كشف قضاة متخصصون عن تزايد خطير في ملفات المخدرات، مؤكدين أن جانب الرصافة في بغداد يسجل يومياً نحو خمسين دعوى على صعيد التعاطي أو المتاجرة.
وفيما اشار القضاة إلى تجار يسعون حالياً لنقل تجربة صناعة مادة الكريستال المحظورة إلى العراق، لفتوا إلى ورود معلومات عن نيّتهم استحداث مصانع لهذا الشأن بعضها قيد الإنشاء، داعين في الوقت ذاته إلى تعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية لمنع عمليات التهريب المتكرّرة للمواد المخدرة.
ويقول قاضي التحقيق المتخصص بدعاوى المخدرات علي حسن كامل، إن “عدد قضايا المخدرات في عموم البلاد تشهد تزايدامن قبل جميع الجهات ذات العلاقة”.
وأضاف كامل في حديث مع صحيفة “القضاء” الصادرة عن المركز الاعلامي للسلطة القضائية، ان “المعدلات على جانب الرصافة من بغداد فقط بلغت بحدودخمسين قضية خلال اليوم الواحد”.
وأوضح أن “الوقائع المعروضة امامنا تفيد بأن اغلب المتعاطين يتواجدون في المناطق الشعبية الفقيرة المكتظة بالسكان”.
وأكد كامل أن “اغلب الدعاوى تتعلق بتعاطي الكريستال المخدرة”، مبيناً أن “هذه المادة انتشرت بنحو كبير في عموم البلاد مؤخرا
وأورد أن “المشرع العراقي تعامل مع المخدرات ووضعها في قانون واحد ومن بينها نبات القم، وحبة الكوكة، والأفيون الطبي، والخشخاش والحشيشة، إضافة إلى الكريستال وغيرها”.
وأفاد كامل بأن “شحنات الكريستال تدخل العراق من دول الجوار بواسطة تجار متخصصين بتهريب المخدرات”.
واستطرد “إنها مادة صناعية وليست زراعية يتم اعدادها قبل دخولها إلى العراق”، وفيما تحدث عن أن “التحقيقات القضائية توصلت إلى تجار يحاولون حالياً نقل التجربة إلى الداخل منخلال اطلاعهم على كيفية تكوين الكريستال”، كشف عن “معلومات مؤكدة تفيد بوجود معامل قيد الانشاء ستخصص لهذا الغرض”.
وأشار قاضي المخدرات إلى أن “التجار يستغلون في ادخال الكريستال سهول نقلها، وكذلك ضعف الاجراءات الرقابية في بعض المنافذ الحدودية”.ومقارنة بالكريستال كون تلك المواد موجودة في بلدان بعيدة
كما لفت كامل إلى مواد اخرى لها سوق في مدننا منها “الحشيش والهيرويين”، لكنه اقرّ بأن “نسب تعاطيها قليلة جدا ويصعب نقلها إلى العراق”.
وبعض الصيدليات تم الكشف بجهود تحقيقية عن بيعها المواد المخدرة وحبوب الهلوسة وأغلقت وأحيل اصحابها على المحاكم المختصة وصدرت بحق اصحابها احكام مختلفة”.
وأشار إلى “عمليات تحصل ببيع ادوية ذات مؤثرات عقلية دون وصفة طبية”، مبيناً ان “هناك من يلجأ إلى تناول علاجات لأمراض مزمنة لكن الغرض الحقيقي هو استخدامها للهلوسةوبالتالي يأتي دور وواجب الصيدليات هنا بإعطائها وفق وصفات طبية ولأصحابها حصرا عن موافقة الطبيب المختص”، لافتاً إلى أن “المحكمة تنظر الدعاوى وتتخذ كافة الاجراءات.
واستطرد كامل أن “المشرّع فرض عقوبات على من يتعاطى حبوباً وعلاجات بعيدا عن تشخيصات الطبيب لمعرفة حقيقة هذه الوصفة والغرض من تعاطي المادة العلاجية”.
