حيتان الفساد يعلنون تأييد الاصلاحات ويعرضونها بقوة سرا
الوزراء والمسؤولون الكبار الذين اشتروا مناصبهم بملايين الدولارات يرفضون مغادرتها
المتظاهرون يشددون على مطلب عزل مدحة المحمود من رئاسة القضاء العراقي
مرجعية النجف تطالب العبادي بتجاوز كل الخطوط الحمراء وضرب اجنحة الفساد والمفسدين
كتب: علي الحميد:
وائق التي تعترض خطة العبادي لدمج الوزارات واهمها رفض بعض الوزراء التخلي عن مناصبهم بعد ان اشتروها بمبالغ طائلة.
وفي موازاة تواصل التظاهرات ضد الفساد في بغداد، ومدن الوسط والجنوب، يسعى رئيس الوزراء إلى تنحية الوزراء والمسؤولين الفاسدين، وتشكيل حكومة يتقلد مناصبها ذوو الاختصاص.
الا ان هذه المساعي تقف في وجهها عقبات كبيرة، خاصة من قادة بارزين يطلق عليهم “حيتان الفساد”، حيث نجحوا في تأجيل عقد جلسة مجلس الوزراء في الخميس الماضي لإقرار الحزمة الثانية من الاصلاحات.
وكان رئيس الوزراء قد أصدر حزمة أولى من الاصلاحات يوم السبت الاسبق، تضمنت إلغاء ستة مناصب يشغلها قادة كتل بارزون، هم نواب رئيس الوزراء ونواب رئيس الجمهورية، في مقدمتهم رئيسا وزراء سابقان هما أياد علاوي ونوري المالكي، إضافة إلى رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، والقيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي، ورئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك، والقيادي الكوردي روش نوري شاويس.
وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء ، ان العبادي يحاول تجاوز عقبات من خلال استيزار أساتذة جامعات، وخبراء في مناصب الوزراء المتهمين بالتقصير والفساد.
وأوضح المصدر، مشترطاً عدم نشر اسمه، أن رئيس الحكومة سيحقق بعض رغبات قادة الكتل السياسية، المطالبة بأن يراعي أي تغيير وزاري المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية، من خلال البحث عن وزراء بدلاء من جميع الطوائف والقوميات العراقية لكن بعيدة عن الأحزاب العراقية.
وبين أن خطة العبادي تقتضي بتقليص ودمج الوزارات من 31 إلى 15 وزارة، لكن عددًا من الوزراء رفض في الإجتماعات الخاصة ترك المنصب، والسبب أن هؤلاء الوزراء اشتروا هذه المناصب من قادة كتلهم أو رعاة قوائم كتلهم الانتخابية بمبالغ طائلة يطالبون باستعادتها، اذا ما اضطروا لترك هذه المناصب، حسب تأكيده.
وأضاف المصدر أن العبادي بات يواجه مشكلة أخرى في تردد اعتذار من فاتحهم من أساتذة الجامعات والخبراء عن قبول المناصب التي عرضها عليهم.
وقال المصدر إن العبادي يتجه الى إقالة وزيري الكهرباء والموارد المائية، لامتصاص غضب المتظاهرين على تأخر الحزمة الثانية من الاصلاحات. وأضاف أن هذين الوزيرين ربما الوحيدان لم يمانعا في التخلي عن منصبيهما.
لكن المصدر توقع عدم تهدئة غضب المتظاهرين بأقالة وزيرين حيث يرتفع كل اسبوع سقف مطالبهم.
وأضاف المصدر أنه اذا ما سارت عجلة الإصلاح في طريقها الصحيح، سيكون منصب الوزير تحت الأنظار ولن يتهافت عليه الفاسدون.
وكشف المصدر أن العبادي يتسمر أمام شاشة تلفزيون خاصة، فاتحاً خطوط هواتفه مع القادة الأمنيين مساء كل جمعة يتابع تطورات التظاهرات الشعبية ويخشى حصول اختراقات أمنية أو صدامات قد تقود إلى إلى فوضى وعنف.
