نرمين المفتي
ليكن الانتماء العراقي فوق أي انتماء آخر و انتم تطالبون بحقوقكم. و قبل البدء في كتابة الشعارات، رجاء قوموا بزيارة صفحات الفيسبوك الخاصة بشباب ثورة 25 يناير المصريين، فقد علق اوباما ” يجب ان نربي أطفالنا ليكونون مصريين”. و علق بيرلسكوني ” لا جديد في مصر. فقد صنع المصريون التاريخ من جديد”. و كتب ستولنبيرغ ( رئيس وزراء النرويج) ” اليوم كلنا مصريون”. و كتب فيشر ( رئيس وزراء النمسا) ” شعب مصر اعظم الشعوب و يستحق جائزة نوبل للسلام”. و كتب ديفيد كاميرون ” يجب ان تدرس الثورة المصرية في المدارس”. و علقت شبكة السي ان ان ” لأول مرة في التاريخ نرى شعبا يقوم بثورة، ثم ينظف الشوارع بعدها”. لا اطالبكم بتقليد ثورة الشباب المصري، لأن الوضع المصري كان و ما يزال يختلف تماما عن الوضع العراقي. و حسني مبارك بكل مساوئه، لم يغادر السلطة الا بعد ان سلم مصر لأيد أمينة و هي ايدي الجيش المصري الذي رفض مواجهة المتظاهرين و الأسباب معروفة: كان المتظاهرون جميعا ينادون بمصر و يحملون العلم المصري و رفضوا اللجوء الى العنف او توجيه كلمات او شعارات جارحة و غير لائقة الى كل من واجه ثورتهم. لم يترك مبارك السلطة للفاسدين و سارقي قوت الشعب. و لأن الثورة كانت أجل مصر، وحدة مصر و الوقوف ضد محاولات بث الفتنة الدينية بين المسلمين و الأقباط، لأجل فقراء مصر و لأجل كرامة مصر و المصريين. كان المصريون واضحون في مطاليبهم و اصرارهم على القضاء على الفساد و استرجاع ما تم نهبه و استجابت سلطة الجيش و بدأت المطالبات الرسمية تصل الدول التي اودع فيها سارقو قوت الشعب اموالهم غير النظيفة.
ليكن الشباب العراقي على هذا القدر من المسؤولية. ليطالبوا باحالة الفاسدين الى المحاكمة و تجميد اموالهم حتى ان كانوا يحملون جنسيات غير عراقية، يلجأون اليها للحماية. عشرات الفاسدين الذين نهبوا مليارات الدولارات، و تستطيع الحكومة ان تخاطب الدول التي يحمل الفاسدون جنسياتهم و تطالبهم باعادة الاموال، و الحكومة قطعا تملك وثائق، و ان كان الشعب لا يحتاج الى هذه الوثائق لأنه يعايش الفساد. لتقرأ الحكومة المقالة التي نشرتها صحيفة الديلي ميل البريطانية “
http://www.dailymail.co.uk/news/article-1325597/How-Iraqi-politicians-paid-1k-minute-live-free-Baghdad.html
و عنوانها ” السياسيون العراقيون يكلفون العراق 1000 دولار في الدقيقة”، و تتناول اعضاء مجلس النواب و الذين وافقوا على استلام الرواتب بالرغم من ان جلستهم الأولى استمرت 20 دقيقة فقط! و ان كنا رشحناها ان تدخل موسوعة غينيس كأطول جلسة مفتوحة، الا ان بعد مقالة الديلي ميل ترشح لتكون أغلى 20 دقيقة في التاريخ. . و قطعا لو كانت صحيفة عراقية، نشرت مقالة بهذا العنوان، لكان مجلس النواب وقف و لن يقعد الا بعد ( اللاتي و اللتيّ). ان الذين نهبوا قوت الشعب، بل ان البعض استخدم هذا النهب في اراقة الدم العراقي، و للمثال و ليس للحصر، (الكاويات) التي ما تزال تستخدم للكشف عن المتفجرات و المفخخات، و الالاف العراقيين الأبرياء استشهدوا و جرحوا و اصيبوا بعوق دائم و فقدوا كل ممتلكاتهم، لأن هذه ( الكاويات) التي دفع بها الملايين من الدولارات لم تكشف المتفجرات. و الغريب و برغم الانتقادات، ما تزال هذه الكاويات تتسبب باختناقات مرور غير منطقية عند حواجز نقاط السيطرة. بعد ايام قليلة، ( نحتفل) بالذكرى الأولى لانتخابات 2010، و ماتزال الحكومة غير مكتملة! ليطالب الشباب بأن يتخلى مسؤولو العراق السياديين و غيرهم عن احزابهم، ليؤكدوا للعراقيين بأنهم ينتمون الى العراق اولا و ان مصلحة العراق فوق كل مصلحة اخرى. لينحاز اعضاء مجلس النواب الى الشعب، ليكشفوا بشفافية حقيقية و ليست شفافية ملابس الامبراطور في القصة التي درسناها في المرحلة الابتدائية عن رواتبهم، ليس الاسمي فقط، و هو في كل الأحوال عال جدا قياسا الى رواتب العراقيين و مدخولات 25% من العراقيين الذين يقبعون تحت خط الفقر. و الرقم كشفه النائب بهاء الأعرجي في حوار مع الشرقية يوم الاربعاء و هو ( 12 مليون دينار فقط). طبعا هناك مخصصات الحماية و بدل الايجار و الاعانات الاجتماعية و يقال بأن هناك مبالغ لشراء السيارات ذات الدفع الرباعي و سمعنا بأن النواب في الجمعية الانتقالية و الدورة السابقة استلموا مبالغ لتحسين الوضع الاجتماعي. ان اصلاح رواتب مجلس النواب، سيكون الخطوة الأولى نحو الاصلاح الحقيقي. لا يحتاج النائب الى مظاهر ( فخفخة) و ان كان الغالبية منهم ان العراقي ( ما يحترم اللي ما عنده حماية هواية و موكب من سيارات دفع رباعي عديدة!) ايها الشباب العراقي النبيل:
طالبوا ان يكون فتح باب التعيين مقابل تقليل الرواتب، و على ان يحسب سنوات ما بعد التخرج و التي غلق بها باب التعيين سنوات خدمة. طالبوا بحقوقكم و لكن بلا عنف و بلا كلمات غير لائقة و بلا تهجم على افراد الرشطة و الجيش. كانت صوركم و انتم تحملون القلوب الحمراء لأجل العراق في مظاهرة يوم الاثنين الماضي جميلة و معبرة. لا تفسحوا فرصة لمن يحاول استغلال مظاهراتكم للعنف و التهجمات. كونوا يدا واحدة، يدا عراقية تريد الاصلاح و تطالب باحالة الفاسدين الى المحاكمة و استرجاع قوت الشعب الذي نهب. بلا عنف و انتظام و بشعارات تطالب بحقوقكم و بالاصلاح، توكلوا على الله سبحانه. احموا من خلال مظاهراتكم العراق و كرامته ووحدته و حقوقه، تماما كما تحمون كرامتكم ووحدتكم و حقوقكم