لم يسعف حسن العلوي انضمامه المفاجئ الى كتلة “الاحرار”، على رغم التَنافُر الفكري والسياسي بينهما، مثلما لم يعزز تسويق نفسه ممثلاُ لـ “الصوت البغدادي” من حظوظه في نيل مقعد نيابي، لينتهي به الحال عجوزاً، عارياً امام رياح النسيان السياسي.
وفي الحقيقة، ان سياسيين ومحلّلين عراقيين، رسموا نهاية العلوي قبل هذا الوقت، حين التقى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يصغره بخمسة عقود، ماسكاً بأذيال عباءته، لتجنّب الخسوف الى الهاوية.
غير ان التيار الصدري وامعانا في اذلال العلوي ومَنْ على شاكلته، حرص على وصفه بـ”البعثي التائب”.
“فأيّ هوان، بعد كل هذا “..؟، يتساءل مواطن عراقي..
لكن، هل يسأل العلوي، نفسه، وهو الذي يحلو له وصف نفسه بانه من “بقية الصوت البغدادي”، ” لماذا لم ينتخبه البغداديون فلم يحصل الا على 2574 صوتا فقط؟.
يصف مواطن بغدادي، مفسّراً خسارة العلوي في الانتخابات بأنه “انتهازي صاحب تأريخ اسود من العلاقات المصلحية المشبوهة”.
ويضيف آخر “حسن العلوي طيلة حياته النيابية، مثّل احد النواب العاجزين عن الفعل سوى الحوارات في الفضائيات والتصريحات المنفلتة”.
وباعتباره صاحب خبرة في الاعلام، سعى صاحب الشعر الابيض الى البقاء السياسي، عبر الفضائيات والصحافة ووسائل الميديا الاخرى، في فعاليات اعلامية تبقيه قدر المستطاع، نجماً سياسياُ مزيفاً.
لم يحض العلوي بين نخب التيار الصدري، الاهتمام الذي كان يتوقعه، بل تعمّد هذا التيار اعطاءه “مقداره” الذي يستحقه، حتى قال زعيم التيار رداً على ضم العلوي الى قائمته الانتخابية، “ما دام تايب ماكو مشكلة”.
ان فوبيا الافول السياسي، والعيش على الهامش، قادت العلوي الى التحالف مع الجهة التي يعتقد انها ستحميه فيما لو خسر الانتخابات، فكان التيار الصدري، الملجأ الاخير لرجل ادرك الخريف.
انه العلوي الحربائي الذي يتقلب مع الظروف والاحوال.
يقول بغدادي في امتعاض من سلوكيات العلوي “كيف انتخب شخصا مازال يفخر بعلاقته مع صدام حسين ويعلق صوره على حيطان مكتبه”.
وليس المواطنون، فحسب، بل انّ نائباً مثل محمد الصيهود، يصف حسن العلوي بـ”البعثي المتقلّب حسب الظروف التي يمر فيها العراق”.
وبالفعل فان ديْدن العلوي التقلّب، بعثياً وشيوعياً وقومياً واسلاموياً، و”كرديا” في ولاءاته، وسعودياً في “علاقاته”، وكل ذلك نتاج عقدة النقص امام الاخرين من اصحاب الشهرة، والوجود السياسي البارز.
وفي الانتخابات السابقة، ترشّح العلوي ضمن القائمة “العراقية” معتبرا إياد علاوي، الزعيم غير الطائفي، وقائمته بـ”الوطنية التي تتجاوز حدود القومية والطائفة”، لكن افول نجم علاوي قادته الى الاعتقاد بان التيار الصدري سيكون الجسر الذي يطيل من عمره السياسي.
يقول محلل سياسي “العلوي المهووس بالأضواء تخيّل ان انضمامه الى الصدري سيكون مفاجأة تزلزل الحدث السياسي، وستتحدث عنها وسائل الاعلام طويلاً، لكن امله خاب في ذلك بعدما تعوّد الجمهور والاعلام تقلباته، واجتراره للتصريحات والمواقف”.
