علي السوداني
وهذا مذهب كنا ذهبنا اليه غير مرة ومرة ، حتى صاحت الناس ، ان مرام الرجل الحيّال ومقصده ومشتهاه ، هو قراء الغفلة ، فآمنا بما قيل ، وزدنا فوق الأمر حبة ، فصار الخراج الحلال قبة ، وأفتينا بأن النص بائن من عنوانه ، والعنونة مفتاح ولوج ، وفانوس يضيء تلافيف الكلام الملغز المغيّم ، وقد أفدنا من قولة شعبية مشهورة مستلة من زمان السينما ، تفيد بأن الفلم واضح من عنوانه ، وها نحن نصنعها ثانية وثالثة ، ورايتنا الليلة ، هي علم مشتول فوق علم ، أمرأة لبنانية جميلة شاعرة ترجمان ، اسمها جمانة حداد ، ألبديعة التي سيفلّي البصاصون الطماعون ، حروف هذا المكتوب ، بحثاَ عن جسدها الذي أفتتحنا به الكلام ، فلا جدوى ولا جدّ ولا بدن ، انما هي مجلة أدبية نفسية تعنى بثقافة الجسد واسمها جسد ، كانت جمانة قد أصدرتها قبل نحو ثلاث سنوات ، وصيرناها الليلة ، فخاَ منصوباَ على باب الغواية لعلكم تقرأون . هي العناوين المثيرة التي تجر القارىء من خشمه كي يقرأ . ومما قرأت ، وما زال المقروء حياَ فوق شاشة الذاكرة ، أن ثمة ديوان شعر أنتجه سامي مهدي ، واسمه الأكيد هو ” حنجرة طرية ” ، وفي مانشيت خبر منشور تالياَ ، أن مالك المطلبي قد أمسك بحنجرة سامي مهدي الطرية ، ومن يقرأ هذه العنونة ، كان سيضع يده فوق قلبه ، وقد يعتب أو يزعل على المطلبي مالك لأنه خمط سامي مهدي من خوانيقه ، لكن الأسترسال في قراءة النبأ سيكشف ، أن الناقد كان قد نقد ديوان الشاعر ، وكفا الله الناس شر المكافش من الرؤوس والياخات والأردنة . لديّ مجموعة قصصية ظهرت ثالث سنوات تسعينيات القرن الفائت ، عنوانها ” ألمدفن المائي ” فنشر نبأ الصدور على صورة ، مدفن علي السوداني ، ولقد حمدت ربي كثيراَ ، وبست يدي ظهراَ وقفا ، لأن أمي المسكينة ليست بقارئة ، والا كانت شقت زيقها ، وخرمشت خدها وناحت ” علي يمّه الزمان اشكثر دوني ، … ” ومن الثقافة الى الرياضة ، سنقرأ ، أن النوارس تصطاد الصقور ، ومعنى الشفرة ، هو أن فريق الزوراء قد غلب فريق القوة الجوية ، أو خبر الأنيق الذي غرق في ميناء البصرة ، ومعناه هو أن فريق الطلبة البغادلي ، قد خسر من فريق الميناء المسالم . أما في باب السياسة ، فالعنوانات تكتب عارية لا تستحي ، والمعلن هو غير المضمر ، والتبويس على الشاشة ، هو الطعن بالخناجر في الدرابين الظلماء ، وحكومة الشراكة ، هي شراكة القط توم والفأر جيري ، وحماية أمريكا لمال ونفط العراق من الملاحقات ، انما هي طقطوقة ” سلّم البزّون شحمة ” ومبادرة عبود ، للم الشمل بين صيهود ومحمود ، انما هي سهرة سعيدة في العشرة الأوائل من آب اللهاب ، على رصيف شط الفاو ، والهواء شرجي الهبوب ، وبطل عرق فل ورأسه مطيّن ، والمزة حب عين الشمس مملوح بحمل بعير ، والعشاء ، سمك زوري ، والكهرباء طافية ، واللالة مدخنة ، وواحد من الجلاس ، يتلو قصيدة نثر ، وشاعر شعبي يلعب بشواربه ويخنزر بوجه الناثر المتحمس ويصيح ” تسكت لو أزورق عينك ” وثالث هو رجل أبحّ يقلد صوت رياض أحمد في موال ” ابراس أربع طرق لكعد ونادي ” ورابع ساكت ومبتسم ، وعراضة كويتية عجاجة ، تهب من بوبيان ، هوستها مصنوعة على سلّم ” لو احنه ، لو خور امبارك ” أما أنا ، فعيناي اللحظة تنغلقان بالدبق ، وموعدي معكم الأسبوع الجاي ، ومكتوب طازج ، عنوانه اليقين هو ” جسد هيفاء وهبي ” فلا تذهبوا بعيداَ حتى تبوسوا الواوا وأخواتها !!