هاجم مختصون في صناعة المسرح مسرحية “لماذا تركت الحصان وحيدا”؟ المقتبسة عن نصين للراحل محمود درويش التي قدمها المخرج العراقي جواد الأسدي.
ووصف المختصون ذلك العرض بالتهريج، بينما رد الأسدي على الانتقادات الموجهة لعمله ورمى الكرة في معسكر الجمهور الذي “لم يفهم العرض بشكل عميق” لأن تلك المسرحية ليست موجهة لجمهور “كرة القدم”، على حد تعبيره.
وقال المخرج العراقي جواد الأسدي إنه حاول أن يرمي نصوص محمود درويش على جملة بصرية موازية للنص لكي لا يقع في فخ التفسير الحرفي، فالنص يحوي طاقة للكثير من الصور والإشارات والدلالات التي تختزن شيئا شخصيا في داخل الشاعر الراحل أو له علاقة بشعره.
وفي اتصال هاتفي مع الجزيرة نت من بيروت أوضح الأسدي أن المسرحية مركبة على تمازج بين الغناء والتعبير الجسدي وموجهة لمتلقين من نوع خاص لأنها تأخذ درويش بعيدا عن القراءة الفوتوغرافية أو الأولية، وتحفر في منطقة نائية في جماليات النص وتحتاج لجمهور يمتلك مرجعية جمالية ومعرفية لفهم وتفكيك المعنى البصري.
وأوضح الأسدي أن العرض محكوم بمرجعيات المتلقي، وأشار إلى أن شريحة من الجمهور بعمان لم تكن بمستوى العرض، والكثير من المتفرجين شاهدوا المسرحية من خلفية كرة القدم “البدائية الساذجة” حسب قوله. واعترف الأسدي أن للعرض درجة من الصعوبة لأن عالم درويش غني وعميق، والموازي البصري يجب أن يكون بنفس العمق، فقد كان هناك النص الدرويشي المعلن الواضح والآخر البصري الذي ليس ليفسر درويش بل ليكون موازيا لعالمه. وخلال العرض وقف الشاعر طاهر رياض محتجا لأن “طريقة التقديم وقراءة النصوص لم تكن مناسبة مع الحركة أو الديكور ورؤية المخرج للنصوص لم تكن صائبة وهي من وجهة نظري مهينة”.
وقال رياض إن الذين حضروا العرض خرجوا مستائين بشكل فظيع لأن “العرض لم يكن في مستوى أي مسرح”، معتبرا أن الأسدي لم يستطع فهم نصوص درويش أو التعامل معها كما يليق بهذا الشاعر الكبير.
أما الناقد المسرحي جمال عياد فقال إن المشاهدين، وهم من الكوادر المسرحية المهمة محليا وعربيا، أكدوا غياب درويش الشعري وجواد الأسدي المسرحي معا عن أجواء العرض.
وقال عياد للجزيرة نت إن البداية الاستهلالية للمسرحية كانت لافتة، لكنها جاءت مغايرة عن حضور الموت في الجدارية حيث الحوار الفكري الفلسفي الذي تغيب عنه قسوة الموت وعنف اللغة المسرحية.
وما عمق نكوص المسرحية -في نظر عياد- أن المشاهد واللوحات اللاحقة ظهرت مفككة لجهة المبنى والمعنى، ذلك أن حضور أبنية من القصيدتين “الجدارية” و”لماذا تركت الحصان وحيدا”؟ لم يكن كافيا لإطلاق الزخم الدلالي الثري الكامن في القصيدتين أو التقاط نداءاتهما الخفية.
بدوره قال الفنان والمخرج خالد الطريفي إنه لا أحد يستطيع أن يمس درويش أو “يخبط على طرفه”، فقامته عالية وشعره منارة للشعراء، والأسدي نسي أن يمتطي حصان الإخراج المسرحي فامتطى شعر محمود درويش الذي لفظه ورماه بعيدا.
وأوضح الطريفي أن طريقة التعبير الجسدي لدى الممثلين لم تكن مناسبة ومنسجمة، وقال إن “ما شاهدته ليس عرضا مسرحيا بل هو عرض راقص شعري تعبيري يتضمن إسقاطات على الخلافات الفلسطينية بأسلوب الشتائم والسباب والمسكرات.
- info@alarabiya-news.com