رغم أن الحكومة العراقية لم تزل (حتى ساعة طبع الجريدة) تلتزم الصمت حيال قضية مقتل عزة الدوري نائب رئيس النظام العراقي السابق ووزارة خارجيتها تشير إلى عدم تأكدها من جثة القتيل الذي يحمل سمات وجه الدوري ووشم يده ، إلا أن كتلة (الصادقون) النيابية التابعة لحركة أهل الحق (عصائب أهل الحق) جددت تأكيدها على أن عينات فحص حامض الـ DNA ستؤكد أن القتيل الذي أعلنت الحركة عن مسؤوليتها عن عملية قتله هو الدوري نفسه.
وقال نائب أمين حركة أهل الحق حسن سالم خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى مجلس النواب العراقي إن “العملية النوعية الخاصة بمقتل عزة الدوري نفذها فريق المهمات الخاصة لعصائب أهل الحق صباح الجمعة الفائت بعد توفر المعلومات الاستخبارية”.
وبين سالم أن الدوري ورغد ابنة صدام حسين كانا في تكريت لكن التدخل الأميركي سمح بفتح منافذ آمنة لخروجهما مع الكثير من قيادات جماعة الدوري والنقشبندية و(داعش)”.
كما أضاف سالم أن الجهد الاستخباري لفريق المهمات الخاصة استمر برفد المعلومات من دون توقف وتوصل لوجود مجموعة إرهابية تضم 15 إرهابيا وتم في أثرها تشكيل مجموعتين من مقاتلي العصائب بإشراف فريق المهمات الخاصة ودخلت في اشتباكات استمرت لمدة ثلاث ساعات وتمكن الفريق من قتل جميع الإرهابيين وبينهم عزة الدوري وتم تسليم الجثث إلى هيأة الحشد الشعبي.
ولفت سالم إلى أن نتائج فحص الحمض النووي ستثبت هوية جثة الدوري، واصفاً العملية بأنها نصر للعراقيين والحشد الشعبي ولفصائل المقاومة والعشائر الأصيلة والقوات الأمنية.
فيما أوضح سالم أن المقتنيات التي حصلنا عليها بعد انتهاء العملية تضم مسدساً شخصياً للدوري وهاتفاً نقالاً سلمت إلى عناصر استخبارات المقاومة الإسلامية لعصائب أهل الحق.
هذا وكشف مصدر خاص في قوات الحشد الشعبي العراقية عن احتواء الهاتف النقال للدوري على تسجيلات لمكالمات مع سياسيين عراقيين.
وقال المصدر “إن الهاتف النقال الذي تم العثور عليه مع جثة القتيل احتوى تسجيلات لمكالمات هاتفية بين صاحبه وشخصيات سياسية عراقية كبيرة، وإذا ما تم تأكيد هوية القتيل وثبت أنه عزة الدوري فإن تلك التسجيلات ستحدث هزة عنيفة في العملية السياسية الجارية في العراق ذلك أن تلك التسجيلات تؤكد ضلوع الشخصيات بشكل مباشر وغير مباشر في دعم العصابات الإرهابية وفي احتلال الموصل وصلاح الدين من قبل داعش”.
ولمح المصدر الى محاولات سياسية استباقية تجري الان في الاروقة السياسية العراقية لاحتواء تفاعلات تلك الفضيحة عند ثبوتها كي لا تؤثر على عمليات تحرير مدن الانبار وصلاح الدين ونينوى.
اثار مقتل عزة الدوري على ايدي مقاتلي الحشد الشعبي، وفي مقدمتهم “عصائب اهل الحق”، جدلا عراقيا وعربيا، ليبرز من جديد الحدود الفاصلة بين فريقين، الأول ضحايا النظام السابق الذين اعتبروا مقتل الدوري، انتصارا للشهداء والمعتقلين، وارامل الحروب العبثية ، والثاني، ازلام النظام السابق من عراقيين وعرب اغاظهم مقتل الدوري.
ومن تداعيات مقتل الدوري، اتهام الخبير العسكري المتقاعد المقيم في العاصمة البريطانية، وفيق السامرائي، مسعود البرزاني بإيواء عزت الدوري ومجموعه من كبار جناح الدوري في أربيل مؤكدا على ان “السلطات العراقية لديها علم كامل بتفاصيل هذا الامر”.
وكانت كتلة صادقون التابعة لحركة اهل الحق (العصائب)،اعلنت مسؤوليتها عن العملية النوعية التي ادت الى مقتل نائب رئيس النظام السابق عزت الدوري، واشارت أن عينات الـ(DNA) ستؤكد هويته”
وفي حين أكدت الكتلة أن ابنة رئيس النظام السابق رغد صدام حسين، كانت موجودة في مدينة تكريت أفادت الانباء المتواترة ان رغد ابنة صداماعلنت انها مستعدة لدفع اي مبلغ مادي مقابل تسلم جثة ما تسميه بـ(الاب الثاني) عزة الدوري.
وكان الدوري ظهر في الرابع من الشهر الجاري في تسجيل مصور، قدم فيه الشكر للأردن لموقفه من رجال الطريقة النقشبندية، واستنكر حرق الطيار الكساسبة.
وكان القيادي في التيار السلفي الاردني محمد الشلبي المعروف بـ “أبي سياف”، قال الأسبوع الماضي، إن “حزب الدوري خارج عن الإسلام وأشد خطورة من عصابة داعش على المسلمين”.
