بغداد تحتفي بشاعر الفقراء جواد الحطاب

v:* {behavior:url(#default#VML);}
o:* {behavior:url(#default#VML);}
w:* {behavior:url(#default#VML);}
.shape {behavior:url(#default#VML);}

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-bidi-font-family:Arial;}

 

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-bidi-font-family:Arial;}

أيها الثوريون ماذا أفعل ( برأس المال) حين يكون رأس وطني مطلوبا ً… ؟

 

 

لو كنت ُ مكان  المتنبي لوضعت ُ الأمراء جميعا ً في الحمّام وسحبت ُ(السيفون) طويلا

 

 في قلب بغداد.. وما بين جدارية فائق حسن ونصب جواد سليم.. احتفى منتدى بغداد الثقافي بشاعر الفقراء.. جواد الحطاب وسط حضور اعلامي مكثف للعديد من الفضائيات والصحف وجمهرة من محبي الحطاب وعشاق شعره المنتمي للناس والمنحاز للوطن .

تحدّث الشاعر عن مكوناته الاولية في بيئة البصرة وعن ديوانه الاول( سلاما ايها الفقراء) الذي صار عنوانا للحطاب في عموم تجربته اللاحقة.. حتى سمّي بشاعر الفقراء.. وقد اعقب حديثه.. شهادات لبعض النقاد والشعراء والاعلاميين الذي عدّوا الشاعر متفردا بين جيله ويشكل علامة فارقة للشعرية العراقية والعربية.. ليقرأ بعدها الحطاب مجموعة من قصائده التي تضمنها ديوانه الاخير( اكليل موسيقى على جثة بيانو) ولتختتم الاحتفائية بحفل توقيع على الطبعة الشعبية الثانية.. وتقديم شهادة الابداع والتميز من قبل العاصمة بغداد لشاعر فقرائها.

الجميل في هذه الاحتفالية ان سيل المكالمات المشيدة والمهنئة لم ينقطع.. فمن امريكا اتصل الناقد والشاعر البروفيسور عبد الاله الصائغ.. ومن الدانمارك اتصل الفنان والملحن الكبير كوكب حمزة.. ومن عمان الفنان جواد الشكرجي.. عدا عن الكثير من الادباء الذين لم تسمح لهم سيطرات الشوارع بالوصول الى المكان.

وهنا ننشر نص الكلمة التي قرأها الشاعر والاعلامي المعروف وجيه عباس الذي ادار الاحتفالية وقدم لها: 

اكليل موسيقى على بيانو الحطاب 

بين جوادين نجلس،ينتصب فوقنا نصب الحرية وبجنبي تجلس الحرية ممثلة بجواد آخر يتسابق في لملمة أحجار نصبه الشعري،حطاب الايام النيّئة التي لايستسيغها عراقي سوى جواد الحطاب نفسه،اشهد امامكم اني مولع منذ ايامي المحروقة بهذا الحطّاب الذي لم يفتأ يخرج علينا حاملا فأسه ليلم  اوجاعنا ويوقدها في طبق شعري خالص،هذا الشاعر الذي لايحب الحشو كما يحب النساء،هذا المترف بلغة الكبار،ليس لانه صغير،لكنه وجد نفسه يعبر قنطرة الطفولة الى حيث ينتظره قدر الكبار،جواد الذي تعرّف على الطفولة بعد أن بلغ سن النبوة،مثله مثل اي عراقي يتعرف على طفولته بعد الاربعين،لكنه خرج ذات عراق من فندق ابن الهيثم وهو يصيح :سلاما ايها الفقراء…. من السهل ان نتكلم عن كتاب يُطبع للمرة الثانية،الاسباب الموجبة لارتكاب الناشر جريمة الطبع كثيرة،والاسباب الموجبة لعدم النشر كثيرة ايضا،لكن من الصعب ان اتكلم عن جواد يأبى أن تغمض عيناه حين يرى عيون العراقيين عمياء،سأقول اني لاأحب النقد والنقاد الذين يقيسون ويقايسون،لاأحب المتفيقهين بعلم الشعر ولا المتفقهين فيه،بحثت منذ عراق قديم عمن يحمل وجع انسانيتي فلم اجد سوى هذا الطفل الذي بلغ الثانية وهو يهرول الينا…لهذا سأمنحه براءة اختراع اكتشاف المواهب واعطائها  حقوقها في زمن كان النشر حلما على ذمة التحقيق ، سأختار بداية ربما تعينني ان اتكلم عمن أريد تقديمه بصورة تليق بعراق مثله،واسأل ما الطريقة التي تليق بجواد الحطاب…هل اقول انه شاعر عالمي كما وصفه حسن العلوي،فأجد ان جواد عالمٌ من الشعر…هل اردد ماردده اكثر من ثمانين ناقدا وكاتبا وشاعرا عن هذه المجموعة الشعرية او الشمسية التي تدور قصائدها حول (شتائه العاطل)؟

