بغداد/المسلة: لا يجد العراقيون من فرصة للجدل السياسي، إلا واستغلوها في الحديث عن “النواب الفضائيين” في البرلمان العراقي، الذي يحضرون بالاسم فقط، فيما هم في واقع الحال غائبون، ويشاركون في جلسات البرلمان بـ “ريموت كونترول”.
وفي حين أشارت النائبة عضو اللجنة القانونية النيابية ابتسام الهلالي، الأسبوع الماضي، الى وجود نواب “فضائيين”، فان هناك الكثير من الدلائل الأخرى على وجودهم، ما يعد أحد ابرز ظواهر الفساد البرلماني الذي عرفه العراق منذ 2003.
ولطالما سعت محاولات من دون جدوى، إلى لجم هؤلاء النواب المتغيبين، فتارة يتداول البعض اقتراح فرض غرامات عليهم او قطع نسب من رواتبهم أو إلغاء بعض من امتيازاتهم، وما إلى ذلك من المحاولات اليائسة.
وذكرت فضائية عراقية، بعدما نسبت إلى الهلالي تصريحها عن النواب المتغيبين، إن عددهم يربو على الخمسين نائباً.
وكان من أبرز الذين طالتهم الانتقادات في هذا الشأن، حين كان نائبا، نائب رئيس الجمهورية المقال، إياد علاوي، الذي تحول يومها الى رمز الغياب عن جلسان البرلمان والتقصير عن أداء المهمات البرلمانية الموكلة اليه.
وإذ عُرف عن علاوي تنقله بين الدول وأقامته في عمان ولندن، فان نوابا يقيمون في أربيل وعمان ولا يحضرون جلسات البرلمان، ثم يطلقون من هناك التصريحات الفضائية، حول الأوضاع الأمنية والحرب على الإرهاب والعملية السياسية.
ولا يعرف بالضبط عن الدافع وراء هؤلاء في التغيب عن جلسات البرلمان، ولماذا يأنفون الحضور إليها.
واغلب أولئك الذين يقيمون في أربيل وعمان، معروفون بعدم قدرتهم على التفاعل الإيجابي مع الأحداث المحلية، بسبب فقدانهم الأدوات اللازمة لذلك، فيلجؤون الى فعاليات في خارج العراق لكي يظلوا تحت ضوء الأحداث.
وقال مصدر برلماني لـ”المسلة” إن كثيرا ما يتغيبَ نواب ائتلافي “الوطنية”، و “اتحاد القوى”، والحزب الديمقراطي الكردستاني ونواب محسوبين على خميس الخنجر وفاضل الدباس، والتحالف المدني، عن حضور الجلسات البرلمانية، حيث ينسقون أسباب غيابهم مع جهات في البرلمان.
ولا يمكن السماح باستفحال غياب البرلمانيين، بحسب تصريحات نواب، لان هؤلاء استهتروا بأصوات الشعب، وعّطلوا المصادقة على قوانين حاسمة في مستقبل ومصير البلاد.
وفي كل مرة تندلع تظاهرات احتجاج تعبر عن استياء شعبي عارم من نواب يتقاضون رواتب ضخمة، ويتمتّعون بامتيازات واسعة، لكنهم يتغيّبون عن الحضور الى مجلس النواب، على رغم انهم ممثلون عن الشعب وحضورهم يُعدّ مهما في القرارات التي يصادق عليها ويشّرعها البرلمان العراقي.
واذا كانُ متّفقا عليه، بان ظاهرة غياب النواب، تسيء إلى البرلمان، باعتباره مؤسسة تشريعية، فان المطلوب اليوم هو الإطاحة بأولئك النواب “المتغيّبين” الذين يرقى غيابهم إلى درجة الفساد، إذ تشير متابعات “المسلة” لحركة الشارع العراقي، الى ان الجماهير العراقية لن ترضى باقل من أسقاط العضوية عنهم”.
ويعكس مشهد المقاعد الفارغة، انطباعا سلبيا لدى المواطنين بان ممثلي الشعب لا يعبئون لمطالبيهم والقرارات المتعلقة بمصير البلاد.
وتعكس استطلاعات “المسلة” الميدانية ان لدى الجمهور انطباعات سلبية حول اغلب النواب بسبب ظاهرة غياب البرلمانيين، والتي تفصح عن عدم اكتراث بهموم الشعب العراقي، والمشاركة في الشأن العام.
ويقول مراقبون ومواطنون ان الغياب المتواصل من قبل أعضاء مجلس النواب عن جلسات البرلمان حتى وصلت غيابات بعض منهم إلى اشهر، اصبح ظاهرة مستفحلة وجوبا مكافحتها بإجراءات المحاسبة والمعالجة وفق النظام الداخلي للبرلمان.
وقال النائب عن التحالف الوطني علي البديري لـ”المسلة”، ان “النظام الداخلي لمجلس النواب واضح فيما يتعلق بالنواب المتغيبين، حيث ان النائب الذي يتغيب خمسة جلسات متتالية او عشرة جلسات متقطعة، يحال إلى لجنة تحقيقية واذا استمر في الغياب فتتم اقالته”.
واصدر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في 10 اب 2015، حزمة إصلاحية برلمانية بالتزامن مع حزمة رئيس الوزراء حيدر العبادي، تضمنت 16 مطلباً أبرزها “إقالة أعضاء مجلس النواب ممن تجاوزت غياباتهم وبدون عذر مشروع أكثر من ثلث جلسات المجلس من مجموع الفصل التشريعي الواحد والنظر في أداء رؤساء اللجان النيابية واستبدال من لم تثبت كفاءته في إدارة اللجنة”.
وقالت النائبة عن كتلة التغيير النيابية شيرين رضا لـ”المسلة”، ان “غياب أي نائب عن جلسات مجلس النواب غير مبرر، وذلك لان النائب يمثل عددا كبيرا من الجماهير”.