أثار انقطاع الماء منذ 4 أيام في بغداد غضب سكان العاصمة في كل مكان تقريباً، وينفجر الناس منذ يومين –بعد أن أعيتهم الحيلة في تدبير شؤونهم من دون الماء- في سيل من الانتقادات اللاذعة جداً لحكومة المالكي ولمرشحي البرلمان أيضاً، بسبب "ضخامة الوعود" التي أطلقوها، و"صمتهم الأسود" حيال أول أزمة للمياه خطيرة تعقب الانتخابات التي شهدت موجات من "التوسلات السياسية" التي كانت "تتآمر على عواطف المواطنين" بحسب تعبير أحدهم!. وأدرك مراسلون للملف برس حجم الغضبة الشعبية بين الرجال والنساء –وحتى الأطفال- بسبب تدنّي "مستويات الخجل" لدى المسؤولين الحكوميين الذين لم يستجيبوا لشكاوى الناس من غياب الماء الذي وصفه بعضهم بأنه "سر الحياة". وأشعلت هذه الأزمة انتقادات شديدة اللهجة ضد الحكومة والبرلمان والسياسيين والأحزاب وحتى المرشحين الجدد. ويقول بعضهم إن الفساد أصبح حالة عامة، ولا أحد يلتفت للبطالة ولكثرة "الحرامية" وقالوا إن كل ما نلقاه من "هؤلاء الدجالين" هي الوعود، فالحصة التموينية اقتصرت على مادة أو مادتين غذائيتين، وأحياناً "لا يتسلم المواطنون شيئاً". ويعرب الناس بحرقة وبشعور بالحزن لارتفاع الأسعار، وغياب الخدمات، وللإهمال الذي يتعرض له المواطنون في كل مكان وليس في بغداد وحدها. ووصف مواطنون عديدون مسؤولي الحكومة بأنهم "مشغولون بالكراسي" و"بمصالحهم العائلية ومنافعهم" و"هم يعيشون خلف الحيطان والحمايات في المنطقة الخضراء" و"لم ير المواطنون منهم شيئاً منذ سبع سنوات". وقال كثيرون "إن من العار عليهم أن يصمتوا إزاء احتياح الناس الى الماء، فيما كان أغلبهم يستجدون أصوات الناس في مراكز الاقتراع". ويقول أستاذ جامعي –رفض الكشف عن اسمه خشية انتقام الحكومة- إذا كانت الديمقراطية "مجرّد تحايل على عقول الناس وعواطفهم" فهي بالتأكيد تستحق اللعنة، ويجب أن لا يطمئن السياسيون والحاكمون والبرلمانيون إلى أن الناس ستصمت الى أربع سنوات مقبلة. وأعرب الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية عن قناعته أن المزيد من الإهمال لمصالح المواطنين، يعني أن انفجار اضطرابات، ربما لا يكون مستبعداً، وسيكون من الصعب على القوات الأمنية العراقية الاستمرار في مهمات حفظ الأمن. وأشار مواطنون آخرون إلى أن الحكومة والسياسيين تركوا القضية الأساسية وانشغلوا بالانتخابات وبحيل التزوير والتلاعب، فيما وصل المواطنون الى حد "العطش العام" بعد استمرار انقطاع الماء لرابع يوم في معظم مناطق بغداد –ما عدا المنطقة الخضراء- وقال هؤلاء المواطنون إنهم لجأوا الى الدكاكين لشراء المياه المعدنية بكميات كبيرة لاستخدامها للشرب فيما لجأ الفقراء وهم الأغلبية الى نهر دجلة لجلب المياه برغم مخاوف التلوث. وكانت شبكات تلفزيون فضائية عديدة قد أجرت مقابلات مباشرة مع المواطنين في مناطق مختلفة من بغداد، فأعربوا عن أسفهم لأنهم شاركوا للمرة الثانية في الانتخابات. وقالوا إنهم لا ينتظرون شيئاً من "وعود" سمعوا عنها الكثير خلال السنوات السبع، وكانوا يتساءلون في أحاديثهم قائلين: "أليس هناك أحد مخلص يراعي المواطنين؟." و"إلى متى يمكن أن يصبر الناس على الفساد والبطالة وغياب الخدمات الأساسية؟". و"ألا يخجلون وهم يفشلون في توزيع الحصة التموينية وتوفير الماء والكهرباء مع أن لديهم اموال هائلة؟". ويرى المحللون أنّ بطء إجراءات الحكومة في معالجة المشاكل الأساسية، لا يمكن أنْ "مأمون الجانب" دائماً. وعلى الحكومة أن تفكر ألف مرة بقضية الانفجار الشعبي، لأنها بإهمال هذه االجوانب الحساسة في حياة المواطنين اليومية، إنما تمارس منتهى القسوة في الضغط على مشاعرهم
- info@alarabiya-news.com