن 16 أمبير، لكنّ الآن أصبحت أدفع بين 50 ألفاً و100 ألف دينار شهريّاً”.
أمّا أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقيّة عبد الرّحمن المشهداني، فرأى أنّ مشروع خصخصة الكهرباء مصيره الفشل، وقال إنّ “المشروع عبارة عن توزيع الإنتاج الحاليّ، الذي لا يتجاوز الـ8 آلاف ميغاواط على كلّ مناطق البلد، مقابل الحصول على أموال الجباية من قبل المستثمرين”.
وأكّد أنّ “المناطق التي لم تطبّق هذا المشروع محرومة من التيّار الكهربائيّ، مقابل مناطق تتمتّع به 24 ساعة”، مضيفاً أنه “بعد اكتمال تطبيق المشروع في عموم العراق، أزمة الكهرباء لن تحلّ، وستبقى الانقطاعات مستمرّة، لأنّه لم يجرِ أيّ تطوير في قطاع الإنتاج الذي أنفقت عليه مليارات الدولارات”.
وأوضح أنّ “وزارة الكهرباء تعاقدت في السابق مع شركات عالميّة، ولكن توقّفت المشاريع، والتعاقدات الحاليّة لن تنفّذ خلال السنتين المقبلتين بسبب البيروقراطيّة”.
يذكر أنّ وزارة الكهرباء وقّعت عقدين مع شركة “جنرال إلكتريك” في 28 كانون الثاني الماضي لبناء محطتيّ الناصريّة والسماوة لإضافة 2250 ميغاواط للطاقة الإنتاجيّة، كما وقّعت في 11 كانون الثاني مع اليابان لتطوير محطّة الهارثة بمحافظة البصرة، وفي 6 آذار الجاري، وقّعت عقداً لبناء محطّات كهربائيّة ثانويّة.
وأخيراً، يعتمد نجاح مشروع الخصخصة على كيفيّة إدارته من قبل الحكومة ودعمه باستثمارات كبرى وسريعة التنفيذ في هذا القطاع.

 

Facebook
Twitter