وقال إن رئيس الوزراء يأمل في كل جمعة أن تكون التظاهرات الأخيرة.
وأكد المصدر وجدود خلافات حزبية داخل التحالف الوطني، الذي يعد العبادي من قادته، مبينا ان الخلافات باتت داخل حزب الدعوة نفسه ومن أحزاب داخله ترفض أن تحسب الإصلاحات للعبادي، وتقود بعض الكتل الشيعية حملة ضغوط ضد العبادي لايقاف التظاهرات بمحاصراتها أو استخدام العنف ضد من يطلقون شعارات تطال قادة كتلهم.
وأضاف أن تبادل اتهامات بات يتكرر بين قادة الكتل التي لديها وزارء فاسدون أو يشغل قادتها مساكن أركان النظام السابق، في أحياء راقية من العاصمة بغداد رفضوا ومازالوا تسليمها للدولة.
وتركزت تظاهرات يوم أمس الجمعة على إقالة رئيس مجلس القضاء مدحت المحمود الذي يتهمه المتظاهرون بالفساد وعدم شرعية منصبه الذي شغله منذ عام 2003 حيث يتهمه المتظاهرون بالتغاضي ومجاملة الفاسدين، وتفسيره قوانين تخدم الساسة النافذين الذين تدور حولهم تهم فساد كبيرة.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، دعا السلطة القضائية إلى القيام بسلسلة إجراءات جذرية لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله، وتمكينه من محاربة الفساد وتكريس مبدأ العدالة بين المواطنين.
وجاء بيان العبادي بعد خطبة أمس الجمعة التي طالب فيها ممثل المرجع الشيعي السيستاني في محافظة النجف بإصلاح القضاء لأنه “يشكل ركنا مهما في استكمال حزم الاصلاح، ولا يمكن ان يتم الاصلاح الحقيقي من دونه”.
ومع مواصلة التظاهرات العراقية تعالت دعوات إلى اختيار قيادة موحدة لها من أكاديميين وناشطين من الجنسين وتحديد سقف زمني للحكومة لتنفيذ المطالب.
فقد تواصلت دعوات ناشطين عراقيين إلى اختيار قيادة موحدة للتظاهرات العراقية وتوحيد المطالب من الحكومة والعمل وفق سقف زمن يحدد مسبقًا لإنجازها. توحيد الصف ومع مرور ستة أسابيع على انطلاق التظاهرات العراقية المطالبة بالإصلاح، لم تتبلور بعد قيادة للتظاهرات في جميع تظاهرات مدن وسط وجنوب العراق.
مواقع التواصل الاجتماعي شهدت منذ السبت طلبات باختيار قيادة موحدة للتظاهر من شبان وشابات المتظاهرين، بينهم أساتذة الجامعات والأدباء من الجنسين ومن بقية ناشطي المجتمع المدني الذين يشكلون عماد التظاهرات العراقية، تجنبًا لتشظي مطالب المتظاهرين وخشية اختراق التظاهرات من قبل ميليشيات أو مندسين مدعومين من ساسة فاسدين، يخشون أن تطالهم الإصلاحات التي يطالب بتحقيقها المتظاهرون. التطور الجديد في هذه الدعوات هو دعوة المرجع الديني الشيخ آية الله محمد اليعقوبي النخب المثقفة والأكاديميين من أساتذة الجامعات وسواهم إلى دور واضح ومحوري في التظاهرات التي تشهدها البلاد.
وطالب اليعقوبي بتوحيد المطالب ووضعها على طاولة المفاوضات باتجاه بلورة مشروع وطني إصلاحي واضح المعالم، مؤكدًا ضرورة ضبط بوصلة حركة الجماهير وحماية التظاهرات من الانحراف واختراق المندسين وخاطفي الإنجازات. التشخيص قبل الحل وقال اليعقوبي خلال كلمة ألقاها أمام عددٍ من الأساتذة والأكاديميين من (مركز الإبداع) للدراسات والبحوث الاستراتيجية في مكتبه في النجف، ونقلتها مواقع صحافية عراقية ، إن “غالبية الشعب تطالب بحل المشاكل الظاهرة التي تراها أمامها، ولا تلتفت إلى الأسباب الأصلية المؤدية إليها، كما لا توجد مطالب موحدة للمتظاهرين.
