المرأة العراقية في مضارب الحريم

نادية العبيدي

في العراق الزام دستوري بان تكون للمرأة حصة تمثيل في المؤسسات التشريعية والتنفيذية لا تقل عن خمسة وعشرين بالمئة.

وفي مصر وتونس وسورية وفلسطين لا يوجد هكذا الزام.

لكن:

النائبات في مصر  وفي سورية اعلى صوتا احيانا من النواب  والمسؤولات اعلى حضورا احيانا من المسؤولين ، ومن النادر ان تجد بينهن امية او شبه امية او نصف متعلمة او لا تجيد الا ترديد مايقوله حزبها او يتلوه على مسامعها رئيس قائمتها او كتلتها.

والنائبات عندنا ماخلا اثنتين او ثلاث لعل النائبة مها الدوري في طليعتهن، يختصر وصفهن المثل القائل: اذا حضر لا يعد واذا غاب لا يفتقد.

في الانتفاضة المصرية كانت المرأة تتظاهر وتترنم بالاشعار والاناشيد في ميدان التحرير وتحتج بالهتافات ورفع اللافتات وتواجه وسائل القمع وتعمد تاريخها وتاريخ وطنها بالدم والعرق.

وفي الانتفاضة التونسية كانت صوت المرأة تؤاما لصوت الرجل في الاحتجاج والتنديد بطغيان الفساد وعمدت ايضا تاريخ تونس الخضراء والياسمين التونسي بعرق ودم حتى ادركت الفوز مع شعبها او صارت في الاقل قاب قوسين او ادنى منه.

وفي سورية، وحينما دهمت اصابع المؤامرة المعدة في الاقبية الصهيونية والاميركية والانكليزية والفرنسية الصليبية الجديدة والخليجية المتخنزرة بعض المدن كانت المرأة السورية قبل الرجل تنزل الى الشارع دفاعا عن وطنها ووحدته ودفاعا عن حرية الشعب السوري وخياراته الوطنية ودفاعا عن حرية المرأة التي تعد اعلى مستويات الحرية التي تتمتع بها النساء في الوطن العربي كله، ولعل العلامة الفارقة في دمشق وسائر المدن السورية ان المرأة كانت بمستوى اندفاعة الرجل وعديدها بمستوى عديده وحماستها بمستوى حماسته ان لم تفقها، واصرارها كاصراره على احباط المؤامرة وافشال ريحها ورد سهام باعثيها الى نحورهم ، ان لم يفق اصرارها اصراره.

وفي فلسطين ، كتبت المرأة الباسلة اروع المعلقات واعظم القصائد في توأمتها للرجل في مقاومة الصهاينة الاوباش وفي الدفاع عن الحرمات المقدسة، وفي تحمل نير الطغيان وغياهب السجون وقعور الزنازين، وعمدت ايضا تاريخ فلسطين واشجار زيتونها بالدم الطهور، ومازالت صورة المرأة الفلسطينية العجوز التي تحتضن زيتونتها والجرافات الالية الضخمة تتقدم نحوها توجه اصابع ادانة كبرى للغرب الصليبي المتصهين الجديد.

لكن ، وآه من ( لكن ) ،

لم تشهد ساحة التحرير البغدادية الا ثلة قليلة من النساء العراقيات في وسط هدير بشري محتج، ثلة قليلة جديدة بعضها من النسوة الامهات الكبيرات جئن لرفع اصواتهن من اجل معرفة مصائر ابنائهن او ازواجهن المعتقلين في سجون سرية ، وثلة اخرى من النسوة حسبن على تيار سياسي عرف منذ الخمسينيات بتقديم الوجوه النسوية ليس لطليعيتها وحضورها الفكري والشعبي والانساني انما لاسباب تتعلق بالكسب الحزبي.

ولم نلحظ وجودا نسويا حقيقيا يناسب الغوتا النسوية، وهنا اتساءل هل ان النسوة اللواتي ذهبن بارجلهن الى مراكز الانتخابات وانتخبن من تمثلهن قانعات بهذا المستوى الهزيل من التمثيل وقانعات بهذا الكم الهائل من الفساد الحكومي وتغييب الشعب وقمعه وتشريده وتجويعه واذلاله وتحويله الى قطيع يلهث وراء رعاة قساة القوب لا يلتفتون الا الى مصالحهم ومنافعهم والسحت الحرام؟

ان كانت الاجابة (نعم) فتلك مصيبة
وان كانت الاجابة ( لا) فالمصيبة اعظم

Facebook
Twitter