المجتمع العراقي : ارامل وايتام وعاطلون ومشردون وتفكك اجتماعي

 

بعد كارثة تحول العراق الى بلد المليون ارملة والاربعة ملايين يتيم تضاف اليوم كارثة جديدة تهدد النسيج العراقي بالتفكك.

فقد ذكر مصدر قضائي أن نسبة حالات الطلاق في المجتمع العراقي ارتفعت، بسبب عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، عرفها العراق خلال السنوات القليلة الماضية، رافقها نقص في الوعي الثقافي والاجتماعي للأزواج، الأمر الذي دفع باحثين اجتماعيين إلى القول إن “المجتمع العراقي يواجه التفكك”.

ويعزو البعض سبب تفاقم ظاهرة الطلاق في العراق إلى “الانفتاح” الذي بدأ يشهده بعد العام 2003، والذي ساهم بشكل أو بآخر في تبدل الكثير من المفاهيم الاجتماعية.

ويقول احد قضاة محكمة الأحوال المدنية العراقية قوله، إن “محكمة الكرخ في بغداد، سجلت وحدها، منذ بداية العام الحالي 600 حالة طلاق، وهذا العدد كبير ومؤشر خطر على تفكك الروابط الاجتماعية في البلاد”.

وأوضح أن “أكثر حالات الطلاق تتم عن طريق المخالعة، حيث يأتي الطرفان، وهما متفقان على الطلاق، مقابل تنازل الزوجة عن جميع حقوقها أو بعضها، بحسب الاتفاق بينهما”.

وأضاف أن “الطلاق في العراق وصل مرحلة يجب الوقوف عندها، لأن تزايد الحالات إلى هذه الدرجة يهدد بنية المجتمع”. وتشير الأرقام الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى إلى أن دعاوى الطلاق لعام 2004 كانت 28 ألفا و689، ارتفعت إلى 33 ألفاً و348 في 2005، ثم ارتفعت مجددًا إلى 35 ألفًا و627 في 2006، وارتفعت مجدداً في العام 2007 إلى 41 ألفًا و536 حالة طلاق. وحققت نسبة الطلاق انخفاضاً في الأشهر الأولى من العام 2008، إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 820 ألفاً و453 حالة طلاق. وقالت الباحثة الاجتماعية فوزية العطية إن “ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي آخذة في التزايد، وهو مؤشر يدل على تفكك أواصر المجتمع، وساهم في ذلك بدرجة كبيرة قلة الوعي الاجتماعي والديني”.

وأوضحت العطية أن “المجتمع العراقي مر بمراحل تفكك بدءاً من الحرب العراقية الإيرانية، وحرب الخليج، والحصار، حتى وقوع الاحتلال في 2003، وما أعقبه من طائفية وتهجير قسري للعوائل”، مبينة أن “الاقتصاد في البلد والتعليم والمؤسسات العلمية أصابها الركود والتفكك ما أثر سلبا على الفرد العراقي”.

وأشارت إلى أن “مؤسسات المجتمع العراقي بحاجة إلى وقفة جدية من أجل تعديل بعض جوانبها، فهي معنية بالدرجة الأولى بتقويم العوائل وتحديد مسارها”، مضيفة أن “زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العراق دفع بالشاب العراقي لفقد السيطرة على أعصابه أمام متطلبات العائلة التي لا تنتهي، فجعل الطلاق سبيلاً لخروجه من هذا التوتر العصبي، ولا يدري أن الطلاق هو ليس الحل بل هو بداية المشكلة”.

ويستند قانون الأحوال الشخصية في العراق إلى الشريعة التي لا تشجع على الطلاق إلا في حالات استثنائية، مثل المرض أو إلحاق الأذى أو العقم، ويحوّل القضاة الأزواج إلى الباحثين الاجتماعيين الذين يحاولون مساعدتهم كي يحلوا خلافاتهم.

ويعتقد البعض أن العنف وقسوة الظروف الاقتصادية التي سادت خلال السنوات الأخيرة أثر في زيادة نسبة حالات الطلاق، فالكثير من النساء ترعرعن في مجتمع يتوقع من الزوج أن يوفر متطلبات العيش للزوجة، لكن حينما بدأت العصابات الطائفية تستهدف الرجال المنتمين لطائفة أخرى، أجبرت النساء على العمل بينما بقي الرجال في البيوت.

وأكدت الناشطة في حقوق الإنسان هناء ادوارد أن “ارتفاع نسبة حالات الطلاق خلال السنتين الأخيرتين تثير القلق، ليس في بغداد وحسب، إنما في جميع المحافظات، مثل النجف وكربلاء والبصرة وغيرها”.

وقالت ادوارد إن “هناك حالات زواج غير قانونية تتم خارج المحكمة، لعدم إتمام الشروط القانونية، مثل العمر، ويتم الطلاق أيضاً خارج المحاكم، وهذه الحالات تحدث كثيرا، لكنها غير محسوبة لعدم وجود وثائق رسمية”، لافتة إلى أن “قانون الأحوال المدنية العراقي يقاضي من يعقد عقد زواج غير موثّق لدى المحكمة، لكن الآن لا يوجد الرادع لهذه الحالات المأساوية”.

وأوضحت أن “صغر عمر الأزواج، سواء الإناث أو الذكور، يؤدي إلى فشل الزيجة، بسبب عدم الالتزام وقلة الإحساس بالمسؤولية، فضلاً عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والخلافات العائلية وتدخل الأهل”، مؤكدة أن “حالات الطلاق تزايدت في فترة الحرب الطائفية التي مر بها البلد، وكذلك فإن تعدد الزوجات ساهم في ذلك، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة”.

 

Facebook
Twitter