الان مجلس لايوجد مثله على الارض،تحت نصب الحرية وقربنا يجلس جواد الحطاب وانتم يامن جئتم تحملون وردة ارواحكم،مجلس لوبحثت في الارض عن مثيله لما وجدته الا… هنا الآن….هل تريدون ان اتكلم نقديا عن بكائيته الاخيرة التي تذكرني بمالك بن الريب ليكون جوادُ ابن.. الريبة التي وضعته متهماً بالمحبة للجميع؟ مالي وللنقد ايها السادة،للنقد آباؤه،لكن للشعر العراقي حداثته واباؤه الذين توزعت اقدامهم في المنافي وبقي هذا الابُ الشاهدُ الذي إرتضى ان يكون من الشهود،كثير شاهدوا ولم يشهدوا بل اطبق عليهم الصمت والخرس والجبن،ربما يستكثر البعض على اني اقول ان جواد الحطاب من اباء الحداثة العراقية،لكنني مؤمن ان القلب الذي يحمله هذا الوطن الجالس هنا هو من الآباء المؤسسين في حياة الشعر العراقي الذي يمشي  على طوله في ساحة تحريره واحتلاله بعد غيبة الكثير من شعرائه غيبتهم الكبرى.

سأتكلم هنا فقط عن هذا العنوان الذي لايشبه عنواناً آخر،اكليل موسيقى على جثة بيانو/ تعودنا ان تلتصق مفردة الغار بعد الاكليل،لكن جواد اقنعني بوجهه قبل ان التهم كتابه انه يقصد اكليل العار،فهل كان واجب هذا الحطاب ان يقطع مااستطال من عارنا على جثة هذا الوطن الغريب لتشتعل الحرائق بين يديه؟ هل كانت الموسيقى هي التعويض المفرط للحطّاب حين كان يستمع لنواح الثكالى وهن يهدين الى روحه ترانيم سومر الى ترنيمة داخل حسن وهو يغني يمة يايمة؟ ولماذا يتحوّل هذا البيانو الى جثة هامدة تستحق اكليل غار او اكليل غار؟

البيانو بحاجة الى كرسي واحد،وعازف واحد وعشرة اصابع وسترة طويلة منفرجة الى الارض كانها ذيل اسود وسمفونية مدونة على ورق لايفهمها الساسة،ألسنة البيانو تتوزع بين لونين لاثالث لهما،الابيض والاسود يوزعان البوح والبكاء والعويل الى الجالسين،الاصابع العشرة تخضع للعينين وهما ترتلان مزامير لايفهمها سوى العازفين…هل كانت تلك النوافذ هي التي ترشد قلب الحطاب الى العراق؟

العراق ابو التاريخ،وجواد يقلب اوراقه ويبصم بالعشرة فوق وجوه القتلة،(  مدللّة جراحك َيا جسد ْ… عشرون سجّانا ًبخدمتها…وأنا  أموت ولا أحد)،واقول ربما كان الحطاب يلبس نظارته الشمسية في الواحدة من ليل القتلة المأجورين وهم يوزعون”مسواكَهم” العراقي على قارعة الطريق لهذا لم يروه وهو يمسك بالتاريخ من ياقته ويقول لهم:[أيها الثوريون ماذا أفعل ” برأس المال حين يكون رأس وطني مطلوبا ً… ؟أيتها المعارضة:ماذا أفعل بإذاعة ” المستقبل وحاضر أطفالي محكوم بالموت … ؟]الحطاب الذي تنبّأ بالثوريين الذين رفعوا رأس المال ورأس البصل ورأس الخيمة ورؤوس اخرى،هم انفسهم من ترك رأس الوطن مرفوعاً على رمح العازة،اذاعة المستقبل تتكلم عن مولات بوسع الاوزون وحدائق لامكان فيها لايتامنا،لهذا تم حجز أيام الوطن المنقولة وغير المنقولة،قرر الثوريون والثرويون منحه تأشيرة سفر إلى جهة واحدة،العملية السياسية بحاجة الى بعض الهدوء من أجل أن يتفرغ الجميع لخدمة الجميع!،الضجيج لايخدم الوضع العراقي الذي يجلس على كرسي وحيد القرن،دم من فمٍ مليءٍ بالضجيج،قربانٌ رخيصٌ من أجل الحل السلمي لجميع مشاكل البلاد التي تلبس السواد صبيحة كل يوم وهي تحمل العراقيين الى مقابرا لغرباء.