فالمشكلة لا تقتصر على انقطاع التيار الكهربائي أو تردي الخدمات، بل المشكلة أكبر من ذلك بكثير، وهنا تبرز أهمية دور النخب في تشخيص جوهر المشكلة أولًا ودراسة الأسباب الأساسية دراسة موضوعية، ثم تقديم الحلول الجذرية لهذه المشاكل ثانيًا، وخذ مثالًا على ذلك مفوضية الانتخابات التي تكونت من ممثلي الكتل السياسية الكبيرة”.
وتساءل “فكيف نتصور أنها ستكون مستقلة، وقد شكلت لرعاية مصالح تلك الكتل؟، بل كيف نتصور أن الانتخابات ستمضي بشكل نزيه، ما دام المال السياسي والنفوذ والمصالح والوظائف الحكومية بيد الكتل المهيمنة، وكذلك قانون الانتخابات، الذي صمّم على مقاس المتنفذين، لكي يقطع الطريق على أي مشروع نهضوي يضم دماءً جديدة، الأمر الذي أدى إلى إعادة استنساخ الوجوه نفسها في كل عملية انتخابية، مع وجود تدجين وتخدير للشعب يساعد على سوقه إلى حيث يريد المتسلطون”.
وأشار المرجع اليعقوبي إلى أن “الحل لا يقتصر على السياسيين المتسلطين والنظام السياسي، وإنما يمتد إلى المؤسسات والجهات الساندة والمشرعنة للعملية السياسية. ودعا إلى تشكل المفوضية من جامعيين متخصصين في هذا الشأن، وبمساعدة منظمات المجتمع المدني ومساندة المجتمع الدولي”.
ركوب الموجة وأكد “ضرورة أن تكون العلاجات الإصلاحية جذرية وفعّالة، وليست شكلية أو ترقيعية، لأنها ستكون خاضعة لتأثير الفاسدين، الذين ركب بعضهم موجة التظاهرات، لتغطية مفاسده، والبعض الآخر أطلق التصريحات النارية لخلط الأوراق، لتبقى الحال كما هي، ويبقى الشعب يرزح تحت قسوة الفساد والإرهاب”.
وأضاف أن “عملية الإصلاح ليست لقلقة لسان، بل تحتاج عملًا دؤوبًا وضغطًا مستمرًا، فحركة الجماهير، وإن كانت ليست واسعة وفق المقاييس، لكنها أرعبت الفاسدين، وهزمتهم، وأجبرتهم على الرضوخ للحل، بعدما أخذت الجماهير دورها وتحركت، وقد نبهنا إلى ذلك، ودعونا إليه قبل خروج هذه التظاهرات”.
وأبدى اليعقوبي استغرابه “لتأخر حركة الجماهير وانتفاضتها، التي لم تقل كلمتها طيلة 12 عامًا مضت، على الرغم من التنبيهات المستمرة والتحذيرات المتوالية من الأخطار المحدقة بالعراق وشعبه”. وحذر “من سياسة الاستئثار ودعوات التقسيم والانفصال وتحشيد الجماهير طائفيًاً لتفكيك الائتلافات الطائفية، وأن تكون الائتلافات والأحزاب السياسية على أساس البرامج الوطنية التي تخدم الشعب”.
من جانب آخر دعا رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي مجلس محافظة المثنى إلى الإسراع في اختيار محافظ جديد خلفًا للمحافظ المستقيل إبراهيم سلمان الميالي. وكان محافظا المثنى والقادسية قدما استقالتيهما أمام وسائل الإعلام، وقالا إنهما يضعانهما على طاولة رئيس الوزراء حيدر العبادي، تاركين أمر قبولهما أو رفضهما للعبادي، الذي قال مكتبه الإعلامي إن مهمة البتّ في الاستقالة منوطة بمجلس المحافظة، الذي اختار المحافظ، وليس رئاسة الوزراء، الذي ربما أراد المحافظان إحراجه أمام الجماهير الغاضبة، حسب الناطق باسم مكتب العبادي الإعلامي.