لكن المحلل السياسي والكاتب زهير الدجيلي قلل من أهمية مقتل الدوري، مشيرا الى ان “عزة الدوري ليس صاحب تأثير فعلي على نفوذ داعش ودوره يقتصر على تأييد التنظيم”.
وفي اطار ردود الأفعال على مقتل الدوري، أوردت انباء عربية وعراقية ان “عشائر الدور طالبت وزارة الدفاع العراقية تسليمها جثة نائب الرئيس السابق عزة الدوري والذي قتلته قوات الحشد الشعبي في منطقة حمرين شرق تكريت”، مشيرة الى ان “اكرام الميت دفنه”.
وكان قد كشف منسّق شؤون العشائر، في “جيش الطريقة النقشبندية”، نافع عبدالله الدوري، وعمل مع عزة الدوري نائب الرئيس العراقي الأسبق المخلوع، عن التنسيق بين تنظيم داعش الإرهابي وجيش الطريقة النقشبندية الإرهابي أيضا، للهيمنة على مناطق صلاح الدين.
واعترف نافع الدوري الذي كان يعمل في سرية الواجبات الخاصة بعزة الدوري في زمن النظام العراقي السابق قبل 2003، وهو أحد أقرباء عزة الدوري ومن أبناء عشيرته، بالتنسيق بين داعش والطريقة النقشبندية حتى دب الخلاف بينهما بعدما زادت هيمنة داعش في المنطقة.
وكان نافع الدوري قد تعرف على جثة عزت الدوري، بعد مقتلة على ايدي افراد الجيش الشعبي في عملية نوعية، السبت الماضي،حيث سلمت جثته الأربعاء الماضي في بشكل رسمي الى الحكومة العراقية.
وأضاف نافع الدوري ، ان لقاءه بعزة الدوري بعد فراق طويل كان في حزيران 2014، سمع خلاله حديثا من عزة الدوري عن أن داعش سيقوم بتطهير المنطقة، وبعدها تقوم العشائر باستلام إدارة المناطق لان داعش ليس لها نفوذ بين “الدول العربية”، على حد تعبيره. وربما كان يقصد ان الأنظمة العربية المجاورة لاتحبذ سيطرة داعش على المدن الغربية.
وأضاف “كان دورنا أن نثقف عشائرنا على هذا الموضوع وأن نهيئهم للتطورات المقبلة”، مشيرا الى “ثقل جيش الطريقة النقشبندية يتركز في الحويجة”.
كما كشف المتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله جعفر الحسيني، عن تعرف معتقلين سابقين على جثة عزت الدوري.
وقال الحسيني في تصريح صحافي، إنه “كان هناك ملف لدى كتائب حزب الله عن تحركات عزت الدوري، وهناك شخصين معتقلين سابقين تعرفوا على الجثة حيث التقوا به قبل ستة أشهر في منطقة جلام الدور”.
وأضاف أن “عملية قتله تمت بعد ورود معلومات تشير إلى تحرك ثلاثة مسلحين خلف معمل الغاز، وتحركت عليهم ثلاث سيارات تحمل مقاتلي العشائر فضلا عن سيارتين لمقاتلي سوات، وتم قتل جميع المسلحين وتبين لاحقا أنهم تسعة”.
وأوضح أن “احد شيوخ العشائر المرافق لتلك القوة تعرف على جثة عزت الدوري واتصل باستخبارات الكتائب ووصلت إلى المنطقة ونقلتها إلى بغداد للمحافظة عليها من التلف أو إخفائها من بعض الأشخاص وسلمت إلى الحكومة العراقية”.
وكانت قد أعلنت كتائب حزب الله في العراق، أنه تم التأكد من جثة نائب رئيس النظام السابق عزت الدوري، فيما أشارت إلى أن الدوري قتل على يد أبناء عشائر مدعومة من قبل الحشد الشعبي.
وقالت الكتائب في بيان نشر على موقعها الرسمي، إن “استخبارات الكتائب كانت تزود بعض العشائر بالمعلومات لتسهيل القبض على المجرم عزت إبراهيم خليل الدوري أو قتله”، مبينة أن “إحدى العشائر المرابطة في محور حمرين هي من باشرت بقتل المجرم الدوري”.
وأضافت أنه “تم التأكد من أن الجثة لدينا هي جثة المجرم الدوري بحسب الفحوصات الأولية ومعاينات وشهادات المقربين منه”، لافتة إلى أن “كتائب حزب الله ستسلم الجثة إلى الحكومة العراقية غداً”.
يذكر أن محافظ صلاح الدين رائد الجبوري أعلن، الجمعة (17 نيسان 2015)، عن مقتل الدوري بعملية استباقية في منطقة حمرين، في حين أشار الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري إلى أن العمل جار على التأكد من جثة الدوري عبر مطابقة بصماته وفحص حمض الـDNA الخاص به.
وأعلنت وفاة الدوري، الذي ولد عام 1942،وكان أحد كبار المسؤولين في حزب البعث، عدة مرات من قبل.
وبعد الحرب على العراق في 2003 كان يحتل المرتبة السادسة على قائمة الجيش الأمريكي التي تضم 55 مطلوبا عراقيا وعرضت مكافأة بقيمة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقاله. واتهمه مسؤولون أمريكيون بتنظيم التمرد الذي بلغ ذروته بين عامي 2005 و2007.
ولم يتمكن أحد من اعتقاله أثناء الوجود الأمريكي الطويل في الوقت الذي قتل فيه معاونو صدام الآخرون أو قدموا للمحاكمة واجتاحت الحرب “الطائفية” التي اججها الإرهاب في البلاد.