رواية جذابة لا يمكن أن تتركها قبل أن تقرأ آخر صفحة منها، شخصية الصحفي منجم إنسانية نادرة ورهافة المشاعر التي يحملها تدع القارئ ينصهر بحب معه ويتعاطف مع أفكاره، ضوية قصتها الصادمة كانت ستبدو أكثر إقناعا لو كان الذي اغتصبها زوج أمها وليس أباها، وهذا لا يؤثر في سياق السرد، أما هند مدرسة الجغرافيا فتبدو حكايتها مثيرة بأساها برغم واقعيتها التي بدت كأنها متخيلة، شخصية مجر كانت مثيرة بفنطازيتها وطهرها ونقائها وهذيانها،
الطفلة زينب بائعة الكعك أكثر القصص إقناعا برغم ان مشهد زيارة قبر أمها برفقة اخوانها والصحفي كان مفاجئا على متن السرد، إيفين زميلة الصحفي بدت هامشية والاستغناء عنها لا يؤثر في مسار السرد في الرواية، أما شخصية سالم محمد حسين فهي من أروع ما نسجته رواية صديقنا محمد حياوي وكانت بحاجة الى تنقيب وتعمق واهتمام أكثر من قبل الروائي، كان يمكن أن يحل سالم بدلا من إيفين بمشهد زيارة الصحفي لبيت أم صبيح في خاتمة الرواية حتى يبقى الصحفي على صلة معه وذلك أفضل من غيابه عن الأحداث فجأة، شخصية المصري أبو حسنين مصلح المدافئ النفطية جاءت قسرية برغم ان حكايته لا تخلو من لمسات إنسانية، بمعنى ان إلغاء بعض الشخصيات لا يؤثر في حبكة السرد لأنها دخلت الى متن الرواية عن طريق
المصادفة.. وأعني شخصية أبو حسنين وإيفين وحتى الطفلة زينب، فليست هناك خيوط تربطها مع مبغى أم صبيح الذي ترتكز عليه حبكة
الرواية. ومع ذلك لا بد من القول ان خان الشابندر قدم لنا لوحة تراجيدية زاخرة بالأسى، مفجعة بدمويتها تجسدت بمشهد قطع رؤوس هند وضوية وإخلاص وأم صبيح وتركها فوق أطلال خرائب ولم يذرف عليها الدمع سوى وابل المطر، نهاية صادمة تشير الى انتصار البشاعة على الجمال.. وهذا هو الواقع الذي لا يرتضيه ولا يريد أن يؤمن به الجميع. أما عن تقنية السرد بهذه الرواية فنجد ان الحوار بين شخوصها احتل مساحة عريضة من صفحاتها، كما أن الروائي لجأ الى طريقة تقليدية بإيصال ثيمة حكايا الشخوص الى القارئ وكنت أتمنى هندسة الرواية وفق بناء مشهدي متقطع حتى لا يقع السرد بالرتابة برغم عذوبته، أضف الى هفوات فنية نبهت صديقنا الروائي عنها برسالة خاصة ولم تتسع مساحة نشر هذا المقال لذكرها وتبقى رواية خان الشابندر حكاية البراءة التي نحرت فوق أطلال
خربة.