ولإتمام رد الكرة إلى ملعب المحافظة أوفد رئيس الوزراء إلى محافظة المثنى وفدًا لمتابعة وتوضيح أمر استقالة محافظ المثنى، قال أحد أعضائه إن رئيس الوزراء يتابع باهتمام الأحداث التي تجري في محافظة المثنى”.
وأضاف أن رئيس الوزراء أوفدنا للاجتماع بأعضاء مجلس المحافظة وحثهم على اختيار شخصية تكون مقبولة بين جميع الأطراف”، مشيرًا إلى: “أن هناك إجماعًا بين أعضاء مجلس المحافظة، على اختيار شخصية تتمتع بالنزاهة والمقبولية، من دون إغفال الحق القانوني للمجلس”. وأعرب عن أمله في أن يختار أعضاء المجلس المحافظ بأسرع وقت.
وكان محافظ المثنى إبراهيم الميالي، أعلن في مؤتمر صحافي الجمعة الاسبق تقديم استقالته من منصبه.
وكان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أمر، في 28 اب 2015، بتشكيل لجان قانونية مختصة لمراجعة بيع وإيجار وتمليك عقارات الدولة في بغداد والمحافظات في المرحلة السابقة لأية جهة كانت، كما أمر القيادات الأمنية المختصة بوضع الترتيبات اللازمة لفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين، ووجه جميع قيادات العمليات والقيادات الأمنية في بغداد والمحافظات بفتح الشوارع الرئيسية والفرعية المغلقة من قبل شخصيات وأحزاب ومتنفذين.
وبينما شدد عدد من متظاهري التحرير على ضرورة إصلاح الجهاز القضائي، فضلا عن تحسين واقع الخدمات كتب الشاعر والقاص حسين القاصد في تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك “نريد اصلاحات سريعة للقضاء العراقي ومحاسبة المفدسين ومنعهم من السفر”.
واضاف ان المتظاهرين طالبوا بفتح جميع ملفات عقود الاعمار من عام 2003 لحد الان ومحاسبة المفسدين ، مع تشكيل لجنة من القضاة الاكفاء ومن ذوي الخبرة والنزاهة للتحقيق في ملفات الفساد.
كذلك كتب الناشط جاسم الحلفي في تدوينه له “نجحت المثنى حيث استقال محافظها، وفي وبغداد لازلنا ننتظر استقالة رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود”.
وفي ذي قار تظاهر الالاف من ابناء الناصرية في ساحة الحبوبي وسط الناصرية فيما تظاهر المئات في قضاء الشطرة شمال المحافظة.
واضاف ان المتظاهرين رفعوا شعارات تطالب باقالة مدحت المحمود وحل البرلمان بالاضافة الى حل مجلس المحافظة ومحاسبة المفسدين.
احد المشاركين في مظاهرات الناصرية قتيبة الموسوي قال ان “الجماهير تطالب بمنع سفر أي مسؤول حكومي، متهم بالفساد حتى لو اقيل او استقال”.
فيما تظاهرالآلاف من ابناء محافظة ميسان بكافة شرائحهم الاجتماعية والوظيفية وانتماءاتهم الدينية، الجمعة، في شارع دجلة بمدينة العمارة وسط جراءات امنية مشددة.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب باصلاح القضاء وتدعيمه بقضاة اكفاء ومهنيين وتفعيل لجان النزاهة، وتفعيل مبدأ “من اين لك هذا؟”.
وبين ان المتظاهرين دعوا الى الغاء نظام المحاصصة وتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط ، واعداد دستور جديد للعراق.
في السياق ذاته تظاهر في محافظة البصرة الالاف من ابناء المحافظة امام مبنى محافظة البصرة وسط اجراءات امنية مشددة.
واضاف ان المتظاهرين طالبوا باصلاح القضاء ومحاسبة الفاسدين واقالة محافظ البصرة ماجد النصراوي.
