وصف المحلل السياسي في نيويورك تايمز تيموثي وليامز كيف انتظر الناخبون العراقيون الانتقال من الشتاء الى الربيع ثم من الصيف الى الخريف بينما الشخصيات التي انتخبوها ما زالت بلا رئيس يقود البلاد منذ اكثر من ستة أشهر، وتمضي وقتها في الفراغ والملل. وفي تعبير ساخر، كتب وليامز عن العراقيين الذين يعانون من شحة المياه، ظلت اصابعهم مصبوغة بلون حبر الاقتراع البنفسجي لاكثر من اسبوع بعد الادلاء باصواتهم في آذار الماضي. وتحت عنوان “العراق ينتظر حكومة ماضية في اجازة طويلة”، تحدث وليامز عن الناخبين العراقيين الذين انتظروا طويلاً كي تتوصل القوى السياسية الى اتفاق، ولكن من دون جدوى، اذ كان العنف يتصاعد وتندلع تظاهرات احتجاجية على نقص الكهرباء ومياه الشرب وغيرها من الخدمات الاساسية.وانتقد وليامز اعضاء مجلس النواب الذين يمضون اجازة لاكثر من 200 يوم، وما زالت مستمرة، ويتلقون رواتبهم بشكل كامل، ويفعلون ما يحلو لهم، منوهاً الى ان النواب العراقيين لم يلتقوا منذ انتخابات آذار الماضي سوى مرة واحدة، وكان ذلك لمدة تسعة دقائق فقط. ورصد وليامز وهو الخبير بالشؤون العراقية في نيويورك تايمز كيف ان بعض النواب اختار تمضية الوقت في اماكن اقل فوضى، ومناخ اجمل، والاقامة في فنادق فاخرة او منازل خاصة مزودة بحمامات سباحة في الاردن وسوريا وايران ودبي، بينما بقي عدد قليل من النواب في العراق، ليجددوا تواصلهم مع عائلاتهم، او خضعوا لفحوضات طبية في دول تتمتع بمستشفيات اكثر تطورا، او شاركوا في اعراس ومآتم، وهي مناسبات كانوا في ظروف اخرى، سيتجاهلونها. وقارن وليامز بين الرواتب والامتيازات التي يحصل عليها النواب، وبين احوال العراقيين، مشيرة الى ان واحدا من بين كل اربعة عراقيين، يعيش تحت خط الفقر. ويعتقد وليامز ان الحيوية والتفاؤل التي رافقت صعود بعض النواب الذين يصفهم بانهم اصلاحيون، استبدلت لديهم الان بمشاعر الحرج والاستياء والغضب. ونقل عن النائب الصدري في بابل كاظم جواد قوله “انا أمثل الشعب العراقي، لكني لا اشعر بذلك..انا في نقطة غليان..انا متعب ومستاء طوال الوقت. هناك الكثير من الضغط علي. هذا اكثر من قدرتي على الاحتمال”. ويؤكد الرئيس السابق لمجلس النواب اياد السامرائي ان مشاعر الكآبة باتت منتشرة بين زملائه النواب. واوضح “ان عدم انعقاد جلسة النواب خلق فراغا نفسيا بين النواب المنتخبين.. فهم يشعرون بانهم لا قيمة لهم..كانوا يشعرون بالطموح ومستعدين للمشاركة والتغيير.. وهذا الدافع تلاشى تماما”. وبينما اغتنمت النائبة ليلى حسن الفراغ لتخصيص وقت طويل للمطالعة، وتلقي دورات في الديمقراطية ببرامج في الولايات المتحدة الاميركية ولبنان، فان النائب الكردي محمود عثمان، يخصص وقتا للذهاب الى مبنى مجلس النواب بالرغم من ان لا نشاط فيه ولا نواب، ما يشعره بمزيد من العزلة، ولهذا فانه يحاول تمضية وقت اضافي مع زوجته لتعزيز علاقته بها.
لكن ما يعوض عن هذا الاحباط الراتب الشهري الذي لم ينقطع (11050 دولارا امريكيا) وبدل بيت وثلاث سيارات مصفحة جديدة مع 30 حارسا، وجواز سفر دبلوماسي جديد يسهل رحلاتهم في المطارات الدولية، وتسهيلات اخرى حيث تم انشاء فرع لبنك داخل البرلمان حتى يتمكن النواب من سحب الاموال اللازمة بدون تعب او ‘نصب’. كل هذا ونسبة كبيرة من العراقيين تعيش تحت طائلة الفقر، والبطالة ونقص المواد الاساسية ويشربون المياه غير الصحية و’يتقلون’ تحت الشمس الحارقة. وكل ما يشعر به النواب هو الحرج والخوف من اللوم لانهم لا يفعلون شيئا لتحسين حياة من انتخبوهم