(النهوة) عرف عشائري يتخطى الشريعة والقانون

 

بغداد/اين: تعد ظاهرة [النهوة] من التقاليد العشائرية التي كانت واسعة الانتشار في العراق وتعني ان احد اقارب فتاة ما حتى لو كان من الدرجة العاشرة يحق له ان يمنع زواج تلك الفتاة من شخص غريب ربما ليس بدافع حجزها لنفسه او احد ابنائه فقط وانما احيانا لغرض الحصول على مبلغ مالي عندها يجيز لطالب يد الفتاة من خطبتها والاقتران بها.

هذه الظاهرة بدأت تتلاشى خلال السنوات الماضية غير ان آثارها مازالت باقية لاسيما في الاوساط الشعبية والعشائرية، وقال رجال الدين عن هذه الظاهرة انها “خطأ كبير وغير جائز شرعاً فالزواج يستوجب موافقة الطرفين مع موافقة ذويهم ويشترط بالزوج ان يكون كفوءً ولا شيء غير ذلك يمنع الزواج ، فالنهوة مخالفة للقانون والشريعة الاسلامية”.

ويقول أحد وجهاء عشيرة حجام في الناصرية كريم عيسى ان “عرف [النهوة] موجود حتى الان في المحافظات الجنوبية والبعض الاخر متمسك به ويعتبره أقوى من القوانين السارية كونه تقليد عشائري قديم والجميع ملتزم به حتى النساء”.

ويضيف “في حالة مخالفة هذا العرف فالعشيرة تسعى الى مقاطعة من يتجاهله وعدم الاهتمام به لحين الخضوع لقرارات العشيرة والقبيلة وبعض الاحيان يحدث اطلاق نار بين الاقرباء لحل المشكلة”.

وعن وجهة نظره قال احد شيوخ عشائر بابل حسن عبد الاله الزبيدي ان ” تقليد [النهوة] مازال بين العشائر العراقية فهو موروث متعارف من حق ابن العم أن يتزوج من ابنة عمه اذا كان راغبا بها، ولا يحق لأحد آخر أن يزاحمه عليها، وعلى الخاطب الغريب أن يحترم هذا [الحق] ويتراجع، واذا تجاوز الحدود يتعرض للأذى أو القتل، فان العشيرة غير ملزمة بدفع الدية او التعويض و بعض الاحيان العشائر تدفع الدية او التعويض من باب ارضاء أهل القتيل وعشيرته”.

ومن وجهة نظر القانون بـ[النهوة] قال المحامي محمد المعموري ان “قانون الاحوال الشخصية عام 1963 المرقم 188 الذي اجريت عليه عدة تعديلات من اجل انصاف المرأة ومن المستغرب انه بعد 46 عاما على صدور القانون واعطائه الحقوق الكاملة للمرأة والرجل واستقرار العائلة يفاجأ العراقيون بصدور قرار 137 من مجلس الحكم والذي يقضي بإلغاء قانون الاحوال الشخصية ويعيد العمل بالقضاء المذهبي وان كان هذا القرار الغريب قد الغي بعد صدوره بفترة وجيزة في 2004 الا ان مفاعيله ظهرت مجدداً في نصوص الدستور الذي اقر باستفتاء شعبي”.

واشار الى ان “اغلب الفتيات اللواتي يخضعن لعرف [النهوة]  يشمل العديد من الفتيات وحتى اللواتي يحملن شهادات علمية ،”مؤكدا ان”القانون يقف بجانب الضعفاء لكن التقاليد العشائرية تسري دون رادع”.

من جانبه قال الباحث الاجتماعي في جامعة بابل حميد كاظم هويد ان ” مستقبل هكذا زواج خطير كونه يأتي بالإكراه و اخطرها انتقام المرأة من الرجل  فهناك حالات كثيرة ادت الى اقدام المرأة على قتل زوجها لأنها اجبرت عليه وبعض الاحيان الرجل ينتقم لأنها لا تحترمه بالإضافة الى ضياع الاطفال”.

واضاف هويد ان “المحاكم القضائية في المحافظات الجنوبية سجلت اكثر من 400 حالة اكراه وحين نبحث عن خلفيات هذه الحوادث نجد بانها تعود الى عرف [النهوة]”.

واشار الى ان “المؤسسات المدنية والدولية وكذلك القوانين تشير الى ازدياد تقليد [النهوة] بين المجتمعات العشائرية واستغلال الضعفاء وعدم الاكتراث الى القوانين الانسانية او قانون الاحوال الشخصية، “مشدداً على” ضرورة تشريع قوانين تحد من بعض الظواهر التي تخرب المنظومة الاسرية

 

Facebook
Twitter