ونظم المئات من الناشطين المدنيين والمواطنين في كربلاء تظاهرة حاشدة في ساحة التربية وسط المحافظة، طالبوا فيها رئيس الوزراء حيدر العبادي بإعلان حالة الطوارئ وحل مجلس المحافظة.
يشار الى ان المرجعية الدينية حذرت، الجمعة، المتظاهرين من رفع شعارات “تحرف” مسار مطالبهم وتعطي “مبررات” للمتضررين من الإصلاحات الأخيرة، فيما دعت السياسيين الى الجدية في الإصلاح وتفهم مطالب الشعب .
وتزامنت دعوات إقالة المحمود مع دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي، الجمعة 14 آب 2015، السلطة القضائية إلى القيام بسلسلة “إجراءات جذرية” لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله.
ويرتبط نجاح الاصلاحات في مرافق الدولة العربية، من وجهة نظر الكثير من المحتجين، بوجود قضاء عادل وحازم، يحسم الكثير من ملفات الفساد المعلقة في رفوف الإهمال.
وأتت التظاهرة بعد حملة اطلقها ناشطون ، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يحثّون من خلالها الشارع إلى الخروج لتظاهرة سلمية أمام مبنى مجلس القضاء الاعلى في بغداد، الاثنين، للمطالبة بإقالة المحمود.
وقال مراسل “الصحيفة العربية”، في بغداد، إن عشرات الاشخاص من ناشطين وإعلاميين تظاهروا، الاثنين الماضي، أمام مبنى مجلس القضاء الاعلى في منطقة الحارثية نهاية شارع الكندي بالعاصمة بغداد، مضيفا أن “المتظاهرين طالبوا بإقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود وإجراء إصلاحات حقيقية في السلطة القضائية”.
وتتطابق مطاليب المحتجين مع دعوة الأمين العام لعصائب اهل الحق قيس الخزعلي، اللاحد الماضي، 30 اب 2015، الى المحمود إلى تقديم استقالته.
وقال الخزعلي في كلمة له خلال مؤتمر التحديات الامنية والسياسية الذي نظمته حركة عصائب أهل الحق في فندق بابل وسط العاصمة بغداد، “أدعوا وأتقدم باسمي وباسم المقاتلين، رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود الى الاستقالة”، مبيناً إن “الإصلاح يكمن في أن يقدم رئيس مجلس القضاء استقالته من جديد”.
وقال سياسي عراقي ان “بقاء المحمود في منصبه يؤجج الخلافات السياسية، مثلما يمثل تحديا لفصيل واسع من المتظاهرين”.
وفي نطاق الاحتجاجات على المحمود، كتب الناشط المدني فوزي بريسم في تدوينه له على “فيسبوك”، ان “لا اصلاح ولا تغيير ولا بناء بدون اصلاح القضاء وتطهيره من الفاسدين”.
يذكر أن السلطة القضائية الاتحادية أعلنت، الاثنين (17 آب 2015)، عن رفض أعضاء مجلس القضاء الأعلى بالأجماع طلب رئيسه القاضي مدحت المحمود بإحالته على التقاعد، في تعارض مع إعلان المرجعية، الجمعة (14 آب 2015)، إن “لا إصلاح من دون إصلاح القضاء”.
ومدحت المحمود وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى و المحكمة الاتحادية العليا في العراق، وعُين محققا قضائيا في وزارة العدل في 1960، و رئيسا للمحكمة الاتحادية العليا في 30/3/2005 وبحكم القانون، رئيساً لمجلس القضاء الأعلى.
وتقلد المحمود مناصب عدة منها إبان حكم صدام حسين حيث كان رئيساً لمحكمة الثورة بحسب مصادر إعلامية، و في 2003 عُيّن قبل بول برايمر رئيساً للسلطة القضائية.
وطيلة السنوات العشرة الماضية كان القاضي مدحت المحمود العقل المدبر لحركة مفاصل السلطة القضائية.
ويتهم متظاهرون المحمود، ولم يتسن لـ”للصحيفة العربية” التأكد من دقة هذه الاتهامات، استغلاله للنفوذ الوظيفي لتحقيق المصالح الشخصية الخاصة.