وأورد أن “العقوبات لا تشمل المتعاطين فقط، إنما تمتد إلى اصحاب الصيدليات الذين يبيعون هذا النوع من العلاجات دون وصفة طبية”.
ونبه كامل إلى أن “تصنيف المواد على أنها مخدرة ولها تأثير عقلي يكون بموجب جدول رسمي، مردفاً أن “المشرع خوّل وزير الصحة صلاحيات بإصدار ملحق لهذا الجدول يخصصلإضافة أي مادة يتم التعرف عليها لاحقاً على أنها مخدرة أيضاً”.
وعن العقوبات المقرّة للمتورطين بجريمة المخدرات، ذكر أنها مختلفة بحسب الفعل المنسوب إلى المتهم سواء كان تعاطيا أو متاجرة، وتابع أن “الجزاء يصل بالنسبة للمتعاطي إلىالسجن لمدة 15 سنة، وقد يتراجع إلى الحبس لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بحسب ما معروض والظروف المحيطة”.
وقال “اما اذا كان التعاطي في المعركة وأثناء مواجهة العدو فأن عقوبة المدان هنا السجن المؤبد”، مضيفاً أن “العقوبة قد تصل إلى الاعدام بالنسبة لمن يتاجر بالمخدرات”.
من جانبه، رأى نائب المدعي العام في قضايا المخدرات القاضي، فؤاد فاضل، أن “تعاطي المخدرات أصبحت ظاهرة أخذت بالانتشار بين اوساط الشباب”.
وأضاف أن “اعداد الدعاوى على جانب الرصافة اخذت بالارتفاع ووصلت إلى العشرات خلال اليوم الواحد”.
ويتفق فاضل مع القاضي كامل بأن “الاحياء السكنية المكتظة بالمواطنين تعد البيئة الاكثر انتشارا كالنهضة والعلاوي كونها مكاناً لاستقبال المسافرين من مختلف المحافظات”.
من الصعوبات التي تواجه عمل الاجهزة القضائية المكلفة بمتابعة هذا الملف اجراء التحليل الطبي للمتهمين وإرساله إلى المستشفيات لاقتفاء حقيقة التعاطي من عدمه”.
وشدد نائب المدعي العام على أن “عملية ارسال المتهم والحصول على نتيجة التحليل الطبي يجب أن تحصل خلال ثلاثة أيام؛ لأن بانقضائها قد يفضي إلى ضياع معالم الجريمة”.
ويجد أن “اهم اسباب تعاطي المخدرات وفقاً للدعاوى المعروضة تكمن في التفكك الاسري واصدقاء السوء والفقر والانحراف وحب الاستطلاع لدى المراهقين المقترن بعدم متابعةالاهالي لهم”.
وأكد فاضل أن “المحاكم المختصة تفرّق في توجيه العقوبة بين من تعاطى المخدرات لأول مرة ومن أدمن عليها، كما أنها تفرّق بين متناولها وهو يعرف طبيعتها وآخرين قد يجهلون بأنهاتترك مؤثرات عقلية لاسيما المصابين بأمراض تستوجب الحصول على ادوية معينة”.
وحذر فاضل من “انتشار هذه الظاهرة في الاوساط الشبابية، خصوصاً وان بعض المدمنين يتورطون في وقت لاحق بعمليات ارهابية نتيجة للمؤثرات العقلية لأن المدمن تكون لديه رغبةفي ارتكاب الجريمة”، داعياً إلى “تكثيف رقابة المنافذ الحدودية لتقليل فرص دخول المخدرات إلى العراق”.
يشار إلى أن مجلس القضاء الاعلى سبق أن قرّر منح اختصاص النظر في دعاوى المخدرات بعد اكتمال التحقيق فيها إلى المحكمة الجنائية المركزية لأهميتها.