هل نستمر في ضجيج هذا المختنق الذي يملك عشر رئات لاتكفيه؟هذا الذي يسميه الشاعر عيسى الياسري بالوطن الذي يهب الحياة صوتها النقي كثرثرة ينبوع ..لغتها الناعمة ككف نسيم .. حضورها المواسي كحضور قمر أمام منزل مستوحش ً. إن جثة بيانو ” جواد الحطاب ” هي جثة وطن عرف بأنه وطن الموسيقى والغناء والشعر والفن  .. وهو يتمدد الآن على طاولة التشريح   .. حيث تنسدل  فوق جسده المسجى لافتة الحداد الأسود ..

الضاحك الباكي جواد الحطاب،الراثي الوطني الذي يتمنى[لو كنت ُ مكان  المتنبي لوضعت ُ الأمراء جميعا ً في الحمّام وسحبت ُ” السيفون طويلا ً]

الساخر الذي يمارس الحياة كما الشعر،هذا الذي تشّرب بالقران وكأنه يمضغه الذي يتناص مع ابراهيم خليل العراق ويقول:

ُ فلما جن ّ علينا القصف

رأينا طائرة ً

قلنا هو ذا الرب

فلما ضربتنا

قلنا نحن براء ْ

حاشا أنْ ينزل فينا الرب ُ

كتاب قنابله .ِ

الذي يحن الى جسد مثقل بالعراق ينام في مقبرة الغرباء ويقول له:

لم أرب من قبل حماما ً

من أجلك -أنت فقط – ذهبت ُ”لسوق الغزل

واشتريت مائة طير زاجل

وأطلقتها باتجاه مقبرة الغرباء

جواد الحطاب شاعر مهم،لم اجد من يعرف قراءة القصيدة  التي يكتبها شاعر حقيقي سواه وقبله عبدالرزاق عبد الواحد،جربوا ان تعطوه قصيدة يعرف ان شاعرها لم يكن سائس خيل او قفاص في سوق الحرامية وانظروا لعينيه وهما تمالئان دمعا عبيطا،الى كرسيه وهو يتحرك تحته،صاحب اليد الذي دفع بكثير من الشعراء امام وجهه الى الواجهة وبقي ينتظر ليلقي عليهم السلام فيتنكرون له في النهاية…

ترى هل أفضت بكلماتي على جسد البيانو الذي ندعو له بطول العزف؟البيانو الذي ينشد تحت نصب الحرية عراقا تهرب فيه حمامات فائق حسن لتحط على خيول جواد سليم وهي تتمتم:

” أيتها الحرية

اطمئني

إننا نحرز تقدما ً ملحوظا ًفي الاحتلال 

” وطني أيها المهزوم

   دعني أقبل شجاعتك

هل تكون هذه معزوفة من معزوفات الحطاب الذي نشرها وبقينا ننتظر حروفه الاخرى؟ ربما آن لجواد الحطاب ان يتكلم لنصمت.

 مع هذا العدد الهائل من الأعياد شعبٌ له كل هذا الحزن

ما أصعبَ أن نشرحَ هذا الحزن! ما أصعبَ أن يطلق الأنسان صرخته الأخيرة أو إستغاثته اليائسة في فضاء (أعزل) وكما يقول الشاعر نفسه

ما أنتن الرجولة حين تنفرد الرشاشات بإمرأة

 

Facebook
Twitter