عبد الرضا الحميد
في واحدة من ابرز التماعات عبقرية الامام علي عليه السلام قوله : (مكارم الاخلاق عشر: السخاء، الحياء، الصدق، اداء الامانة، التواضع، الغيرة، الشجاعة، الحلم، الصبر، والشكر)
ولو شئنا ان نفحص هذه المكارم عند الطبقة الحاكمة في المنطقة الخضراء التي يزعم الاعم الاغلب منها انها على نهج ابي الحسنين ـ وابو الحسنين براء منها ـ فماذا نجد؟
لا سخاء عندهم الا سخاءهم في السحت الحرام على شركائهم واضرابهم واترابهم ، فما من جائع عراقي اشبعوه وما من عار كسوه وما من مشرد آووه وما من سائل اعطوه وما من يتيم مسحوا على رأسه ومامن ثكلى انصتوا الى نواحها وما من شيخ اكرموا كهولته.
ولا حياء عندهم، فمن لايستحي من رب العباد لايستحي من عباده، فان اقسموا حنثوا، وان وعدوا كذبوا، وان اؤتمنوا خانوا.
ولا صدق عندهم ، فكلام صباحهم غيره في مسائهم، ومامن ميزان لكلام غير ميزان منافعهم، فان زعموا في الامس ان فلانا ارهابي فتيقن انهم بعد حين سيفرشون له السجاجيد الحمر وينزلونه احد عروشهم شريكا لهم.
ولم يؤدوا الامانة الى اهلها وقد استأمنهم الناس على البلاد ومال العباد فلا الوطن الذي كان جمجمة العرب حرسوه ولا سيادته المهتوكة استرجعوها ولاكرامة مواطنيه حفظوها ولا ثروات ارضه صانوها.
ولا تواضع عندهم،فقد استجدوا الناخبين انتخابهم ولما حازوا ماارادوا ـ زورا وبهتانا ـ قلبوا للناس ظهر المجن، وعدوهم مناديل ورقية انتهى استعمالها، وصاروا يمضون بين الناس في مواكب يسبقها زعيقها ويلحقها شخير عرباتها ولعلعة اسلحة زمر حماياتهم، فان دهسوا آدميا لم يلتفتوا اليه، وان افزعوا شيخا او عجوزا او طفلا قهقهوا فرط سلطنتهم التي لم تقرب منها سلطانات هيلاسي لاسي وشاهنشاه ايران وابي متعب (حارس الحرمين الشريفين) ببنادق اولاد وبنات تكساس ولاس فيغاس وحي هارلم.
وما من غيرة عندهم، فان ناداهم محتل او غاز هبوا اليه خفافا وثقالا ووقفوا طوابير على باب سفارته او باب دارة خلوته وحرامه ينتظرون اذن (جلالته) كي يبش او يهش في وجوههم، وما من قوموا غزوا في عقر ديارهم الا اذلوا ، فمابالك بقوم غزوا في عقر ديارهم فأستمرأوا الذل ودأبوا عليه، وتهافتوا حوله تهافت الذباب على الفطيسة.
وما من شجاعة فيهم الا شجاعة النيل من الاهل والكيد لذوي الدين والدم، ودس السم في عسل الوقيعة، ورمي الابرياء في اتون زنازن لا لشيء الا لانهم لم يذعنوا لمحتل ولم يرتضوا بطائفية تفرق الشعب ولا تجمعه، ولم يقولوا ماقالوه ولم يفعلوا مافعلوه، وظلوا بيض الوجوه لله وللوطن وللناس.
وما من حلم عندهم، ولا علم، فالحلم عندهم ترهات والعلم خزعبلات، والحذر من غضب الحليم اكذوبة يردونها ان غضب بالرصاص الحي والرصاص المطاط وبطائرات تهبط على رؤوس الناس والماء المداف بالتوابل والغازات يرش على وجوههم، وما من احد فيهم رقبته كرقبة البعير، فلسان كل واحد فيهم حصان شارد من عقاله، لايخشى ان وقع الموت على الناس بسبب كلامه او وقع الناس على الموت.
وما من صبر عندهم على رد الكريهات، ولا صبر عندهم على كبح الشهوات، ولا صبر لديهم على شكم النفس الامارة بالسوء فيهم، فالصبر عندهم كبيرة من الكبائر، وخصيلة صغيرة عند الصغار من الخصال الصغائر.
وما من احد فيهم يشكر الله ، لان كل ماينعمون به من مال وجاه وسلطة وعدوان وقصور وزوجات دائمات وزوجات مؤقتات وجوار وحريم وضياع واطيان في العراق الفقير او في بلاد الافرنج والطليان والاميركان الغنية هو من نعم الشيطان الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، افيشكرون الله على نعم ابليس؟