المجرمون الغزاة يعترفون بعدم شرعية غزوهم العراق وتدمير دولته وتشريد شعبه

اتهم شاهد رئيس في التحقيق الذي تجريه لجنة سير جون تشيلكوت في ظروف الحرب على العراق المسؤولين في الحكومة البريطانية بمحاولة التعمية على شهادته التي احتوت على ادلة تحرج الحكومة وتثير اسئلة حول قرار الحرب عام 2003. ففي مقابلة مع صحيفة ‘اوبزيرفر’ البريطانية قال كارين روس، الخبير في شؤون العراق في الامم المتحدة في الفترة ما بين 1997 -2002. عملية التحقيق تعاني من مشاكل بسبب محاولة قوى متمترسة في داخل الحكومة منع اللجنة من التوصل الى الدوافع الحقيقية التي ادت الى غزو العراق. واشتكى روس الذي قدم شهادته امام اللجنة هذا الشهر من ان الحكومة لم تقدم له الوثائق اللازمة والمتعلقة بشهادته، فيما كشف ان مسؤولين في الخارجية حذروه من عدم التطرق في شهادته الى مذكرة داخلية  تظهر تناقضا بين موقف الحكومة الداخلي والعلني. فقبل ظهوره امام اللجنة تلقى ملفات ضخمة كي يقرأها وبسرية تامة داخل مقر بعثة بريطانيا في الامم المتحدة، لكن الملفات المهمة التي (طلبتها لم تكن بين الملفات الضخمة).
وقبل ظهوره امام لجنة تشيلكوت قام روس بزيارة مكتب الخارجية حيث حاول مسؤول فيه اقناعي مرارا وتكرارا بحذف اشارات لوثائق مهمة من شهادتي’. وقال روس ان المسؤولين طلبوا منه عدم الاشارة في شهادته الى مذكرة داخلية كتبت الى المستشار الخاص لوزير الخارجية في حينه، جاك سترو، وعبرت عن قلق اللجنة البرلمانية العمالية من التلاعب المثير للخوف فيما يتعلق بقدرات العراق النووية. وتشير المذكرة الى انه لو ترك العراق على حاله بدون تفتيش فسيطور قنبلة نووية خلال خمسة اعوام مع ان هذا التقييم لم يكن التقييم الحقيقي لبريطانيا والذي كان في الحقيقة على العكس، حيث كان البريطانيون يعتقدون ان البرنامج النووي العراقي قد توقف بسبب الحصار. وعلى الرغم من القلق هذا فقد تم استخدام المذكرة في اجتماعات الحكومة مشيرا انها دعاية مبالغ فيها، مليئة ـ اي الورقة – بالادعاءات السخيفة من مثل ان ملعقة من مادة الانثراكس يمكنها قتل مليون شخص.
وعبر روس عن قلقه من استمرار الالة الحكومية نفسها ومحاولتها قمع وثائق رئيسية واسكات من لديهم معلومات حول تطور وتاريخ السياسة المتعلقة بالعراق. وكشف قائلا ( لقد قيل لي ايضا من ان اعضاء في لجنة التحقيق منعوا من استخدام وثائق محددة طلبوا مشاهدتها. ويرى مسؤولون في حكومة الائتلاف ان تقرير اللجنة لن يكون ذا مصداقية حالة منع اللجنة من استخدام الوثائق التي لا تهدد امن الدولة حسبما قال سايمون هيوز، نائب زعيم حزب الليبراليين المشارك في الحكومة. واكد روس في مقابلته مع الصحيفة انه حاول استخدام ظهوره امام اللجنة من اجل التوضيح ان مسؤولي الحكومة لم يقوموا بدراسة بدائل اخرى عن الحل العسكري. ومن الاشياء التي طلبها ولم تقدم له وثائق تتعلق بعدم قيام الحكومة بمحاولة وقف خط النفط العراقي عبر سورية والذي كان يمد صدام حسين بالعون، فقيل له ان وثائق لها علاقة بزيارة توني بلير لسورية لم يعثر عليها. كما طلب وثائق لها علاقة بتقييم اللجنة المشتركة للاستخبارات حول العراق والتي ساعد في تحضيره الا انه حصل على ثلاث وثائق تم احضارها له قبل 40 دقيقة من