وقبيل ان ينضو عام 2015 عنه غبار ايامه فجعنا برحيل الكاتب والباحث والروائي العراقي خضير ميري بعد معاناة مرة مع المرض والعوز والجحود.
قال صديقه الزميل رئيس التحرير عبدالرضا الحميد في رثائه:
(( قال لي مرة: انت مجنون ككل العراقيين وانا العاقل الاوحد بينكم.
وقال: انا العراقي الاوحد الذي يمتلك شهادة رسمية من وزارة الصحة بانه (عاقل) بينما لا يمتلك كل العراقيين مثل هذه الشهادة.
رحل ( المجنون بسبب)
وبقينا نحن ( العقلاء بلا سبب)
ابا سقراط الصديق الحبيب والمفكر والروائي المختلف: وداعا
( روح وداعة الله))
ورثاه صديقه الشاعر حسن النواب قائلا:
الفيلسوف ، الشاعر ، المجنون ، الناقد ، الروائي ، الصحفي ، الصعلوك ، المعذّب ، المدمّر ، السعيد ، المحزون ، القارىء ، المثقف ، الفوضوي ، الساخر ، المتهكم ، الصبور ، الحكيم ، المبدع ، السياسي ، المفكّر ، المفلس ، الثري ، الخمّار ، المدخّن ، المتأمل ، المشّاء ، المداهن ، الحويط ، التاجر ، الفقير ، الأنيق ، المتقتر ، الكريم ، المُصغي ، المتحدّث ، المتكلّم ، المجادل ، العاقل ، الإشكالوي ، الذكي ، الممزق ، العنيد ، المتسامح ، القوي ، الضعيف ، الصديق خضير ميرى .. حلّقت روحه حاملة على جنحيها صحراء بوذا والجنون والعسل ، ترى من سيكون بإستقبالك هذه الليلة عند بوابة السماء .. ؟
خضير .. ثروتك الأدبية تجمعت بكيس نايلون أسود ؟ ورحيلك فاقم وحشتي بهذه الغربة القاتلة ؟ لماذا ياصديقي ؟ تترك اصدقاءك ينحبون ؟ لماذا ؟
واردف النواب ودموعه تصير بحرا من منفاه في استراليا الى العراق ( خضير ميري مات .. ومنذ يومين مثل الطائش المخبول .. طيب اذا مات حميد سعيد ، وصلاح زنكنة ، علي حسين عبيد ، خزعل الماجدي ، وجواد الحطاب ، وأحمد خلف ، وسامي مهدي ، وارد بدر السالم ، جاسم كماش ، علي النواب ، وسعيد العذاري ، زهير النواب ، أياد الزاملي ، ومحمد حياوي ، وصلاح صلاح ، وصلاح حسن ، وعبد الرضا الحميد ، ومعد الجبوري ، وعبد الوهاب إسماعيل ، وسعد الصالحي ، وأمير الحلاج ، وصالح مطروح ، وماجد موجد ، ومجيد الموسوي ، جمال جاسم أمين ، وعلي سعدون ، ويحيى البطاط ، وهادي مهدي شعلان ، وسلام حربة ، وسام هاشم ، كريم الزيدي ، وسعدي يوسف ، وحسب الشيخ جعفر ، محمد خضير ، وريسان صدام ، وسلمان داود محمد وبرهان شاوي ، وصموئيل شمعون ، وجمعة اللامي ، وأحمد عبد السادة ، وعلييييييييييييي السوداني ، وعبد الزهرة زكي ، عدنان الصائغ ، عبد الرزاق الربيعي ، وكاظم الحجاج ، وكاظم غيلان ، وعبد السادة البصري ، ونجاة عبد الله ، وماجد عدام ، وعلي بدر ، وجمال حافظ واعي ، وهادي الحسيني وستار موزان ، وحمزة الحسن ، وهاشم معتوق .. يا إلهي امتلك ثروة هائلة من الأصدقاء مازالوا على قيد الحياة .. اتوسلك .. اتوسلك ان اموت قبلهم ، لأني ما عدت قادرا على الرثاء ).
وقال الشاعر عادل عبدالله:
خضير ميري
صباح الخير ايها الراحل
يومَ كانَ الشعرُ بحاجة الى الجنون و التمرّد،
تقدّمَ الفتى الجميل (رامبو) ليحمل المهمة العسيرة هذه
نيابةً عن الشعراء كلّهم .
و حينَ ملّتْ الفلسفةُ بقاءها في قاعة الدرس
و محفل العقول،
تقدّم الفتى الشريد (ميري) ليأخذها في نزهة قصيرة للتسكّع
جابتْ خلالها الحانات و الشعر و الشوارع
غير آبهة بتاريخها العظيم
أو خجولة من نظرة المعلّمين لها
و هي تسير بشعرها المحلول بين المقولات و المفاهيم
و لأنهم كانوا يريدون لها أن تعود الى بيتها المحافظ،
و لأنها أميرة مدللة لم تعش من قبل غبطة الفقراء،
كما تفعل الآن في صحبتها الجديدة له،
عمدوا الى حيلة من حيل العقلِ
مفادها : أن الجنون لا ينتج الحكمة
و هكذا دعوا اسلافهم و أربابهم
ليزرعوا الجنون في رأسه الطليق
ذريعةً للفراق بينهما،
غير أن ما حدث بعدها كان مدهشا لهم
إذ أنها فضّلت بقاءها معه
في المصحّات و الهذيان و الحقن المخدرة
ربما ليُثبتا معا
أن الفلسفة ليست وليدة العقل وحده
و أن الجنون قادرٌ على انجابها ايضا
و لأن الفلاسفة قد ورثوا عن النساء أنقى خصلتين فيهن
أعني، رغبة الانتقام و الحسد
فقد عمدوا هذه المرة الى قتله،
و لأن ميري كائن لا يعرف الحقد و المواجهة
استجاب لأمرهم طائعا،
ربما ليثبتَ لهم
أن الأموات قادرون على اشاعة الحكمة بينهم أيضا .
ورثاه الشاعر عبدالحميد الصائح قائلا:
الكلمات التي لاتفك فيّ اختناقاً تشبه دواء منتهي الصلاحية، هذه حالتي الان وانا اشيّع امام اوراقي جنازة جماعية لكل من كان عصيا على الموت ، متمردا على الحياة . انه خبر خضير ميري شريكي في ارتكاب الحياة ، الشاهد السري المتسامح على جرائمي ضد نفسي ، مقابل صمتي عن براءته. يوم حط خضير بعد عشرين عاما من الفراق في منزلي بالقاهرة 2008 ، يالها من ليلة …… لن اطيل لاني ساطيل كثيرا اذا تحدثت عن خضير. ولن اكتب حتى اجد كتابة تفك اختناقي . اعذروني انا في غير عادتي الان. انا اعرف خضير . ماكان له وليس من حقه ان يموت الآن ، لكني مجبرٌ ان اودعه الى عالم غير عالمنا ، والى ذاكرتي وروحي ماحييت .
- info@alarabiya-news.com