انقلاب في الصالحية

علي السوداني


وعندكم الليلة ، واحداَ من أردأ وأضعف الأفلام التي لم يأت عليها حتى الصديق الهندي الراحل شامي كابور . اخراج رديء وحبكة مفككة ، وثيمة منغّلة ، وانتاج تعبان ، وشبهة فساد وسياسة . ألفلم مقصدنا ومهوى حكينا اليوم ، عنوانه ” انقلاب البعث بين الجد والعبث ” وله مقدمات ومهيجات ، مثلما له مؤخرات . فأما مقدماته ، فهي بفرمانات صاحب التعليم الجامعاتي ، التي قضت بقطع أرزاق مئات الأساتذة والعلماء الرافدينيين ، وتسريحهم من خدمة البلد ونجدة العبد ، بالعلم المصفى الخالص لوجه الله والوطن ، بحجة أو بشبهة انتمائهم الى حزب البعث العربي الأشتراكي . أما المؤخرات ، التي لا صلة رحم ومعنى بينها وبين عورة البشر ، فهي في ذلك الأعلان الساخن الداخن ، عن ألتئام مؤامرة محاكة قوية ، لقلب نظام الحكم ببغداد العباسية ، حال أن يعطينا مؤخرته ، آخر جندي أو جندية ، من جيش أمريكا الوغدة ” بالمشمش ومن دبش ” ساعتها ، سيخرج البعثيون من مكامنهم المزروعة في الثغور وفي كل فج عميق ، ومقصدهم الحاسم سيكون ، بناية الأذاعة والتلفزيون التراثية في حارة الصالحية وباب كرادة مريم ، بكرخ بغداد ، حيث مضجع تلفزيون الحكومة ، فيقرأوا على الناس ، ديباجة مطورة من البيان رقم واحد ، مزفوفة بنشيد شفيق الكمالي ” وطن مدّ على الأفق جناحه ، وأرتدى مجد الحضارات وشاحه ” ومن هناك ، سيكون القصر الجمهوري ، على مبعدة شمرة عصا من باب الأذاعة العتيق ، وبهذا التدبر الحكيم ، سيكون الأنقلابيون ، قد تجاوزوا مسألة الكروة الضخمة التي سيتقاضاها سوقة الكيّات والستوتات والكوسترات القساة التي كان من المخطط والمعلوم لها ، نقل الثوار الى بوابة القصر الرئاسي الجميل . صاحب التعليم العالي ، زاد أن البعثيين المقصيين من الجامعات وموائل العلم ، كانت مهمتهم ، تفخيخ عقول التلاميذ النجب . في ليلة الأجتثاث الثانية تجمّع موظفو ونواب ومتعوسو ومنحوسو صلاح الدين ، وأعلنوا تحويل مدائنهم الى اقليم خاص ، سيعيش في ظل مصفاة بيجي ومعمل أدوية سامراء ، وبطيخ ورقي منطقة النباعي وما حولها . رئيس الحكومة ، ظهر من على شاشة سبع تلفزيونات ، مصدقاَ الواقعة ، ومضيفاَ اليها ، كمشة بهارات وعطورات ومطيبات ومشوقات ومحببات ، منها ، أن خطة اقليم صلاح الدين تستهدف توفير ” ملاذ آمن ” للبعثيين الأنقلابيين الراجعين من جهة الشام ، وهذا ما ثنّى عليه وثلّث وربّع ، الولد المتعوس المنحوس ، الليبي محمود جبريل ، الذي طار مؤخراَ وحط على بيت أبي أسراء ببغداد ، وأخرج من عبّه ، صوراَ وخرائط  وافية كافية لأنقلاب البعث المرعي والمسقي من خزنة الزعيم معمر القذافي ، قبل أن تدور الدوائر ، وتسبى الحرائر . وعملاَ بخلق وتخليق رد الجميل ، عرض أبو اسراء على ضيفه السراني ، نقل ديمقراطية بلاد ما بين القهرين ، الى بلاد ليبيا الكبرى ، لأتمام اللذة والفائدة التي منها ، ست ساعات كهرباء لكل دار ليبية مسجلة على ذمة الحصة ، وسبع مفخخات باليوم ، ورأس الدولة من بنغازي ، ورأس الحكومة من طرابلس ، ويافوخ البرلمان من سبها ، وصاحب النفط من مصراتة ، ومسؤول ملف العشائر من الطوارق – في ليبيا لا يوجد مراجع عظام مثل عظامنا –  وأيضاَ معاونة ليبيا الحرة في مسألة بصم ورسم وحفر اسمها ، على قائمة الدول الأعظم فساداَ فوق الأرض ، حالها حال العراق . وفي باب القيل والقال الذي لم يتم التيقن من صدقيته حتى اللحظة ، أن رئيس الحكومة ببغداد ، قد اقترح على جبريل الضيف ، أن يتم حظر عرض فلم عمر المختار من على شاشة تلفزيون ليبيا ، حفظاَ لصداقة ومشاعر الطليان ، تماما ، كما صنعت بغداد ، أذ منعت بث فلم القادسية من على شاشة تلفزيون البلد ، مداراة لأحاسيس ومشاعر بلاد فارس وما حولها . في ختمة هذا المكتوب المكتظ ، أكرر وأعيد وأصقل ، قولتي المشهورة الراسخة : ان الأمريكان اذا دخلوا قرية أفسدوها . سأظل على ديني وديدني هذا ، حتى لو وضعت رأسي بحلق الطوب ، ومن ذلك ، طوب الصحب والصحابة الذين انفضوا من حولي ، لأنني لا أريد العيش في ظل نصيحة ” كل ، ووصوص ” !!!

Facebook
Twitter