عبد الرضا الحميد
بعض المسؤولين لصوص،
وبعضهم جحوش،
وفي مابين اللصوص والجحوش اختلط حابل المسؤولين الشرفاء الانقياء بحابلهم.
وفي مابين اللصوص والجحوش، ضاع الوطن ومفاتيحه، وانسفح دم الشعب على الطرقات وبين الاحراش، وصار الحاضر والمستقبل محض كذبتين وفريتين وبدعتين، وانهد مابقي من اركان الدولة وضاع دمه بين القبائل السياسية وامارات الطوائف ومشيخات كهوف الظلام.
اللصوص يجاهرون بلصوصيتهم، ويعلنونها حرب داحس وغبراء على سواهم من اللصوص.
والجحوش تعلن طاعتها لرئيس الحكومة بكرة واصيلا وتجدد بيعتها له في الابكار والعشيات لكنها اول من تشتمه من دون لفظ، وتسفه تعاليمه من دون كلام، وتخرج عن طاعته وبيعتها له لم تزل في اعناقها.
لم يأت اللصوص من عطارد.
ولم يأت الجحوش من زحل.
واللصوص والجحوش كما تقول سيرهم انها (ابناء بررة ومناضلون فطاحل ومضحون اوائل ) في احزاب العملية السياسية العقيم.
والاحزاب بقضها وقضيضها اختارت رئيس الحكومة، ولم يختره العطارديون ولا الزحليون، وتوجته حاكما بامر البلاد والعباد، فصدق هو ذلك واصدر تعاليمه للمسؤولين( لا تفتح صافرة في موكبك، ولا تشهر سلاحا، ولا ترم رصاصا، ولا تزعق بالناس).
لكن المسؤولين الجحوش ما سمعوا ماقال وقد سمعوا، ولا قرأوا ما كتب وقد قرأوا، وما انفكوا عن الهزء بتعاليمه ومخالفتها جهارا نهارا امام سمع وبصر قواته وقوات قاسم عطا، فمواكبهم ترج الناس رجا في انخطافها الصاروخي، ولعلعات رصاص حراسهم يصفر حذاء اذان الناس، وسبابهم وشتائمهم يستحي اسافل الناس من لفظها ولو بين انفسهم.
حدثنا عراقي ابن عراقي وعراقية قال:
كنت اقف في طابور سيارات امام احدى السيطرات فجاء موكب يزعق بصافرات ما خلق العلم ازعج منها، تواثب حراسه ببنادقهم ومسدساتهم بغية افساح المجال له، ولم تهدأ الصافرات، عجل حراس السيطرة في التفتيش حتى يخلصوا منه، ولم تسكت الصافرات، فدنوت من سائق السيارة الاولى وقلت له ( يااخي ارحم الناس في هذا القيظ القائظ واسكت صافرتك) فرد علي ( شكد تدفع) فقلت له ( يا اخي اذا انت لاتريد ان ترحم الناس فمن واجبك ان تطيع قائدك الذي منع الصافرات) فرد (منو هذا؟) فقلت (رئيس الوزراء) فرد ( شيغني؟).
وحدثنا عراقي ابن عراقي وعراقية قال:
مساء الثلاثاء الماضية كنت بسيارة تزحف كالسلحفاة امام سيطرة الاربعة شوارع في حي اليرموك، والطريق مختنق والطابور مكتظ ، حينما فوجئنا بسيارة سوداء ذات دفع رباعي مظللة تزاحمنا وتعترض طريقنا بشكل معاكس ، وبينما نحن نكاد نتوقف صدمتنا سيارة من اليسار، وطوقتنا سيارة من اليمين، وتوجهت الى صدغي عدة مسدسات، وعدة مسدسات اخرى توجهت الى صدغ السائق، ومابين دهشة مما يحدث، واسئلة انفلتت من اللسان بعفوية كان المدججون بجحوشيتهم يصرخون (ارجع ابن الكذا، ارجع او اطشر مخك)، ثم تحرك الطابور، وزعقت صافرات السيارات الثلاث بعد ان شاء احدهم ان يخلع مرآة السائق ويرمي بها بعيدا وهو يقهقه بملء شدقيه القذرين.
ترى من ينقذ المواطنين من المسؤولين الجحوش؟
يروى ان قاضيا جاء الى قصاب وطلب منه دجاجة كان قد تركها عنده رجل لتقطيعها، فرفض القصاب، لكن القاضي هدده، وقال له (اعطني الدجاجة وقل لصاحبها انها طارت ولو اراد صاحبها ان يشتكي فليفعل وانا سأبرئك) فاخذ القاضي الدجاجة ومضى، ولما جاء صاحبها واخبره القصاب بطيرانها شهق متسائلا( لكني جلبتها لك مذبوحة فهل المذبوحة تطير؟) ثم اخذ القصاب الى القاضي ليحكم بينهما وفي الطريق رأيا مسلما ويهوديا يتخاصمان، فتدخل القصاب للفصل بينهما ودخل اصبعه سهوا في عين اليهودي ففقأها، وجر الناس القصاب للقاضي ايضا، ولخشيته من العقوبة بقضيتين فر من الناس ودخل جامعا والناس تلاحقه، وصعد المئذنة، ثم قفز منها فسقط على شيخ عابر فمات، فخف ابنه مع صاحب الدجاجة واليهودي بالقصاب الى القاضي وقد صارت عليه ثلاث دعاوى.
وامام القاضي مثلوا، وبعد ان عرض صاحب الدجاجة شكواه قال القاضي ( نعم تطير الدجاجة وهي مذبوحة فقد قال الله انه يحيي العظام وهي رميم فهل الرميم يحيى والدجاجة لا تطير؟)، ثم عرض اليهودي شكواه فقال القاضي له ( ان دية المسلم للكافر النصف، ولانه لا توجد نصف عين فدع القصاب يفقأ عينك الثانية كي تفقأ انت احدى عينيه) فترك اليهودي شكواه وخف هاربا، ثم عرض عليه ابن الشيخ الميت شكواه فقال له القاضي( اصعد الى المئذنة واقفز على القصاب) فرد ابن الشيخ( واذا تحرك القصاب يمينا ويسارا وسقطت على الارض ومت) فقال له القاضي (هذه مشكلتك انت فلماذا لم يتحرك ابوك يمينا او يسارا؟).