بل ان انضمام العلوي الى “الصدري”، اثار امتعاض الشارع من التيار الذي عاب عليه ضمّه جثة سياسية، فيما يزدحم الشارع العراقي بالكفاءات، ما اضطر التيار الى تبرير ذلك بسعيه الى “التنوع” في القائمة.
لكن، الا يستحي العلوي من وصفه بـ”البعثي التائب”، لاسيما وانه اضطر الى “الصلاة” لأول مرة في حياته خلف مقتدى الصدر قبل الانتخابات بإيام، طالبا من زعيم التيار الصدري تأمين الحماية له في اثناء عودته الى بغداد.
و قمة السخرية في سلوكيات العلوي المتناقضة، يعبّر عنها احد المشرفين على صناديق الاقتراع بالقول ان “جمهور الصدري اهانوا العلوي بعدم انتخابه، فيما كانت اغلب اصواته من مناصري التيار الليبرالي”، فيالها من مفارقة.
والاغرب من كل ذلك، ان الرجل الذي انضم الى تيار اسلامي شيعي قال في ابريل الماضي ان بغداد “سنية”، وفي ذات الوقت اعتبر نفسه “سيد” لانه “علوي” ويستحق هذه التسمية.
بل ان خرفه السياسي قاده الى تصريحات اقل ما توصف بانها غير” مهنية” إعلامياً حتى وان كانت صحيحة، من مثل قوله ان حزب الدعوة الاسلامية تأسس في سوريا، والمجلس الاعلى اسسه الخميني في ايران، وحزب علاوي اسسته المخابرات الامريكية.
ويقول سياسي عراقي ان العلوي”ينتفخ العلوي مثل الضفدع، سعياً الى حجمٍ غير حقيقي و يبحث عن الشهرة عبر وسائل الاعلام، وهو يدرك جيدا ان تاريخه لا يشرّف العراقيين”.
وفي معرض هجومه على حزب الدعوة، اتّهم العلوي، الحزبَ بـ”الطائفية”، فيما ردّ عليه الحزب بانّ على العلوي ان “لا ينسى حين زار مقر الحزب في دمشق، معتذراً نادماً، يلتمس الصفح والعفو والغفران عن خدماته للشقي صدام وعصابته المجرمة” في إشارة إلى علاقة العلوي السابقة بصدام، والذي انشقّ عنه في اوائل الثمانينات، وغادر إلى دمشق التي اقام فيها حتى العام 2003، حين عاد إلى بغداد ليُنتخب نائبا في مجلس النواب بدورته الحالية.
ان خلاصة أدوار العلوي المشبوهة، تلخّصها زيارات العلوي المكوكية الى السعودية، ومدْح قادتها بين الحين والاخر والتداوي في مستشفياتها، حتى ان نائبا من كتلة “الاحرار” التي انضم اليها العلوي عشية الانتخابات، هو حسين الشريفي، كشف عن صفقة للعلوي مع النائب في كتلة “الاحرار” بهاء الاعرجي، تتضمن استلام العلوي مبلغاً كبيراً من السعودية لشن هجوم على “الشيعة” والانتقاص منهم وتلفيق التهم حول ممارساتهم العقائدية ومهاجمة حكومة المالكي.
وبحسب الشريفي فان “السعودية طلبت من العلوي التحرك لاكمال سيناريو الخطة، حيث قبض الاعرجي خمسة مليون دولار شرط تشكيله مجموعة تدافع عن العلوي وتتبنى توجهاته السياسية”.
وكانت وسائل الاعلام نشرت خبر استلام حسن العلوي مبلغاً قدره 250 مليون دولار من السعودية لمهاجمة “الشيعة” وحكومة المالكي، وتسخير فضائيات، ووسائل اعلام لذلك.
العلوي يصحو اليوم من أضغاث احلامه ، بعدما اصبح في نظر الجيل السياسي الجديد في العراق، جثة هامدة يتوجّب دفنها على وجه السرعة.