ظهوره امام اللجنة. وتؤكد شكوى روس ما سبق وقدمته مديرة الاستخبارات السابقة ليدي الزا ماننغهام ـ باتلر والتي شككت في قضية الحرب على العراق والتي وصفها نائب رئيس الوزراء، نيك كليغ بالحرب غير الشرعية. وكتب روس في نفس الصحيفة عن شهادته مشيرا الى خطورة وصعوبة المشاكل التي تعانيها اللجنة والتي لا تنبع من اللجنة نفسها ولكن من بيروقراطية الحكومة، ودعا لاتخاذ قرار ضد ما اسماه القوى ‘العميقة’ في داخل الحكومة التي تعوق عمل وشهادات المسؤولين. وعلى الرغم من انه قدم فحوى شهادته امام اللجنة للمسؤولين قبل ظهوره الى المسؤولين في الخارجية حسب القانون الا انه استدعي لزيارة الخارجية لاطلاعه على وثائق جديدة معظهما لا اهمية له. واشتكى من ان اعضاء في اللجنة حذروه من عدم ذكر اية مواد سرية اثناء شهادته (لكن المشكلة ان كل وثيقة قرأتها اثناء عملي كانت سرية). وكشف ان مطلبه للنظر في وثائق تتعلق بملف الحكومة حول اسلحة الدمار الشامل العراق ـ سيئ الذكر- تم تجاهلها. وعبر روس عن قلقه من ان الذين ظهروا امام اللجنة ـ معظمهم دعم الحرب قدموا شهادات من جانب واحد مما سيؤثر على نتائج التحقيق فيما بعد وقيمته في النهاية. واشار الى ان اعضاء اللجنة ليسوا في موقع لمواجهة التناقض في شهادات المسؤولين غير الحقيقية عن الغزو وليست لديهم الخبرة.
وتساءل روس الذي عمل خبيرا عن العراق في الفترة ما بين 1997 2002 في بعثة بريطانيا بالامم المتحدة عن السبب الذي يدعو الحكومة لاسكات او منع الاشخاص ممن لديهم خبرة وتفاصيل مثله من تقديم شهادتهم. ويتوقع مراقبون تعرض رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لضغوط جديدة حول قراره من دخول الحرب، وكواحد من الشخصيات المركزية في الاعداد للحرب عندما يظهر رئيس فريق المفتشين الدوليين السابق، هانز بليكس امام اللجنة هذا الاسبوع. وكان بليكس قد تحدث يوم السبت الماضي عن شكه وخلافه بتقييم بلير حو ل اسلحة صدام حسين وترسانته العسكرية. وقال بليكس انه تساءل عن مصداقية حكمهما ـ بوش وبلير- حول ترسانة العراق وانه لم يفقد الامل ابدا في حل يؤدي لتجنب الحرب.
واستحوذ موضوع لجنة التحقيق على المقالات في صحيفتي ‘اوبزيرفر’ و’اندبندنت او صاندي’ فقد كتب مينزيز كامبل، الزعيم السابق لحزب الليبراليين الديمقراطين مقالا ، تحت عنوان (حرب العراق كانت دوما خطأ، والآن بتنا نمتلك الدليل. مشيرا الى تظاهرات عام 2003 المليونية ومؤكدا ان ملايين الجماهير لم تقبل فكرة شرعية الحرب التي تحدثت عنها الحكومة في حينه وان الاخيرة استنفدت كل الحلول الدبلوماسية ولم يبق الا خيار الحرب، واشار الى لجنة تشيلكوت التي يرى في تحقيقها محاولة لتبديد شكوك الجماهير ومذكرا حكومة الائتلاف بان اي قرارات بالشفافية ستتخذ في المستقبل يجب ان تكون واضحة وتتسم بالشفافية).
وتحدث المسؤول السابق عن التفاهمات بين بلير وبوش قبل عام من الغزو. وقال انه قبل تشيلكوت حصل الرأي العام على العديد من الادلة من خلال التسريبات حول التفاهمات وطريقة ادارة الحكومة لقرار الحرب فيما ملأ تحقيقا هاتون وباتلر بعض الشقوق. ولا يتوقع ان تقدم لجنة تشيلكوت الجديد ولكن اهميتها تنبع من تأكيدها لما حدث وطريقة خداع الرأي العام.

Facebook
Twitter