ترى هيئة الاعلام والاتصالات، ان اطلاق الرخصة الرابعة لشركات للهاتف النقال، تجعل الاتصالات “المورد الثاني” بعد النفط للخزينة الحكومية، الا ان خدمات “الاجيال الثالثة” الحالية لم تجلب للعراق الاموال التي كان يتوقعها؛ اذ تذكر مصادر عديدة ان تلك الاموال تحولت الى عمولات لجهات متنفذة، مقابل التلاعب بحزم الطيف الترددي والسماح للشركات باستخدام ترددات قديمة.
رئيس الوزراء حيدر العبادي، أعلن قبل عامين في حفل انطلاق الجيل الثالث، أنه “يجب ان تكون هناك شركة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص”، وبين وقتها، ان “الجريمة المنظمة لا يجوز استخدامها كذريعة لتحديد الحريات العامة”، وطالب بتحسين خدمات الاتصالات وتخفيض الاسعار.
وأكد العبادي، ان “دور الدولة هو اسناد القطاع الخاص وليس منافسته”، فيما دعا شركات الاتصالات الى “الاسراع في اطلاق خدمات الجيل الرابع”.
عامان مرا على اطلاق الخدمات، وغالبية المستخدمين يؤكدون ارتفاع اسعار باقات الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات، اسياسيل وزين وكورك، فضلا عن بطء كبير في تحميل الملفات وتناقلها.
ويقول وسام عبد القادر، صاحب مركز انترنب في حديث ان “التنافس بين الشركات الثلاث يكاد يكون معدوما، بسبب احتكارها لهذا القطاع، مقابل تعداد سكاني يحتاج الى العديد من الشركات لتغطية احتياجاته”.
بينما تؤكد مصادر حكومية مطلعة، ان غالبية المستحقات التي من المفترض ان تذهب لخزينة الدولة، من شركات الاتصالات، “الغيت، واستبدلت بعمولة لصالح جهة متنفذة”.
وتوضح تلك المصادر التي رفضت الفصح عن هويتها، ان نسبة “الاجر التنظيمي الذي من المفترض ان تتحصل عليه الهيئة من الشركات يبلغ 18 % من مجموع ارباح الشركات”. وهذه هي النسبة الرسمية التي من المفترض ان تذهب للخزينة كوارد اضافي يدعم الدولة، لكن المصادر، تقول ان “هذه النسبة التي تقدر بالمليارات سنويا، لم تدخل لخزينة الدولة ايضا”.
وتشير الى ان هناك خروقا أخرى، من بينها “التلاعب بحزم الطيف الترددي للشركات بعد تحولها الى خدمة الجيل الثالث”، وبيّنت انه “تم السماح للشركات باستخدام ترددات قديمة، بعد اطلاقها لخدمة الجيل الثالث العام الماضي، مقابل عمولة ايضا”.
وأوضحت، ان “استخدام الشركات لترددات قديمة وحزم ضعيفة في هذه الخدمة، ادى الى ترديها زيادة”، فيما تعزو المصادر تلك الصفقة “لابعاد الشركات عن تكبد تكلفة الترددات الجديدة، وبناء ابراج تتحمل ضغط خدمة الجيل الثالث من الناحية التقنية، فبقيت الشركات على ابراجها وتردداتها ذاتها دون تغيير”.
وزادت المصادر، ان “الخروق لم تتوقف، حيث تم ايقاف عمل لجنة كانت مهمتها فحص جودة خدمة اتصالات، ولم يعد الاعتماد على التقارير التي تقدمها بهذا الصدد، منذ اكثر من عام، كما لم تتم محاسبة أي شركة على مخالفاتها في أي مكان”.
وذهبت الى ان “بحسب عقد الترخيص لشركات زين، واسيا سيل، وكورك، كان من المفترض ان يتم طرح 18% من رأس مالها كأسهم في سوق الأوراق المالية العراقي، إلا ان شركتي زين وكورك لم تطبقا هذا البند من العقد”.
