أحزاب التسول السابق ترفض إقرار قانون الأحزاب
وقع 79 نائبا طلبا لرئاسة البرلمان العراقي، يطالبون فيه بإقرار قانون الأحزاب الذي اقرته الحكومة واحالته للمجلس. والقانون يضع ضوابط سياسية ومهنية ومالية على تشكيل الأحزاب في العراق التي تجاوز عددها الحد المعقول في بلد اصبح فيه تشكيل الحزب ظاهرة مألوفة بين الناس، لعدم وجود قانون ينظم الحياة الحزبية والسياسية.ويواجه القانون اهمالا وعدم اهتمام من قبل الغالبية البرلمانية المؤتلفة في احزاب شتى، وجدت فيه اذا اقرته شروطا لا يمكن تحملها. فالقانون في اهم مواده يشترط على كل حزب يريد الترخيص لعمله ان يكشف مصادر تمويله امام الجهات المسؤولة والرأي العام، وبالأخص امام هيئة تنظيم الأحزاب التي تتمسك بهذا الشرط. وبما ان الأحزاب الرئيسية العاملة الآن في العراق تتحفظ كثيرا على الكشف عن مصادر تمويلها، فإنها تتماهل في التوجه لإقرار القانون. ومعظم الأحزاب في الائتلافات الحكومية القائمة، كانت تعمل في المنفى قبل الاحتلال، وكان اغلبها يعمل بامكانات مالية محدودة، وبعضها يعاني من ضيق مالي شديد لايتيح له الاستمرار ببعض الفعاليات الضرورية مثل الاستمرار باصدار صحيفة متواضعة.ولكن بعد الاحتلال، وعودة هذه الأحزاب للعمل في الداخل، أصبحت هي المستفيد الأكبر من الفوضى والفساد اللذين غلبا على الحياة السياسية في العراق. وبمرور سنوات قليلة ظهر الثراء الفاحش على معظمها الذي هو الآن ضمن اطار تحالفات السلطة، وحكوماتها المتعاقبة منذ عهد بريمر الأول.وبموازاة ذلك باتت تلك الأحزاب الرئيسة تملك اموالا طائلة، فيما اصبح بعض قادتها يملكون استثمارات مالية داخلية وخارجية هائلة بمئات الملايين من الدولارات. وهي ظاهرة مالية طفيلية يعزوها البعض الى ما أصاب الدولة العراقية من هدم وتفكيك، بحيث تحولت الى قطع غيار سكراب متناثرة، استحوذت عليها تلك الأحزاب. وتزامن ذلك ايضا مع نشاط تجارة تهريب النفط والمشتقات البترولية والممنوعات الأخرى التي استمرت بإدارة وحماية مليشيات تابعة لبعض تلك الأحزاب.وفي المقابل اصبح من السهولة عليها امتلاك قنوات فضائية ومقار فخمة، وأن تنفق الملايين سنويا على مؤتمراتها ونشاطاتها الداخلية، وأن توظف الفائض المالي لديها في قنوات استثمارية اخرى، بعد ان كانت قبل سبع سنوات عاجزة عن الاستمرار باصدار جريدة كلفتها الشهرية 3 آلاف دولار.هذا الثراء الفاحش لابد وأن تكون له مصادر، ينص القانون على كشفها من قبل الحزب الذي يروم الحصول على ترخيص بمزاولة عمله. لكن هذا الكشف سيفضح مصادر التمويل، وبالأخص المصادر الخارجية، مما يضع الحزب في حرج سياسي يفقد فيه شرعية تأسيسه، حيث تنص مادة اخرى في القانون على ضرورة عدم الارتباط بجهة خارجية.قانون الأحزاب مضت عليه سنتان بين الأخذ والرد والإهمال. فالأغلبية الحزبية في البرلمان كما يبدو تعزف عن الاقتراب منه، أو تحريكه. فهؤلاء لايريدون الفضائح. وهم يعتبرون عدم الشفافية وتجنب الفضائح هي «الستر» من الله تعالى. و «الستر» من هذا النوع في الحياة السياسية العراقية نعمة فضيلة. وما اكثر الفضائل في البرلمان العراقي