فيما تتصاعد الخلافات بين القوى والأحزاب الكردية حول دستور اقليم كردستان العراق والتجديد لولاية رئيس الاقليم مسعود بارزاني، فقد حذر الاخير من محاولات تيار وصفه باللاوطني لإشعال حرب أهلية في الاقليم.
دعا مسعود بارزاني برلمان وحكومة الاقليم والادعاء العام في رسالة له الى تنفيذ واجباتهم ضد ما سماه بالتيار اللاوطني والخطير الذي يسعى لاشعال فتيل الحرب الاهلية وتجزئة الاقليم الى ادارتين، في إشارة الى حزبه الذي يحكم في محافظة اربيل عاصمة الاقليم وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني الذي يركز نفوذه مع حركة التغيير بزعامة نشيروان مصطفى في محافظة السليمانية.
وأضاف بارزاني قائلاً “إن اعداء شعب كردستان جربوا جميع الطرق لتدمير نضال هذا الشعب وبث الفتنة والتفرقة وقطع قوت الشعب والهجمات الارهابية، ولكن وبقوة الله تعالى وبهمة وصمود شعبنا استطاعت كردستان أن تنتصر على جميع هذه المؤامرات ومحاولات الاعداء ولم يبقَ لهم غير الذل والفشل”.
وشدد بالقول “ان شعبنا اليوم هو الاقرب من أي وقت كان من الانتصار والمكتسبات العظيمة لكن ومع الاسف نرى ظهور طرق دنيئة أخرى للوقوف بوجه شعب كردستان وتتخذ اشكالاً مختلفة كالتصريحات الصحافية والمقالات والدعوة لحرب داخلية واثارة الفتن واحياء التفرقة وتقسيم الاقليم الى ادارتين”..
وقال “إن هذه ليست حرية للتعبير بل جميع هذه المحاولات ما هي الا خيانة للشعب والوطن وتنفيذ للاجندات والسياسات التي ينتهجها اعداء كردستان”.
وأكد بارزاني عدم القبول بأي شكل من الاشكال ببقاء هذه التيارات والاتجاهات غير الوطنية فى كردستان.. محذرًا من أن “هذه المسألة حساسة ولها مخاوف كبيرة على الامن القومي والوطني لكردستان وتضع جميع المكتسبات التي حصلنا عليها بالدماء والدموع تحت التهديد”.
وطالب بارزاني برلمان وحكومة اقليم كردستان والمدعي العام “أن ينفذوا واجباتهم في هذا الشأن وأن يطبقوا اجراءاتهم اللازمة ضد هذا التيار اللاوطني والخطير وان ينتهجوا طريقًا قانونيًا ورسميًا للحد من نشر هذه الاراء التي تستهدف وحدة الوطن واستقراره وتدعو الى حرب اهلية داخلية واعادة سياسة الادارتين”، في إشارة الى ادارة محافظتي اربيل ودهوك من قبل حزبه الديمقراطي الكردستاني وادارة محافظة السليمانية من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني الى فترة ما قبل اعلان تشكيل اقليم كردستان.
ودعا رئيس إقليم كردستان جميع الاحزاب والتوجهات السياسية في الاقليم الى بذل كل جهدهم في سبيل الحد من ظهور هذه الاصوات والتوجهات التي وصفها باللاوطنية.. كما طالب جماهير كردستان بأن “لا يسمحوا مرة أخرى لأناس من هذا النوع ان يستمروا في نشر الفكر العدائي والداعي الى الحرب الاهلية والفتن، وأن نوحد كل جهودنا في سبيل حماية كردستان ووحدة شعبنا”، كما قال في رسالته.
وجاءت رسالة بارزاني هذه أثر تصاعد خلافات خطيرة حاليًا بين حزبي بارزاني وطالباني، حيث يتخوف ابناء اقليم كردستان الشمالي من نشوب معارك مسلحة بين الحزبين بعد ان دخلت الخلافات في منعطف خطير يهدد سلامة الاقليم بعد تمسك كل من الطرفين بمواقفهما وآرائهما حول بعض القضايا الخلافية.
