المسرح العراقي يتفرج على الاحتلال صامتاً !!!

نادية العبيدي


تعلمنا منذ البدء ان المسرح صانع ثقافة الشعوب، وتداولنا كثيرا (اعطني خبزا ومسرحا اعطك شعبا مثقفا) والثقافة هنا ليست ادراك بعض تخوم المعرفة، انما الارتماس في اوجاع الشعب واستكناه تطلعاته.
ومن الثابث غير القابل للدحض ان اهم تطلعات الشعوب المحتلة هو تحريرها من براثن الاحتلال، فهل كان المسرح العراقي صانعا لثقافة مقاومة الاحتلال وهي الشرط الاول من شروط تحقيق تطلع الشعب الى حريته؟
تقول الوقائع الثقافية:
نعم افرزت السنوات التسع عندنا قصيدة مقاومة وشعراء مقاومين
وافرزت قصة مقاومة وقاصين مقاومين
وافرزت رواية مقاومة وروائيين مقاومين
وافرزت كتابة مقاومة وكتابا مقاومين
وافرزت اغنية مقاومة ومغنين مقاومين
وافرزت موسيقى مقاومة وموسيقيين مقاومين
وافرزت لوحة مقاومة ونحتا مقاوما وتشكيليين مقاومين.
لكنها لم تفرز مسرحا مقاوما ومسرحيين مقاومين؟
فهل ثمة نكوص مسرحي عن صناعة ثقافة الشعب باتجاه اهم تطلعاته؟
فاذا عرفنا ان الاحتلال لم يهدد بنية الدولة وحدها ولم يدمرها فحسب، بل هدد وحدة الشعب وكاد يعصف بها، وحاول انتاج شعب اخر بثقافة اخرى غير ثقافتنا الاصيلة، فهل من الصحيح ان نتطامن مع مسرح ظل صامتا ولم ينجز علامة فارقة على طريق مقاومة الاحتلال؟
في الشأن الابداعي الفلسطيني المقاوم قال المفكر ادوارد سعيد : المقاومة الفلسطينية ضمت اطاراً كاملاً من أشكال التغيير الثقافي الذي بات يشكل جزءاً من تماسك الهوية الفلسطينية وبقائها. فهناك سينما فلسطينية، ومسرح فلسطيني، وشعر فلسطيني، وأدب بكل ضروبه، كما يتوافر خطاب فلسطيني نقدي وسياسي. وعندما يتعلق الأمر بالهوية السياسية التي تكون عرضة للتهديد فإن الثقافة تمثل أداة للمقاومة في مواجهة محاولات الطمس والازالة والإقصاء. ان المقاومة شكل من أشكال الذاكرة في مقابل النسيان، وبهذا الفهم أعتقد ان الثقافة تصبح على قدر كبير من الأهمية. لكن هناك بعد آخر للخطاب الثقافي يتعلق بالقدرة على التحليل، بمعنى أن تتخطى القوالب الجاهزة وتضطلع بمهمة تصحيح الأكاذيب.
والمبدعون العراقيون، اسهموا في تشييد معمار الادب المقاوم الفلسطيني والمسرح المقاوم الفلسطيني، بل لم تكد سنة من سنوات بعد قيام الكيان الصهيوني اللقيط تخلو من انجاز عراقي مقاوم.
فلماذا صمت المسرحيون العراقيون عن احتلال وطنهم ولم يصمتوا حيال احتلال اقطار اخرى من وطنهم العربي الكبير واوطان اخرى في العالم؟؟
قد يقول قائل ان بعض المسرحيين كتبوا مسرحيات مقاومة، فنقول نعم، ونشير الى تجربة الكاتب الكبير فلاح شاكر، لكننا نرمي الى ان المسرح ليس نصا مكتوبا فقط، بل هو تشخيص على الخشبة وطواف بين الناس؟؟
هل خذل المسرح والمسرحيون وطنهم وشعبهم في اخطر مراحل تاريخهما؟
ام ان مسرحنا لاينهض الا بمؤسسات حكومية لم تستطع ان تغادر قفص الانقياد للمحتل؟
سؤال كبير جدا به حاجة الى اجابة تاريخية، وفي الاجابة ستتم الاشارة الى (من خذل من؟) و(من تطامن مع من؟)؟
ولعمري ان الاجيال المقبلة ستقرأ الاجابة وستتوقف وقفة مساءلة تاريخية طويلة وعميقة لن تشفع معها محاولات تعليق النكوص على شماعات اخرى..

Facebook
Twitter