ومن وجهة نظر الكاتب حسين الحسيني، فان من “غير” الممكن إقالة المحمود الا بتشريع من قانون المحكمة الاتحادية من قبل البرلمان، ولا يمكن تشريع هذا القانون، لأن هناك من يريد توزيع قضاة المحكمة على اسس طائفية.
كما تظاهر عدد من موظفي وزارة البيئة امام مبنى الوزارة ببغداد احتجاجا على قرار دمج وزارتهم بوزارة الصحة، مطالبين رئيس الوزراء بالتراجع عن قرار الدمج ، والقيام بدلاً من ذلك بتحويل الوزارة الى هيئة مستقلة.
ونقل بيان لوزارة البيئة عن راضي هاشم علوان أحمد موظفي الوزارة المشتركين في التظاهرة قوله :”نحن مع الإصلاحات ومع الترشيق الوزاري، لكن بشرط أن يكون الترشيق مدروساً وليس اعتباطياً”.
واشار الى ان “قرار دمج وزارة البيئة بالصحة لم يكن مدروساً على الإطلاق، فبغض النظر عن مصير موظفي الوزارة لاتوجد دولة في العالم اليوم ليست فيها وزارة للبيئة، رغم أن بيئة تلك الدول لاتوجد فيها مشاكل تذكر، أما العراق فهو البلد ذو البيئة الأسوأ على مستوى العالم جراء الحروب المدمرة والتلوث الذي وصل مستويات مرعبة وفقاً لإحصائيات دولية”.
من جهته قال المتظاهر الموظف حسن فاضل :”نحن ككل العراقيين نشد على يد العبادي في الإصلاحات ولكن هل يُعقل أن يتجاهل الوزارات الخدمية الفاسدة حتى النخاع ويأتي لوزارة البيئة المفلسة التي تعمل بلا ميزانية استثمارية ليلغيها بقرار مستعجل”.
واضاف ان وزارة البيئة “لها اهمية كبرى في بلد مشبع بالتلوث والالغام ومخلفات الحروب ، ناهيك عن خطط الوزارة لإحياء الأهوار وإنقاذ الأنهار من الجفاف والتلوث ، فلماذا يكون تفكيرنا قاصراً ولانفكر بمستقبل اطفالنا الذين يتربص بهم السرطان وأمراض وأوبئة مستحدثة لم نسمع بها “.
من جانبها قالت الموظفة المتظاهرة سمر محمد :” ان أغلب المتضررين من قرار الدمج هم الإداريون الذين لايعرفون مصيرهم ولايعرفون من أين سيتقاضون رواتبهم “.
واشارت الى :” ان قرار الدمج ظاهرياً قد يكون سهلاً من خلال كتاب رسمي لايتضمن إلا سطراً واحداً وتوقيعاً ، لكن تداعيات الدمج أسوأ بكثير مما يتوقع البعض ، إذ لايمكن دمج أكثر من أربعة آلاف منتسب في ليلة وضحاها بوزارة اخرى “.
أما الموظف المتظاهر خالد علي شلال فيقول :” ان وزارة البيئة من الناحية المادية شبه مفلسة وليس فيها أبواب للفساد ، ومن هنا نشعر أن دمجها بوزارة الصحة عقاب للموظفين فقط ولاعلاقة له بترشيد النفقات أو مكافحة الفساد ” ، مضيفاً :” ان الوزارة رغم فقرها عقدت اتفاقيات مع عدد من الدول في مجال التعاون البيئي وحصلنا على مراكز مرموقة في اتحادات البيئة الدولية أهمها منصب نائب رئيس الجمعية العمومية للامم المتحدة للبيئة “.
وتابع :” ان إلغاء وزارة البيئة في بلد يعيش في أعلى مستويات التلوث يشكل خطأ فادحاً ، ففي بغداد والمحافظات الجنوبية أعداد خطيرة من الولادات المشوهة والإجهاض والسرطان ، والأعداد في تزايد مستمر “.
