توقيف قضاة وسفراء فاسدين وحجم الفشل في حكومة المالكي يثير غضب العراقيين

أثار إعلان هيئة ‘النزاهة’ المسؤولة عن مكافحة الفساد في العراق، وقف نحو مئة موظف كبير عن العمل، بينهم قضاة وسفراء، بشبهة الفساد المالي في العام الماضي، خفيظة العراقيين حول حجم الفساد المستشري في أوصال الدولة العراقية، من خلال تورط كبار المسؤولين في تلك العمليات، وهو ما يلقي بظلاله على الوضع الإداري والمالي في هذا البلد الذي مزقته الحرب والتطاحن السياسي وسط تدن عال بالخدمات وضياع حقوق الملايين من المهجرين داخل وخارج العراق.
ويصف رفعت النجار الناشط في مرصد العراق للدراسات والبحوث الإستراتيجية ‘ان الفساد والمحسوبية في العراق شكلا ازمة عالية المستوى تهدد المجتمع بشكل كامل وتضع توقعات المستقبل والخطط التي تهدف لبناء رؤية واضحة في مهب الريح’، وتابع ان السرقة جريمة يعاقب عليها القانون وان أدوات القانون دائما بيد السلطة التنفيذية فإذا كانت السلطة التنفيذية هي التي تسرق الشعب باسم القانون ووفق ما يتيح لها من طرق تجعل من مكانة العراق في أسفل الدول التي تعاني من الفساد.
وطرح النجار معادلة تبين فظاعة الفساد الإداري في بلد يعيش على بحيرة من النفط،موضحا بالقول ‘في العراق يباع النفط الابيض للمواطن بـ 100دولار في حين ان سعره دوليا كنفط خام لا يتجاوز 80 دولارا في حين يباع برميل البنزين بـ70 دولارا فيما يباع برميل الكاز للفلاحين وأصحاب الحافلات الضخمة ومولدات الكهرباء بـ110 دولارا فإذا جمعت معدلات البيع تجد ان موفور الأموال تكفي لتوزيع رواتب العاملين على قطاع النفط وتمويل مشاريعها، فيما تبقى واردات النفط الذي يصدر في خزينة الدولة بينما يبقى المواطن في حيرة من امره من اجل لقمة عيش تعجز وزارة التجارة التي يقودها المالكي الان بشكل مباشر من توفير اربعة مواد من اصل 11 مادة تحويها البطاقة الغذائية’.
وكانت الهيئة قد أعلنت الخميس الماضي أنها أحالت خلال العام المنصرم 1083 متهما إلى محكمة الجنايات بتهم ‘الفساد المالي’، وقالت إن ذلك كان ضعف الأعداد التي تمت إحالتها إلى القضاء خلال الأعوام الماضية.
وفي 17 آذار/مارس، أعلنت إحالة 356 متهما بالفساد إلى القضاء خلال شهرين، كما أصدرت أكثر من 400 مذكرة للقبض على آخرين بينهم 18 مديرا عاما وأربعة بدرجة وزير.
من جانب اخر حدد الباحث في التنمية البشرية عبد الجبار عبد القهار أسس الفساد التي يقوم في العراق، معتبرا أن وضع اليد على (المال العام) والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب في الجهاز الوظيفي من قبل المسؤولين الذين ينتمون الى الاحزاب الحاكمة والتي تقدم القرابة على الكفاءة ومبدأ (تكوين المستقبل).
وهذا النوع من الفساد يمكن تسميته بـ(الفساد الصغير) وهو مختلف تماماً عما يمكن تسميته بـ(الفساد الكبير) المرتبط بالصفقات الكبرى في عالم التجارة والمقاولات التي يسطر عليها القريبون جدا من المالكي. من جهته، اعتبر رئيس هيئة النزاهة العامة، ان عمليات التحقيق التي اجرتها الهيئة خلال العام الماضي تعادل عدد التحقيقات التي اجرتها الهيئة خلال الاعوام الخمسة التي سبقتها، مشيرا الى إحالة اكثر من 1300 من المتهمين إلى القضاء العراقي.
وأضاف ان العراق ‘صادق على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2007، وان جزءا من التزاماته تجاه الاتفاقية يتمثل بوضع سياسات لمعالجة الفساد في البلاد’، مشيرا الى ان العراق ‘وضع استراتيجية لمكافحة الفساد.
يشار إلى أن لدى هيئة النزاهة المرتبطة بمجلس الوزراء مديرا عاما في جميع الوزارات وظيفته مراقبة سير الأوضاع في تلك الوزارة والإشارة إلى الانتهاكات التي قد تحصل فيها
من جانب اخر حذر مراقبون اقتصاديون من تنامي ظاهرة غسيل الأموال في العراق التي شجعتها الظروف السياسية والامنية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ويقول محمد فؤاد الجوهر والذي يدير مؤسسة حسابية في بغداد: ان عمليات غسيل الأموال من الجرائم المرتبطة بأنشطة جرمية أخرى ولا يمكن ان تستمر بدون غطاء حكومي نافذ كون العراق يدار من وحدات حسابية حكومية او شبة حكومية خاضعة لرقابة الحكومة وهي بذلك قد حققت عوائد مالية غير مشروعة، تسعى لإسباغ المشروعية على تلك العوائد او ما يعرف بالأموال القذرة، كما تبين في قضية عقود وزارة التجارة وغيرها من ملفات الفساد التي كشفت عنها امريكا مؤخرا، مضيفا ان ما يساعد على الاختلاس هو الفساد الاداري والرشى المستشري في المفاصل الحكومية

Facebook
Twitter