العراق يعاني من نقص حاد في اعداد الابقار وشيوع المشاريع المتخلفة الوهمية
عزت وزارة الصناعة، تراجع إنتاج الألبان الى الأزمة المالية “وهدر” الأموال و”محاربة” المنتج المحلي من قبل “متنفعين” من الاستيراد، وأشارت الى امتلاكها فرصاً استثمارية عديدة في هذا المجال، في حين كشفت وزارة الزراعة أن الثروة الحيوانية لاتغطي سوى 25% من حاجة البلاد، أقرت بعدم امتلاك خطة ستراتيجية بهذا الشأن، متذرعة بـ”قانون بريمر والروتين الممل”.
وقال المتحدث باسم وزارة الصناعة والمعادن عبد الواحد الشمري إن “الوزارة تمتلك ثلاثة معامل لإنتاج الألبان موجودة في بغداد، الموصل والديوانية، حيث تعرض معمل الموصل لدمار كبير بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة”، مبيناً أن “معملي ابو غريب في بغداد والديوانية يعملان، لكن انتاجهما لا يغطي سوى 10% من حاجة السوق المحلية”.
وعزا الشمري، تراجع انتاج الالبان في البلاد وتوسيع معاملها الى “الأزمة المالية الحالية وهدر الأموال المخصصة للاستثمار الصناعي في السنوات السابقة، ومحاربة المنتج المحلي من قبل بعض الجهات المستفيدة من الاستيراد”، متهماً مستفيدين من الاستيراد “بشراء المنتج المحلي واتلافه ثم عرضه في الأسواق لضربه وإبعاد الناس عنه”.
وأكد الشمري، أن “الوزارة تمتلك خطة لزيادة خطوط الإنتاج ودعم القطاع الخاص لإقامة معامل ألبان لكن الأزمة المالية تعرقل ذلك”، عازياً عدم قدرة القطاع الخاص على إقامة معامل ألبان الى “عدم قدرته على منافسة المنتج المستورد”، مؤكداً “وجود فرص استثمارية مطروحة في مجال صناعة الألبان واستعداد الوزارة تقديم الدعم للمستثمرين”.
من جانبه حمّل المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، القانون “مسؤولية انخفاض عدد الأبقار وعدم الاهتمام بإنتاج الألبان محلياً”.
وقال النايف، إن “العراق يعاني من عدم الاكتفاء الذاتي في مجال الثروة الحيوانية كونها تغطي من 25 إلى 30% من الاستهلاك المحلي”، عازياً ذلك إلى “عدم وجود مشاريع ستراتيجية لإقامة محطات لتربية الأبقار في العراق والاكتفاء بنشاط القطاع الخاص بهذا الشأن”.
وأضاف نايف، أن “قانون وزارة الزراعة الذي وضعه الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، بعد سنة 2003، قيد الوزارة وحصر دورها بالإشراف وتقديم الخدمات فقط، ما جعلها مُقطّعة الأيدي”، عاداً أن “القطاع الخاص هو الوحيد الذي يعمل في العراق”.
وأقر المتحدث باسم وزارة الزراعة، “بافتقار الوزارة الى إحصائيات دقيقة عن عدد الأبقار في العراق لعدم وجود محطات خاصة بها”، لافتاً إلى أن “الوزارة تعمل على زيادة الأجنة وتحسين نوعها من خلال استيرادها”.
وذكر نايف، أن “الروتين المتبع باستيراد المواشي كالأبقار، متعب وممل، فضلاً عن عدم دعم هذا الجانب من قبل الحكومة”، مؤكداً أن “الوزارة لا تمتلك خطة ستراتيجية بسبب القوانين المجحفة ما يجعلها تعمل بالممكن والموجود”.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، كشفت، في (الـ29 من تشرين الثاني 2016)، عن استيراد العراق نحو 90 بالمئة من مشتقات الألبان نتيجة انخفاض عدد الأبقار بسبب توقف الدعم الحكومي لمنتجي الحليب وتدهور الإنتاجية، في حين دعا مختصون لتطوير الإنتاج والإنتاجية، وتفعيل حماية المنتج المحلي من منتجات الألبان، واستحداث شبكة لمراكز جمع الحليب الخام وتسويقه لمعامل الألبان.
وذكرت بعثة الأمم المتحدة الخاصة لمساعدة العراق (يونامي)، في بيان لها، إن “سفارة مملكة هولندا في العراق نظمت ، منتدى الأعمال العراقي الهولندي للألبان في بغداد، بالتعاون مع ممثلية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)FAO، تحت شعار أن مملكة هولندا مؤمنة بقدرة القطاع الزراعي في العراق، وذلك برعاية القائم بأعمال سفارة مملكة هولندا لدى جمهورية العراق، يان فان وين، ومستشار وزير الزراعة للثروة الحيوانية، حسين علي السعود، وممثل منظمة الفاو في جمهورية العراق، فاضل الزعبي، بمشاركة القطاع الخاص من منتجي الألبان”.