ولفتت الى، ان “يتم الان، تغريم شركة زين شهريا بمبلغ 100 مليون دينار، وبصورة ثابتة لمخالفتها تنفيذ هذا البند، دون أي اساس قانوني لمثل هذه المخالفة”، موضحة ان “الغرامة من المفترض ان تتضاعف في حال تكرار المخالفة، لا ان تكون ثابتة”.
وقالت، ان “هذا المبلغ الذي تدفعه الشركة، جعلها تؤجل طرح اسمها في السوق العراقية، كونه بسيطا جدا، مقارنة مع ما ستطرحه في السوق المالية”.
استاذ قسم هندسة الاتصالات في جامعة النهرين رؤوف عبد الله، انتقد الشركات التي تتولى تقديم خدمة الانترنت في العراق، لـ”التفاوت في جودة الخدمة من منطقة الى اخرى، إضافة الى ارتفاع اجور الخدمة قياساً بدول المنطقة، واستخدام أطياف لا تتلاءم مع الاجواء العراقية، فضلا عن استخدامها اجهزة غيرة فعالة وكثيرة الاعطال”. وذكر عبدالله ان “السياسة التي تتبعها الحكومة بقطع خدمة الانترنت غير مفهومة، حيث بالامكان قطع تلك الخدمة في أماكن محددة في حال تطلب ذلك، ما يقلل حجم الخسائر المالية”.
يذكر أن معهد ابحاث امريكي كشف يوم الأربعاء 26 تشرين الأول 2016، عن خسارة العراق أكثر من 209 ملايين دولار نتيجة قطعه خدمة الانترنت مؤقتاً 22 مرة خلال المدة من 1 تموز 2015 إلى 30 حزيران 2016 لأسباب مختلفة، مبينة أن منها إجراءات أمنية داخلية أو عمليات مكافحة الإرهاب أو لمنع استخدامه خلال امتحانات الطلبة.
من جهتها، أعلنت رئيس حركة إرادة النائبة حنان الفتلاوي، اكتمال جميع جوانب استجواب رئيس هيئة الإعلام والإتصالات صفاء الدين ربيع، مبينةً أن المتبقي فقط هو تحديد موعد الاستجواب من قبل رئيس البرلمان سليم الجبوري.
وقالت الفتلاوي في حديث صحفي، ان “الاستجواب سيكون بخصوص ملفات تتعلق بأموال كبيرة وتتعلق برخص الهاتف النقال والغرامات والضرائب ومسائل كثيرة”.
عضو مجلس أمناء هيئة الإعلام والاتصالات أشرف الدهان، اعلن أمس، عن “فرص كبيرة” من الممكن أن تجعل الاتصالات المورد الثاني بعد النفط للخزينة الحكومية، داعيا الى ضرورة إطلاق الرخصة الرابعة للهاتف النقال، فيما لفت الى أن إعادة ترميم القوانين يمكن أن يحقق إيرادات كبيرة جدا للعراق.
وقال الدهان في بيان تلقت “العالم” نسخة منه، انه “من الضروري أن تعمل الجهات المعنية وتتعاون على إطلاق الرخصة الرابعة للهاتف النقل من اجل خلق بيئة منافسة مع الشركات العاملة الآن في قطاع الاتصالات والتي توجد لدى البعض ملاحظات على أدائها”، مشيرا الى أن “الشركات الموجودة حاليا في السوق العراقية قدمت ما قدمت من خدمات لكنها لم تصل الى مستوى الطموح”.
وتابع الدهان، أن “القوانين والتشريعات ساهمت في عرقلة بعض أعمالها”، مبينا أن “وجود مشغل رابع بإمكانه أن يزيد من المنافسة في سوق الاتصالات العراقية”.
وبين الدهان، أن “نفوس العراق يتجاوز 32 مليون نسمة ولا يعمل فيه سوى ثلاث شركات في الوقت الذي لا يتعد نفوس عدد من دول الجوار والمنطقة 3 – 4 ملايين نسمة وتوجد فيها أربع أو خمس شركات للهاتف الجوال”، متسائلا “ما الذي يمنع من وجود شركة رابعة تحرك المنافسة على الأسعار في الخدمات المقدمة للمواطن والتي نفتقد الكثير منها حتى الآن؟”.
- info@alarabiya-news.com