ورفع المتظاهرون لافتات طالبوا فيها رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتراجع عن دمج وزارة البيئة بوزارة الصحة، وتحويلها بدلاً من ذلك الى هيئة مستقلة كباقي الهيئات لتتمكن من ممارسة عملها على غرار بقية وزارات وهيئات البيئة في دول العالم .
وباتت الاحتجاجات الشعبية الواسعة على مدى الاسابيع الاخيرة الشغل الشاغل للعراقيين الذين نفد صبرهم، فيما يبدو، من تحمل اعباء الفقر وسوء الخدمات والفساد المستشري في دوائر الدولة.
ورغم ان العراق يتلقى ايرادات سنوية تتجاوز مئة مليار دولار سنويا من بيع النفط الا ان الحكومات المتعاقبة لم تفلح في تامين الخدمات الاساسية من قبيل الكهرباء ومياه الشرب.
والعراق من بين دول العالم الاكثر فسادا استنادا الى مؤشر منظمة الشفافية الدولية منذ سنوات.
وكان القصور الحكومي مثار انتقاد السكان على مدى السنوات الماضية الا ان الاحتجاجات الاخيرة تتميز بالشمولية ومحدودية الاهداف المتمثلة بمحاربة الفساد وتامين الخدمات.
وما زاد من زخم المطالب الشعبية انضمام المرجعية الشيعية الاعلى في العراق علي السيستاني للاصوات المنادية باحتواء الفساد في البلاد.
وهذه المرة وجهت المرجعية دعوتها مباشرة لرئيس الوزراء حيدر العبادي لاتخاذ خطوات اصلاحية اكثر “جرأة وشجاعة” والضرب بيد من حديد لكل من يشارك في الفساد.
وشددت المرجعية على ان مضي العبادي قدما في هذا الاتجاه سيكفل دعم ومساندة الشعب له.
وتضع تصريحات المرجعية والاحتجاجات الشعبية العبادي امام فرصة سانحة للبدء بخطوات حقيقية نحو تفكيك المنظومة الهيكيلية التي تشجع وتحمي الفاسدين في البلاد ورفع الغطاء عنهم لتقديمهم للعدالة او ابعادهم من السلطة على اقل تقدير.
وسارع العبادي للرد على دعوة المرجعية، متعهدا بالالتزام الكامل بتوجيهاتها عبر خطة اصلاح شاملة.
وقال العبادي في بيان مقتضب “اعلن عن التزامي الكامل بالتوجيهات القيمة للمرجعية الدينية العليا التي عبرت عن هموم الشعب العراقي وتطلعاته”.
كما تعهد رئيس الوزراء بالإعلان عن خطة شاملة للإصلاح والعمل على تنفيذها، داعيا القوى السياسية الى التعاون معه في تنفيذ برنامج الاصلاح.
ويرى النائب في البرلمان ووزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم ان “امام رئيس مجلس الوزراء اليوم فرصة ذهبية لضرب الفساد الذي ينخر الجسد العراقي”.
واشار الى ان “خطبة الجمعة كانت موجهة اليه مباشرة ليتأخذ خطوات جادة وفاعلة في عملية التغيير، ليتجاوز كل الخطوط الحمراء التي وضعها نظام المحاصصه المقيت”.
واضاف بحر العلوم انها “الفرصة الثمينة، ان يضرب بيد من حديد على العابثين بالمال العام، وعلى المتسترين على الفشل الذي يواجه الدولة العراقية”.
وتابع بالقول “اننا امام منعطف خطير وفرصة مواتية للبدء بخطوات فاعلة لكسر الحاجز امام فتح ملفات الفساد لاقناع الشعب ومحاسبة المقصرين اي كان. فهل ياترى سيستثمر رئيس الحكومة الفرصة؟”.
وذكر بحر العلوم انه “اذا كان التحالف الوطني جادا في اتباع توجيهات المرجعية الدينية ودعم حكومة العبادي ببرنامج الاصلاح الذي يتعهد بتطبيقه، والاستجابة لمطالب الجماهير الشعبية، فامام التحالف فرصة تأريخية لوأد مبدأ المحاصصة وانقاذ البلاد”.