ونقلت البعثة عن الزعبي قوله في كلمته بالمناسبة، إن “القطاع الزراعي في العراق يلعب دوراً مهماً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث يشكل 7- 8 بالمئة من قيمة الإنتاج المحلي الإجمالي كما يعمل في القطاع الزراعي حوالي ثلث سكان العراق و بالتالي فهو مصدر لعيش حوالي (11- 10) مليون نسمة من السكان منذ عام 2009″، مشيراً إلى أن “التقديرات الحديثة من قبل وزارة الزراعة بينت انخفاضاً واضحاً في عدد الأبقار، الأمر الذي أدى إلى انخفاض إنتاج الحليب وأثر سلباً في صناعة الألبان ومشتقاتها كنتيجة لتوقف الدعم الحكومي لمنتجي الحليب من جهة، ولتدهور الإنتاجية من جهة ثانية”.
وأضاف ممثل منظمة الفاو، أن “قطاع الألبان في العراق يعتمد على الاستيراد من الخارج بنحو كبير، حيث تغطي الاستيرادات أكثر من 90 بالمئة من حاجة الطلب المحلي، في حين لا يغطي الإنتاج المحلي أقل من 10 بالمئة المتبقية”.
من جانبه قال خبير الإنتاج الحيواني والألبان لدي ممثلية المنظمة، محمد هلال، في كلمته، إن “الثروة الحيوانية تعتبر إحدى الركائز الاقتصادية الأساس في القطاع الزراعي، ومن أهم الأصناف المتواجدة في العراق الأبقار واستناداً الى اخر مسح للثروة الحيوانية في العراق والذي نفذ في عامي 2008 و2009 من قبل وزارة الزراعة والجهاز المركزي للإحصاء/ التخطيط بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ووزارة الزراعة، وبتمويل من صندوق دعم العراق، بين أن في العراق مليونين و551 ألفاً و113، بقرة”، مبيناً أن “الوضع الحالي للعراق عموما ولمؤسسات الدولة خصوصا، يشير إلى إمكانية إجراء الإصلاحات المرحلية وتحقيق نسب من التطور في الإنتاج والإنتاجية من خلال وضع خطة متوسطة المدى لمرحلتين (4-5 سنوات)، تعتمد على ما هو متوفر من عوامل الإنتاج”.
وأوضح هلال، أن تلك “الخطة تهدف إلى إيقاف التدهور في الإنتاج والإنتاجية، تطوير الإنتاج والإنتاجية، فضلاً عن تفعيل العمل بمبدأ حماية المنتج المحلي من الحليب ومنتجات الألبان، من قبل الجهات الرسمية واستحداث شبكة لمراكز جمع وتسويق الحليب الخام إلى معامل الألبان وتنظيم نشاط مربي الحيوانات حول هذه المراكز “.
وأوردت البعثة الأممية، أن “رجال الأعمال من منتجي الألبان ناقشوا الفرص التجارية لقطاع الألبان في العراق، والتحديات والحلول للمشكلات، وتجربة القطاع الخاص في كل من العراق وهولندا”.
ونقلت يونامي، عن القائم بأعمال سفارة مملكة هولندا في العراق، قوله في ختام المنتدى، إن “مملكة هولندا مؤمنة بقدرة القطاع الزراعي في العراق، هذه الأرض خصبة تمتلك مؤهلات كبيرة، حيث تضم نهرين”، مؤكداً إيمانه بـ”القدرات الزراعية في هذه الأمة، وبالتعاون المشترك بيننا يمكننا أن نغذي الشرق الأوسط من هذه الأراضي”.
وحضر الاحتفال ممثلون عن الوزارات والسفارات والمنظمات الوطنية والدولية والجامعات والقطاع الخاص من منتجي الألبان في بغداد.
يذكر أن الثروة الحيوانية في العراق تدهورت بنحو كبير، من جراء عدة عوامل، بينها عزوف قطاع كبير من المربين عن مواصلة عملهم بسبب الصعوبات التي تواجههم التي أدت إلى تدني تكاثر الحيوانات وانخفاض منتوجاتها ، بسبب سوء ظروف الرعي وقلة العلف الذي توفره وزارة الزراعة، فضلاً عن الأمراض والتدهور الأمني، والمنافسة الأجنبية.