عالية محمد حسن
الوطنية من اهم واقوى النزعات الاجتماعية المتأصلة في النفوس البشرية ومع هذا فأنها لاتسلم من اعداء وخصوم تسعى الى كسر قوتها واضعاف تأثيرها فهناك من هو عدو على الوطنية وخصم خطير لها . فاالاعداء والخصوم ليس بمعنى الافراد والاشخاص بل القصد هو (الميول والنزعات ). انا لااقصد الافراد والاشخاص الذين يعاددون وطنهم ويخونون امتهم ، بل اقصد الميول النفسية والنزعات الفكرية التي تعاكس الدواعي الوطنية وتوجه العواطف والاعمال الى اتجاه يخالف اتجاهها واهم عوامل المعارضة الوطنية ..هي الانانية لانها توجه النفوس نحو المصالح والملذات الذاتية . وتملها وتقد مها على كل شيء ، على حين ان ((الوطنية)) على عكس ذلك تدعو الى ((الأيثار))و((التضحية)) في سبيل الوطن والقومية . انها تطلب من كل شخص ان يحب وطنه ، ويخدم امته بكل مااوتي من قوة ، وان يضحي بشيء كثير من راحته وهنائه في هذه السبيل ، حتى انها تطلب منه ان يوصل هذه التضحية الى درجة ((بذل النفس والحياة))عند اللزوم.
ان الانانية تعمل على الدوام عملا ً معاكسا ً لدواعي الوطنية : فالوطنية لاتستطيع ان تنمو وتقوى دون ان تتغلب على الانانية المعادية لها كما وان الانانية لاتعادي الوطنية وحدها ، بل تعادي جميع الفضائل والنزعات الاخلاقية على اختلاف انواعها . فكسر قوة الانانية ليس من الامور التي تتطلبها الامور النزعة الوطنية وحدها ، بل هو من الامور التي تتطلبها سائر النزعات الاخلاقية بأجمعها.
ولذلك نستطيع ان نقول انه خلال النضال العنيف الذي يحدث بين الوطنية والانانية لاتبقى الوطنية بدون انصار ، بل انها تجد لنفسها من سائر النزعات الاخلاقية التي تشترك معها في هذه النضال .
ان الوطنية قوة اجتماعية حقيقية فعالة ، ليس الى انكارها من سبيل … اثارها تظهر للعيان على الدوام ، من خلال الوقائع التاريخية والحادثات الاجتماعية ، بكل وضوح وجلاء . فهي تدخل لذلك في نطاق ((حقائق الاشياء )) كما تدخل فيه سائر القوى والمؤثرات الطبيعية ، كالوراثه والمناعة المغناطيسية والجاذبية . فأذا اردنا ان نجعل ((الوطنية )) موضوع بحث علمي ، يجب علينا ان ندرسها كما ندرس الحادثات والقوى الطبيعية بوجه عام والحادثات والقوى الاجتماعية بوجه خاص .
ان الايمان القوي يؤلف مهمة في جميع فروع الحياة . ذلك لان غايات الانسان في الحياة قلما تتحقق في حملة واحدة . بل انها ثيرا ً ما تتطلب سلسلة اعمال يجب ان تتوالى بأستمرار مدة طويلة ، وفي كثير من الاحيان مدى الحياة ، فاذا اقدم الانسان على عمل من الاعمال او مشروع من المشاريع لايستطيع ان يستجمع ويصرف كل مالديه من قدرة وطاقة في سبيل انجازه مالم لم يكن مؤمنا ًَ بفائدته من جهة ، وبأمكان انجازه من جهة اخرى فأنه لابد ان يلاقي كل شخص خلال سلسلة اعماله هذه الشيء الكثير من الموانع التي تقطع عليه السبل ، ولابد له من ان يجابه ضروبا ً من المشاكل التي تمتحن عزائمه . فاذا لم يحمل في نفسه ايمانا قويا ً بامكانه اقتحام تلك الموانع وازالة تلك المشاكل ، فترت همته وخارت عزيمته ، فاصبح غير قادر على استجماع قواه وحشدها في سبيل الوصول الى غايته . لذلك تراه يتراخى في العمل لتحقيق تلك الغاية ثم يعدل عنها ، ويتراجع عن السبل المؤدية لها ، وكل ذلك يحدث ، لا لوجود عيب في المشروع او نقص في الوسائل المؤدية لتحقيقه ، بل لعدم وجود ايمان قوي يدفع الرجل دفعا ً مستمرا ً لاتمام العمل وانجاز المشروع وهذه ما نشاهده كل يوم وفي جميع نواحي الحياة . كما ان ايمان الجيش بالنصر يؤثر تأثيرا ً هاما ً في سير الحرب ، ويساعد مساعدة كبيرة على الانتصار . وبعكس ذلك ، فأن الشك من النتيجة النهائية ، والقنوط من الانتصار . يؤثر تأثيرا ً عكسيا ً يؤدي الى الانكسار فالجيش الذي يفقد ايمانه في بالنصر ، يبقى معرضا ً الى الانهزام والاستسلام من جراء انكسارات جزئية ، ولايلبث طويلا ً حتى يفقد امكانه النصر ايضا ً . واما الجيش الذي يؤمن بالنصر ، فأنه يحافظ على قوته على الرغم من الخسائر التي قد يتكبدها . اذ من المعلوم انه مامن حرب تنتهي بالنصر ، من غير خسارة وانكسار وتراجع ولو في بعض الجهات وبعض المواقع وفي بعض الادوار ، فأن كل جيش قد يفاجأ في بعض الجهات بهجوم عنيف ، لم يكن مستعدا ً لمقاومته الاستعداد الكافي ، فيظطر الى الانسحاب والتراجع من هناك. وقد يمنى بأنكسار وهزيمة ايضا ً في بعض الاحيان في بعض الجهات ولكن القائد القدير لا ييأس من ذلك ، بل يبقى رابط الجأش ، ويتخذ التدابير اللازمة لتلاقي الامر ، مادام مؤمنا بالنصر ، والجيش الذي يحارب عن اعتقاد وايمان ، ويثق في مقدرة قواده ويعتمد على تدابيرهم فيواصل الحرب بقوة واندفاع ، وقد يصل الى النصر في اخر الامر بعد خسائر فادحة وهزائم عديدة . ان الجيوش لاتتحارب بالوسائل المؤذية وحدها ، بل تتحارب في الوقت نفسه بالوسائل المعنوية ايضا ً ، والامم تستعد للحروب ، ليس بتشييد الحصون واعداد الالات الحربية وتعبئة الجيوش فحسب ، بل باعداد القوى المعنوية وحشدها نحو الهدف المقصود ايضا ً كما شهدنا في ميادين التحرين في تونس ومصر واليمن والعراق وليبيا .. كأن غذائم الوطني هو الاناشيد الوطنية التي تثير فيهم الروح الوطنية وتصنع رباطه الجأش وترسخ ايمانهم بالقضية بالأضافة الى ذلك فهناك وسائل وكذلك الانترنيت ، والتويتر، والفيس بوك واليوتيوب اثبتت دورها التقدمي في نجاح الثورة الشعبية