عندما مدد البرلمان فصله التشريعي الثاني لشهر آخر، قبل ان يعود لإنهائه بطريقة مثيرة للجدل لجهة قانونية هذا الإجراء، كانت الآمال معقودة على استكمال الكابينة الحكومية التي توقفت بعد اقتحام انصار التيار الصدري للبرلمان نهاية نيسان الماضي.
إلا أن شهر التمديد بدأ كما انتهى دون ان يتمكن رئيس الحكومة حيدر العبادي من طرح اسماء وزراء جدد، او حتى ان يؤدي الوزراء الخمسة، الذين صوت لهم البرلمان في جلسة 26 نيسان، اليمين الدستورية.
وتوقع اكثر النواب تفاؤلا ان يتم ركن التعديل الحكومي على الرف لحين عودة البرلمان المنقسم الى حالته الطبيعية، بعد ذلك تبدأ الكتل التفاهم حول شكل الحكومة مرة اخرى.
ولن تستأنف جلسات البرلمان مجددا، إلا بعدة سيناريوهات: اعلان المحكمة الاتحادية، التي تنتظر قرارا سياسيا وهي تنظر بشرعية جلستي (14 و26 نيسان) قرارها النهائي.
أما السيناريو الثاني لانعقاد البرلمان، فيتمثل بإبقاء الامور معلقة حتى مطلع تموز القادم، موعد بداية الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب.
حتى ذلك الوقت سيبقى البرلمان منقسما الى فريق متمسك بسليم الجبوري، وآخر معارض، وثالث يربط عودته باختار “حكومة تكنوقراط”، كما هو الحال مع التيار الصدري.
ويتمثل السيناريو الثالث لالتئام البرلمان بالدعوة لـ”جلسة استثنائية”، وهو امر مطروح، بطلب من احدى الرئاسات الثلاثة او طلب يقدمه 50 نائبا.
بموازاة ذلك سرقت معارك تحرير الفلوجة، التي تتواصل منذ ثلاثة اسابيع، الاضواء من الازمة البرلمانية. ويقول حسن خلاطي، النائب عن كتلة المواطن، بان “العطلة التشريعية للبرلمان، ستكرس لمساندة القوات التي تقاتل داعش في الفلوجة”.
لكنّ النائب عن الجبهة فاضل الكناني، قال في تصريحات صحفية ، إن “جبهة الاصلاح ناقشت خيارين بشأن جلسة البرلمان الاخيرة، منها المشاركة في جلسة يترأسها أحد النواب باستثناء سليم الجبوري أو المشاركة في الجلسة كمعترضين”. وكشف أن “15 نائباً اختاروا الخيار الثاني وسيحضرون جلسة اليوم (الثلاثاء) كمعترضين”.
لكن اللويزي ينفي دخول هذا العدد الى الجلسة الاخيرة، مشددا على ان “نائبين اثنين فقط هما من شارك في الجلسة وهو كل من النائب عبدالعظيم العجمان، وطالب الخربيط”، عازيا دخولهما هذه المرة الى “ضغوط اجتماعية”، بحسب وصفه.
والنائبان العجمان والخربيط، هما عن تحالف القوى. الاول يعتبر ممثل البصرة. وقرر الحزب الاسلامي، في نيسان الماضي، فصله من صفوفه اثر انضمامه الى مجموعة النواب المعتصمين. ويمثل النائب الثاني محافظة الانبار التي تشهد عمليات عسكرية في الفلوجة.
بالمقابل كشف النائب عن التحالف المدني الديمقراطي فائق الشيخ علي، في تغريدة نشرها في توتير، ان 7 نواب من جبهة الإصلاح دخلوا جلسة البرلمان .
الشيخ علي، الذي انضم الى فريق المعارضة، قال في تغريدته، موجها كلامه لنواب الجبهة الذين حضروا الجلسة: “نواب الإصلاح السبعة الذين حضروا جلسة الثلاثاء لمجلس النواب من الزملاء: أنتم لم تحققوا النصاب، ولم تكونوا بحاجة إلى هذا الموقف الضعيف أصلا”.
لكنّ النائب عبدالرحمن اللويزي، اعتبر ما يحدث بانه محاولة من “فريق الشرعية” للتغطية على الفشل في تحقيق النصاب القانوني للجلسات. وانه يهدف للضغط على “المحكمة الاتحادية” للتخلي عن النظر في الدعاوى التي رفعتها جبهة الاصلاح ضد البرلمان.
وانتقد عضو جبهة الاصلاح اعلان رئيس البرلمان انهاء الفصل التشريعي، بعد يومين من اعلان تمديده، كما اعتبر “تحويل جلسة الثلاثاء من تشاورية الى استثنائية بانه يثبت ارتباك المجلس”.
لكن عضو اللجنة القانونية النائب حسن توران يدافع عن تمديد الفصل التشريعي وانهائه. ويقول بان “تمديد الفصل الثاني للبرلمان، لمدة شهر واحد، وانهائه في 30 أيار كان امراً قانونيا”.
وعزا عضو الجبهة التركمانية ذلك الى “وجود اخطاء في احتساب بداية الفصل التشريعي تم تداركها في اعلان انتهاء الفصل”.
وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري، اعلن في منتصف ايار الماضي، تمديد الفصل التشريعي لمدة شهر واحد، قبل ان يصوت عليه البرلمان يوم الثلاثاء الماضي.
في هذه الاثناء تستعد جبهة الاصلاح لطلب عقد جلسة استثنائية للبرلمان، بعد ان تصدر المحكمة الاتحادية قرارها. ويتوقع ان تطرح الجبهة مشروعاً لاختيار رئاسة جديدة للبرلمان، الامر الذي قد يؤدي الى إلغاء التصويت على 5 وزراء جدد قدمهم رئيس الحكومة في نيسان الماضي.
ويقول النائب صلاح الجبوري، القيادي في تحالف القوى، “لايمكن الحديث الآن عن تعديل حكومي وسط الانقسام في البرلمان”.
ويرى الجبوري، ان “رئيس الحكومة خلق مشكلة من العدم عندما اختزل الاوضاع في البلاد بتغيير الوزراء فيما كان الفساد يضرب في جذور المؤسسات، وفي آلية عمل الحكومة”.
وكانت انباء قد تسربت مؤخرا، عن اصطحاب رئيس الحكومة حيدر العبادي لوزيرين من وزرائه الجدد الى جلسة يوم الاحد، لغرض تأدية اليمين الدستورية.
وفيما تحدثت بعض الاطراف عن وجود صفقة سياسية لايقاف “التعديل الحكومي” مقابل عودة جزء من النواب المعتصمين، اشارت اطراف الى طلب بعض كتل سياسية تأجيل مراسيم تحليف الوزراء الجدد الى حين حل المشاكل دفعة واحدة.
وفي هذه الاثناء عد مراقبون سياسيون تعطيل البرلمان هروبا من المسؤولية الوطنية ومحاولة لتفريغ الازمة الشخصية التي تواجه رئيسه سليم الجبوري في وقت يواجه فيه العراق حربا ضروسا ضد الارهاب وكان الادعى بالبرلمان الغاء عطلته التشريعية وانهاء الازمة الدستورية والمشاكل التي تثقل كاهل الوطن ومنها الكابينة الحكومية الجديدة والفساد.