فهناك حاليًا خشية حقيقية من اندلاع قتال داخلي جديد يعيد الى الاذهان المعارك الكارثية التي جرت بين الحزبين على امتداد خمس سنوات بين عامي 1994و 1999 والتي راح ضحيتها الآلاف من ابناء الشعب الكردي وذالك بسبب سوء تقدير الحزبين المتحاربين للوضع وما كان يحمله من مخاطر جدية.
وقد اندلعت شرارة الخلافات هذه المرة اثر الفشل في التوصل الى حلول مقنعة لتجديد ولاية رئيس الاقليم مسعود بارزاني التي ستنتهي في 19 آب (اغسطس) من العام الحالي، وتوزيع المناصب العليا في رئاسة الاقليم والحكومة على الاحزاب الكردية ضمن التحالف الكردستاني.
وكان بارزاني تولى رئاسة الاقليم عام 2005 واختير داخل البرلمان وبعدها في انتخابات مباشرة جرت عام 2009 وحصل على 69% من اصوات الناخبين، وفي عام 2013 وبعد انتهاء ولايته تم تجديدها لمدة عامين اثر خلافات بين الاحزاب الكردستانية حول اجراء استفتاء على مشروع دستور الاقليم.
ويثير موضوع تجديد ولاية بارزاني خلافاً خطيراً بين الاحزاب الكردية وخاصة بين الحزبين الرئيسيين لبارزاني وطالباني، حيث يصر حزب طالباني على ضرورة انتخاب رئيس الإقليم من قبل البرلمان عكس رغبة حزب بارزاني بأن يكون بالانتخاب المباشر، وذلك ضماناً منه بحصول بارزاني على الاغلبية لان الاقليم يضم 3 محافظات يسيطر طالباني على واحدة منها فقط هي السليمانية، بينما يسيطر بارزاني على الاثنتين الاخريين، وهما اربيل ودهوك اللتان تشكلان اكثرية سكان الاقليم.
وازاء هذه الخلاف فقد اشترط الاتحاد الوطني لموافقته على تمديد ولاية بارزاني الحصول على منصب رئاسة حكومة الاقليم التي يتولاها حالياً ابن اخ مسعود وزوج ابنته نجيرفان بارزاني. ويرفض حزب طالباني استحواذ حزب بارزاني على رئاستين من أصل ثلاث رئاسات في الإقليم هما: رئاستا الاقليم والحكومة اللتان يتولاهما حزب بارزاني ثم البرلمان الذي تتولى رئاسته حركة التغيير المعارضة.. فيما لا يتولى حزب طالباني اي منصب مهم في التركيبة الحاكمة في اقليم كردستان.
وبالضد من رغبة حزب بارزاني هذه وتأييدًا لموقف حزب طالباني، فقد أكدت حركة التغيير التي يترأسها نوشيروان مصطفى انها مع انتخاب رئيس الاقليم من قبل البرلمان وليس بالانتخابات المباشرة من قبل المواطنين.. وأكدت ايضا ان بارزاني قد شغل المنصب لولايتين، ولا يحق له الترشح لولاية جديدة بحسب دستور الاقليم.. الامر الذي وسع من الخلافات حول هذا الامر.
وازاء هذه التناقضات فقد طالب مسعود بارزاني هذا الاسبوع الأحزاب السياسية في الإقليم بتجنب جعل مسألة تمديد ولايته مثاراً للجدل بينهم… وقال “في الوقت الذي يعيش فيه الإقليم حالة من الحرب ينبغي ألا تكون مدة ولايتي سبباً لتفجر الخلافات بين الأحزاب السياسية” متحججًا بالحرب ضد داعش.
يذكر أن الأحزاب السياسية الممثلة في برلمان الاقليم الذي يتشكل من 111 مقعداً يمثلون 4 ملايين نسمة هم عدد سكان الاقليم وتشارك في حكومته احزاب هي : الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير ، والحركة الاسلامية، والجماعة الإسلامية الكردستانية.