وقال في تصريحات ان “على قوى التحالف اتخاذ قرار تاريخي بتقديم استقالة كافة وزراء التحالف الوطني من الحكومة، ومنح العبادي الحرية في اختيار من يراه مناسبا لتولي الوزارات تجاوزا لمبدأ المحاصصة المقيت، ويتحمل العبادي لوحده مسؤولية ادائهم”.
كما حث التحالف “على الالتزام بعدم عرقلة خياراته عند طرحها للثقة في البرلمان، انها فرصة ذهبية لقوى التحالف الوطني لتبرهن بحسن نوايا كتلها وايثارها لتجاوز المأزق الخطر الذي يواجه البلاد ودعم برنامج الاصلاح، اما الاعلان لوحده من قبل الكتل السياسية بدعم برنامج الاصلاح فهذا غير كافي ونافع لوحده”.
من جانبه دعا رئيس كتلة الدعوة البرلمانية، خلف عبد الصمد خلف، رئيس الوزراء حيدر العبادي بتحقيق الاصلاح وتطبيق توجيات المرجعية العليا.
وقال عبد الصمد في بيان ان “حكومة المحاصصة والتوافق السياسي فشلتا فشلا ذريعا في تحقيق الاصلاح ،اذ لابد من ايقاف الفساد والتمدد والتمرد على الحكومة المركزية من قبل بعض الكتل السياسية”.
واضاف ان “المعطيات تغيرت اليوم ودحرت المحاصصة والتوافقات السياسية ليحل محلها مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب وكذلك بالنسبة للقرارات”.
ودعا رئيس كتلة الدعوة، رئيس الوزراء الى “الانقلاب على كل الضوابط المنحرفة التي اجبرت الحكومة على الخضوع لها فيما مضى”.
واكد عبد الصمد على ان “المرجعية اعطت الضوء الاخضر لرئيس الوزراء ووضعت الكرة في ملعبه، ليبين المفسدين والمتأمرين من كل الكتل السياسية التي تريد السيطرة على مؤسسة الدولة، لذا يجب كشفهم للشارع العراقي حتى وان تعارضت مع وثيقة الاتفاق السياسي”.
واشار الى ان “الجماهير ستقف مع رئيس الوزراء في قراراته الخاصة بابعاد المفسدين من واجهة الحكومة، وان عزيمة الشعب لاتقهر مهما تكاتفت عليه الكتل السياسية”.
كما طالبت كتلة المواطن التي يتزعمها عمار الحكيم رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ إجراءات “واقعية” لمكافحة الفساد.
وقال عضو ائتلاف المواطن محمد جميل المياحي في بيان “ندعو رئيس مجلس الوزراء بالعمل الجاد والضرب بيد من حديد لمكافحة الفساد الاداري والمالي”، لافتا الى “ضرورة ان يأخذ القضاء دوره في محاسبة وأجتثاث الفاسدين والمفسدين في مؤسسات الدولة”.
واضاف ان “الحكيم دعا العبادي ان يسارع في عملية مكافحة الفساد وان يبدأ من الاعلى الى الادنى وان المجلس الاعلى سيكون داعما وساندا لتلك الجهود، واذ كانت هناك كتل واحزاب تعارض ذلك فنحن سنقف بكل قوة مع اجرائات الحكومة الواقعية والحقيقية بهذا الصدد”.
وبين ان “كل رجالات المجلس الاعلى في المركز او المحافظات هم مع المراقبة والتدقيق وان ثبت اي من رجالاتنا لديه تقصير نحن سنكون خصما له قبل رئيس الوزراء، لذلك التعاطي الايجابي مع ملف مكافحة الفساد وعدم تسيسه بل جعله قانوني، ذلك سيكون استجابة لمطالب المرجعية الدينية والمتظاهرين”.
وتابع المياحي “على رئيس مجلس الوزراء مصارحة الرأي العام عن الكتل والاحزاب التي تعرقل ذلك ان وجدت وعدم الاكتفاء بالعموميات”.