ثلاث قصص قصيرة جدا عبدالواحد محسن

(محطات الذكرى)

 

راهن انه سيسبق الايام ويغلب قطار العمر..اعتلى صهوة جواد الزمن فارسا يحلم بالليالي القمراء وغابات الضوء وبساتين القداح..يمتطي جناح الريح في النهار ويعتلي ظهر الامنيات في الليل..يصعد السلالم قفزا ..يصافح محطات العمر ويترك عند كل محطة وردة حمراء..يرسم شبابيك ملونه وحللا من ضوء وبهاء يسامرها في لياليه الطويله..يداعب اوتار العود ويعلو صوته باغنيات الامس واليوم والقادم من الايام.
وحين دار الزمن دورته وهرعت الايام عجلى نحو قطار العمرالذي يجري علم انه خسر الرهان فانزوى مهموما يلوم النفس عند محطة كسيرة من محطات الذكرى.

 

(ماء الحياة)

 

تواترت في خياله حكايات السنين . .أبحر في قارب من ضوء.. يقطع السكون بأغنية عن الصبر.. يبحث عن ماء او عشب يغسل دمه من دبق السكر.. عاشر المر وصاحب العرافين والعشابين ..صام كالناسكين وسار كالحداة اياما ..طرق كل سبل الاساطير وأخبار الاولين والاخرين ..ايقن من لاجدوى البحث فالسكري يبني مراتع وخياما في دمه.
في واحة مخضره صادف مغنيا جوالا يبيع ماء الحياة ..يطلق المواويل عن الصبر ويبحر عبر اشرعة من خيال نحو عالم تحلق فيه طيور ملونه بلون الحياة السرمديه ..اقترب منه واغترف غرفة بيديه من ماء الحياة ..حلق في سماء الواحه منتشيا ..تحللت جزيئات السكر من دمه وتبخرت في الهواء..اخذ بيد المغني وراح يدبك معه طربا على وقع اغنية خضراء الكلمات وردية اللحن.

 

(طيف من زمن مضى)

 

حين اراد ان يطوف في شعاب الروح التقى بطيف من زمن مضى .. يمم وجهه نحو بقاع اخر في فضاءات نفسه.. برز له الطيف اكثر اشراقا..وجه بلون سنابل الحقول وعينان تغفو عند حدودهما كل سلالات الجمال وشعر بسواد ليل هائم في مساء سطع فيه القمر.
هرب نحو زوايا مظلمة من حدائق وغابات الروح.. اغلق عليه الطيف كل المنافذ..لم يجد غير ان يستسلم لهوى النفس الذي كان قد ردعه بالامس البعيد وذهب في عناق روحي حميم مع طيف من زمن مضى.

 

 

 

 

Facebook
Twitter