تزداد ميول رئيس “دولة القانون” الطامح بقوة الى إبقاء السلطة تحت قبضته نحو استخدام “القوة” في حل ازمات البلد ومواجهة التحديات، لاسيما في مرحلة “انتعاش العراقيين برحيل القوات الأميركية” حسب تعبير صحيفة أميركية. وبرغم فوضى الأمن واستشراء الفساد، وفشل الدولة في مشاريع الكهرباء والماء والحصة التموينية والخدمات الأساسية، يصر المالكي على أنه الوحيد –بين جميع السياسيين العراقيين- من تتوفر فيه صفات “الزعيم القوي” و”المنقذ”كما يرى ذلك العديد من المراقبين في تأويل تصريحاته الأخيرة. ويرفض رئيس تحالف “دولة القانون” محاولات إضعاف منصب رئيس الوزراء بـ”تقييد” صلاحياته، لكن منتقديه يتهمونه بتركيز السلطات في يده، وباستخدام الجيش والقوات الأمنية ضد الميليشيات، وضد خصومه السياسيين. ويقول هؤلاء إن المالكي كان طوال السنوات الأربع ونيّف الماضية، محاطاً بدائرة صغيرة من المستشارين، ويميل الى الشكوك، ويسلم بالتعامل مع النزاعات شخصيا.
يصارع رئيس الوزراء نوري المالكي من اجل مستقبله السياسي في حركة متشابكة ، في تنافس استمر اشهرا من اجل تشكيل حكومة جديدة في العراق ، وقد حذر المالكي بحسب صحيفة النيويورك تايمز من أن الفشل في عودته الى السلطة ، سيقود العراق الى الانزلاق في العنف والصراع الطائفي والذي ساد العراق حينما تسلم هو زمام السلطة في سنة 2006 .
وفي اوقات بدا فيها المالكي واثقا ومازحا ، وميالا الى المواجهة عرضيا ، إذ قال في لقاء معه بانه سيقاوم جهودا لتقليص سلطاته اذا بقي رئيسا للوزراء . واصر بان رجلا قويا فقط يمكن ان يجتاز التحديات المطروحة لبلد منتعش بالانسحاب العسكري الاميركي ، ولا زال محاصرا ببقايا التمرد . وكانت اشارات المالكي باعثة على التحدي وحتى عنيدة – بحسب توصيف النيويورك تايمز – وابرز بعض القضايا المتفشية في ازمات اعقبت الانتخابات البرلمانية الفاصلة في اذار وفي المفاوضات المطولة والتي اعقبتها لتشكيل الحكومة الجديدة في بلد بتاريخ دكتاتوري فاي ثمن يدفعه رئيس الوزراء ؟
وقال المالكي في مكتبه حيث يرأس حكومة انتقالية :” لن اكون رئيسا للوزراء بمنصب شرطي مرور – انت تستطيع الذهاب الان ، انت تستطيع ان تاتي الان ، فإما سأكون رئيسا للوزراء بموجب الدستور او ليس رئيسا للوزراء ابدا “. وقال المالكي بان تجريد رئيس الوزراء من سلطاته ” سوف يفضي الى اضعاف سيطرته على البلد وسوف تلقى المسؤولية على هؤلاء الذين تسببوا بانهياره “.
وتشير النيويورك تايمز بان التفكير بعودة المالكي ، الذي بلغ الستين من العمر الاسبوع الماضي ، سيجعل مسببي الخلافات مشغولين : فصعوده المشهود من الغموض النسبي مع مزيج من التهور والحسم ، قد اكسبه الدعم الشعبي ووحد معظم الطبقات السياسية ضده . وال 89 مقعدا التي فاز بها من مجموع 325 مقعدا هي عدد اعضاء البرلمان عكست قصورا كبيرا عما كان يقدره مستشاروه . ومتخلفا عن كتلة العراقية التي يقودها اياد علاوي ، رئيس الوزراء المؤقت الاسبق ، فان المالكي وحلفاءه قضوا اسابيع يحاولون بدون نجاح لتغيير النتائج باعادة العد والتحديات القضائية والحملات لطرد المرشحين الفائزين .
ولكن السياسيين العراقيين في هذه الايام هم في مرآب احتفالي من المرايا ، حيث لا يعتقد اي منهم باي شيء اخر ، وبحد ادنى من الثقة بينهم . وقد قطعت الوعود في مصطلحات غامضة ، ” ليس هناك خطوط حمر ” وهي مسألة وثيقة لاي منهم بحيث ينتقل اعتياديا الى التعهد . والمالكي هو المستحوذ وحده على السلطة – والحقائب يحملها كل منافسيه – قد قادت الدبلوماسيين وحتى من يبخسونه لان يعرضوا بان الولاية الثانية للمالكي لازالت معرضة للرهان .
واقترح بعض السياسيين بانهم سيجيزون فقط عودة المالكي اذا وافق على ابعاد السلطة عن مكتب رئيس الوزراء وركزها في الحكومة . وقد اشتكى المالكي في الماضي بان منصبه يفتقر الى الصلاحيات ومحمل بعبء الحكومة التي تستجيب للاحزاب الفردية وليس له . وفي حوار النيويورك تايمز مع المالكي ، فقد رفض المزيد من التقييدات، عارضا بان اي توافق سيكون صعبا . وقال المالكي بلهجة تحولت الى لاذعة :” كل بلد يحتاج الى قائد قوي ، وبشكل خاص العراق بسبب كل مشاكله والتحديات التي يواجهها لانه غير مستقر ، واذا لم يكن حازما فانه سيتحول الى ريشة في مواجهة الريح “.
وبقسوته وبتصرفاته الصلبة ، فقد فاز المالكي بدعم ، ليس بسبب الكاريزما والتي يفتقدها غالبا – بحسب النيويورك تايمز – ولكن بسبب ان العراق لم يعد – بلدا تروج فيه الحرب الطائفية ، ومقطوع باراضيه التي يحكمها التمرد ، وبعاصمته الخطرة جدا في التجوال اثناء الليل . والمعجبون بالمالكي يحترمون صفاته الحاسمة التي يقولون انه تعامل بها مع التحديات التي تواجه العراق . وقال المالكي :” اذا قيد البلد بقائد ضعيف ، فاني اخاف من عودة الايام القديمة “. ولكن رغبة المالكي في اختبار حدود سلطته بتركيز السلطات في يده وتحريك الجيش ضد الميليشيات وحتى ضد منافسيه الشخصيين ، كل ذلك قد اغضب العديدين . ويجادل منتقدوه بانه محاط بصورة مفضوحة بدائرة صغيرة من المستشارين ، يميل الى الشكوك ويسلم بالتعامل مع النزاعات شخصيا . وعداؤه مع الرئيس الكردي مسعود برزاني ، عرف جيدا ، وهو لم يجتمع مع علاوي منذ سنوات . وفي الحوار معه فقد تحدث بصورة عابسة عن نوايا الدول المجاورة ، وقال انها تتدخل في كل حزب باستثنائه . وقال بان الولايات المتحدة ” كانت مراقبة اكثر من انها طرف يتدخل في هذه العملية