1
تحول المثقف العضوي عندنا الى مثقف عتوي ينهش أنّى استطالت يداه.
الثقافة عنده فخ ورائحة الضحية يوتوبياه.
يموء في كل الفصول والمواسم مثل قط أجرب ويدس أنفه في الزواغير متخفيا، اذا كانت المطاردة تقتضي ذلك، ويجاهد لكي لا يراه أحد عند خروجه منها.
هو الخفيف في الركض والخفيف في الميزان أيضا.
رسائله ممهورة بأكثر من ختم، لكنه يدّعي بأن هناك من زوّر ختمه، ويتشبث بالختم الذي ترتفع فيه أسهمه في بورصة السياسة، ذلك لأنه هيّأ لكل حالة لبوسها ووطّد شطارته على تغيّر الأحوال والمقامات.
المثقف العتوي يجيد الطفر بشتى أنواعه ويقفز من حيث لا تتوقعه لتجده في المقدمة دائما.
يشحذ أسنانه على الدوام لكي تكون مؤهلة للقضم في أية لحظة.
انه عراب اللحظة القابلة للمخاتلة والايهام.
المثقف العتوي دائم التربص ولا شأن له إلاّ بما تفضي اليه مكائده.
المجتمع في نظره محض لافتة يرفعها كلما دعت الضرورة الى ذلك.
ينأى بنفسه عن الشبهة والشبهات، حتى وان تلبسته وأصبحت ماركته المسجلة، ويدّعي ان ذلك محض افتراء.
له طرقه الملتوية التي لا يستدل عليها المنجمون.
2
له قدره استثنائية على محو آثار الجريمة والصاقها بسواه.
ليس بالضرورة أن يقول ما يعرفه ولكنه يعرف ما يريده في دَبَق القول.
هو دائم الانزلاق، أشبه بشبح يتخفّى في عقل، ولا تستدل عليه إلاّ في مزادات الخطاب.
يسعى لكي يصاب الجميع بعمى الألوان ليسرّب اصفراره على الشاشات المشبوهة.
كل شيء مباح له مادامت نسخه المتعدده تطفو على مستنقعات عقله.
لا يعنيه أن يكون مبتذلا مادامت تحولاته تتكيف مع هذا الابتذال.
هو حيوان بنفس شرهة وعدة انتقائية.
لا مكان للمثقف العتوي في العالم الرمزي لذلك تراه يسطو على الواقع بكل شراسة.
انه يؤمن بان لكل محفل رقصته ولكن يجب الاحتفاظ بالنظرة ذاتها الى الوليمة.
يسعى الى بناء اقطاعيته ويسيّجها بأكاذيبه التي تقصي المخالف.
ينصب مصائده بحذاقه ثم يعلق راية المصائر المُنتهَبة.
المثقف العتوي بوق لا يكف عن النباح وتأليه أولي الأمر الذين يغذون اصطبله بالعلف.
يلمّع الأوثان الجديدة، بل يصنعها وكل من يتجرأ عليها يحشره في خانة المؤامرة.
البلاغة التي لا ترتقي الى بلاغة الجريمة لا يُعتدّ بها في قاموسه.
أفكاره أفاعٍ متأهبة للدغ في أية لحظة ولكنه يغلفها بأغلفة براقة.
منذ أن وعينا وجودنا والمثقف العتوي يحاول أن يملي علينا كل شيء ويجعل من أفكاره محمية للعتاوي الذين هم على شاكلته.
أبواب المعرفة عنده مغلقة لأنه جعل عقله في خدمة حواسه ولم يجعل الحواس في خدمة العقل.
له قدرة فائقة على تحويل عيوبه الى مآثر ودروس واجبة الاحتذاء وفي جعبته تبريرات لا تحصى لسقوطه.
انه لعنة لا فكاك منها ولا منتأى مادام الحياء عملة نادرة في تقاويمه.
3
المثقف العضوي يفعّل الأفكار والمثقف العتوي ينغّلها.
المثقف العضوي هو الرسالة والمُرسِل والمُرسَل اليه في وحدة لا انفصام لها أما المثقف العتوي فهو بريد مشبوه.
المثقف العضوي واحة في محيط متلاطم، المثقف العتوي غيمة مثقلة بالسموم.
المثقف العضوي يسعى الى أن يوقظ كل ما حوله أما المثقف العتوي فيسعى الى تخديرهم..
المثقف العضوي فضاءات مفتوحة أما المثقف العتوي فأقبية رطبة ودسائس ومؤامرات.
المثقف العضوي جزء فاعل في الدورة الدموية للمعرفة أما المثقف العتوي فدلاّل في مصارف الدم. المثقف العضوي رايته واضحة معروفة أما المثقف العتوي ففي كل زمن له راية.
المثقف العضوي هو الصورة الحقيقية للانسان أما المثقف العتوي فهو الوجه القبيح للسياسة.
المثقف العضوي هو ضمير الجماعة والمثقف العتوي هو الأنا المتحولة في أطوار الشراهة والاستحواذ.