علي السوداني
وهذا عنوان جديد جذاب ، ساحل القارىء الى فحواه ومحواه ومقصده ومهواه ، كنا استللناه من كوشر الطرفة والملحة والوجع ، فجاء – بعونه جلّ في علاه – متسقاَ منسجماَ مع سلّم وطقطوقة ” شي ما يشبه شي ” ، فأما جلال ، فهو جلال الطالباني رئيس العراق القائم حتى اللحظة ، وأما مشعان ، فهو مشعان الجبوري صاحب تلفزيون الرأي وحارث وساقي وصانع برنامجه المثير ” عالمكشوف ” الأقرب الى ” ويكيليكس رافديني عظيم ، وأما ثالثهم فهو الكاتب المفكر المجتهد المبلبل ، السومري المنبت والشآمي الهوى ، حسن العلوي صاحب الكتاب المختلف عليه ” عمر والتشيّع … ثنائية القطيعة والمشاركة ” الذي قرأته الرعية ، فأنشقّت الى مقبل ومدبر وما بينهما ، وأما رابعة العنوان فهو زعيم ليبيا العظمى الذي يعيش الليالي القائمات ، ألعن وأقسى أيام عمره ، أذ استباحت أرضه وسماءه وأمواهه ، الغربان والكواسر والأعاجم وباتت بلاده العزيزة ، لائبة فوق كف عفريت قلق . سيسأل سائل منكم ، وسائلة منكنّ عن سر ومسوغ هذه الخلطة المدوخة ، فنقول أننا كنا توكلنا وانتوينا على هذا وهذه ، بعد أن سمعنا قصتين قصيرتين لذيذتين دالّتين سلطانتين ، واحدة اندلقت من فوق لسان وحنجرة مشعان ، وزبدتها أن الرجل في سنوات المعارضة التسعينية البائدة ، كان أقرض الرئيس المعارض أوانها جلال ، مبلغاَ ضخماَ فخماَ مقداره مائتا ألف دولار أمريكاني قح ، من أجل نجدة الشغل المعترض على صدام حسين ، لكن الرئيس جلال ، وبعد أن دارت الأيام وعرّش فوق عرش البلاد ، لم يقم بأعادة الفلوس الى صاحبها المتفضل ، وكنت أنا في سبيلي – لم يقع هذا حتى الآن – لأن أقترح على مشعان أبي صقر ، تخصيص زاويتي الثلاثائية بجريدة الزمان ، للحرشة بالرئيس وتذكيره بالدين الثقيل الذي يتلولح برقبته ، وتخيلت أن الدولارات المستردة ، ستفرخ عشر مرات فوق قيمتها التي انولدت عليها أول مرة ، وحلمت أن مام جلال الذي يعيش اليوم وعياله في سبع بحبوحات وبحبوحة ، سيلبي مكتوبي العادل ، ويعيد المال الى مشعان ، فيفرح الرجل ويحتفل بأستعادة فلوسه العزيزة ، فيقوم من قعدته الدمشقية العالية ، ويشيل هاتفه الرنّان أبداَ ، ويقول لعلي السوداني ، أن ربع الحلال المستعاد سيكون من حقك وأهلك ، وما تراه من صحب صعاليك أدركتهم طعنة الأدب ، ودوختهم ركلات الأناشيد الوطنية ، فصاروا على شحة شحيحة ، وواحدهم مسلول مهزول ، وهم الى خبزهم ناطرين . أما الحكاية الثانية ، فلقد خرجت من فم العلوي حسن – عافاه الرب وطيّب ريحه وعدّل حرفه ، فأنني والله قد سمعته غير مرة ، يصب الكلام بقطارة المثاقيل كما لو أن في حلقه ماء ، وقد قصرت رقبته فتعجّل وأستعجل – وقصة حسن أخو هادي ومتيّم الجواهري ودجلة العطشان ، هو أنه كان شال جسده المتثاقل الأسبوع الفائت ، ويمم وجهه وروحه ومسبحته ، شطر بيت الرئيس جلال ، فوقع الحكي على الحكي ، والعتب فوق العتب ، وطرفة تجر طرفات ، حتى ساعة أستل العلوي ، سيف السؤال المداف بغصة العتاب المسفوح على دكة ليبيا المستباحة ، وشعبها الطيب الشجاع المهان بعربدة وغربان أنصاف الزلم والخبل أيضاَ ، فكان ما كان ، من كلام ليس فيه من جن ولاجان ، أن الرئيس قال لأخينا حسن : وحقك يا صاحبي ، أنا أدري أن معمراَ العقيد ، قد أغرقنا بعطاياه وقت الشدة التي تعرف ، وأن قلبي ليقطر اليوم ويبكي دماَ على العقيد وبلده الكريم . هذا ما فاض به الرئيس الى النائب الذي يشيل الآن فوق رأسه ، تاجاَ من ثلج السنين ، وثقل الكلام الذي لا يقال ، وقد قاله في غير مرة ومرة . تقبلوا بوساتي ودعائي المستجاب .