ترقد انتظار في فراشها عاجزة عن الحركة، ومن دون معيل، منذ أكثر من خمس سنوات، نتيجة “وحشية الجرائم” التي ارتكبها “الإرهاب الأعمى” خلال سنوات العنف الطائفي التي شهدها العراق 2006- 2008.
انتظار فقدت شقيقيها وزوجها وابنتها الطفلة، بعد خطفهم وذبحهم، من قبل “ذئاب بشرية” غربي العاصمة بغداد، سنة 2007، ما أدى إلى إصابتها بالشلل الرباعي من “هول الصدمة”، واضطرت والدتها المسنة إلى حملها والهجرة لمحافظة ميسان، لتعاني الأمرين من شظف العيش، والحاجة إلى تأمين الدواء اللازم لحالة انتظار، في “ظاهرة” تفاقمت كثيراً في العراق من جراء استمرار العنف.
وتقول الحاجة أم جعفر، والدة انتظار، في حديث إلى (المدى برس)، إن “العائلة كانت تعيش بسلام في منطقة الحصوة، شرقي الفلوجة،(62 كم غرب العاصمة بغداد)، حتى بداية أعمال العنف الطائفي والقتل على الهوية سنة 2006، في مناطق أطراف بغداد، ومنها أبو غريب، حيث باتت تعرف بأنها طرق الموت لما شهدته من عنف وإرهاب طال الصغار والكبار”.
وتضيف الحاجة أم جعفر، وقد اغرورقت عيناها بالدموع، أن “الإرهاب الأعمى طال ولدي الاثنين، وأصبحت أصارع الحياة وحيدة أعاني الأمرين مع ابنتي المريضة التي لا اقوى على علاجها”، وتبين أن “العائلة كانت تتألف من ولدين جعفر وشقيقه علي فضلاً عن انتظار، بعد وفاة والدهم وتركي وحيدة”.
وتوضح الحاجة، أن “الإرهابيين خطفوا جعفر، في أيلول من سنة 2007، وبعد ذلك بمدة قليلة خطفوا زوج انتظار وابنتها التي كانت ترافق والدها، مستغلين طبيعة المنطقة التي تكثر فيها البساتين والمزارع، في ظل انعدام الأمن فيها كما هو حال العديد من المحافظات وقتها”، وتلفت إلى أن “الإرهابيين ذبحوا الثلاثة من دون شفقة أو رحمة، وألقوا بجثثهم في أحد بساتين منطقة أبو غريب”.
وتذكر وهي تغالب حزنها، أن “انتظار أصيبت بالإغماء حال سماعها الخبر، وتبين لاحقاً أنها تعاني من حالة شلل رباعي جعلها غير قادرة على تحريك يديها أو قدميها من شدة الصدمة”، وتؤكد أن تلك “الحالة اضطرتنا إلى ترك المنطقة هرباً من الذبح، والهجرة مع مجموعة أخرى من الأهالي إلى محافظة ميسان، مركزها مدينة العمارة، (320 كم جنوب شرق العاصمة بغداد)، لوجود أقارب لنا فيها”.
وتابعت ام جعفر، أن “عدم امتلاك المال اللازم اضطرنا إلى السكن في منطقة الحواسم بمدينة العمارة، حتى سمعنا بنية الحكومة توزيع سكن للعوائل المهجرة في حي الرحمة، فحصلنا على دار صغير فيه، أنا وابنتي العاجزة انتظار، من دون معيل سوى صدقات الأهالي”.
وتستطرد الحاجة أم جعفر، أن “العوز والفاقة اضطرني لجمع عبوات المشروبات الغازية والخبز اليابس الذي يستعمل كعلف للمواشي”، وتناشد المسؤولين في ميسان إلى “النظر بإمكانية مساعدة انتظار على إجراء العملية الجراحية التي تتطلبها حالتها، خارج العراق، مع توفير علاجها الذي يبلغ ثمنه 300 ألف دينار”.
من جانبهم يدعو خطباء المنابر ورجال الدين، إلى ضرورة “الاهتمام بالعوائل النازحة والمهجرة، من خلال لجنة يشكلها مجلس المحافظة، وتخصيص نسبة من عائدات البترودولار لعلاج المصابين بالأمراض المستعصية منهم”.
ويقول خطيب جامع ومصلى ناحية المشرح،(25 كم جنوب مدينة العمارة)، حامد النوري، في حديث إلى (المدى برس)، إن “العراق يعاني من تفاقم ظاهرة العوائل المهجرة والمنكوبة لاسيما من جراء الإرهاب”، ويطالب بضرورة “تشكيل لجنة من قبل مجلس المحافظة تضم رجال دين وسياسيين وناشطين مدنيين وأطباء لتشخيص الحالات التي يصعب معالجتها في المحافظة، وتخصيص نسبة من عائدات البترودولار لمعالجة المصابين بالأمراض المستعصية”.
بدورة يقول عضو مجلس محافظة ميسان، عبد الحسين الساعدي، في حديث إلى (المدى برس”، إن “مجلس المحافظة السابق كان قد استحدث لجنة التكافل الاجتماعي لرعاية العوائل المتعففة والمصابين بالأمراض المستعصية، إلا أن الدورة الحالية للمجلس ضيقت عليها ولم تخصص لها الأموال الكافية”.
ويرى الساعدي، أن “بعض الكتل السياسية تشكك في دعوات تقديم المساعدة للمهجرين والمعوزين وتعدها دعاية انتخابية”، ويطالب بتخصيص جانب من إيرادات المنافذ الحدودية لخدمة المواطنين لاسيما المرضى”.
ويذكر عضو مجلس محافظة ميسان، أن “وزارة المالية خصصت نسبة 50 بالمئة من واردات المنافذ الحدودية للمحافظة ذات العلاقة”، ويؤكد أن “لدى ميسان منفذ الشيب الحدودي الذي يربطها مع إيران، ويمكن أن توظف نسبة من عائداته لتقديم المساعدات الإنسانية”.
- info@alarabiya-news.com