القبيلة والديمقراطية: حالة العراق الملكي (1921-1958) – القسم الثاني والاخير

عبدالعزيز فالح الحيص

علامة العهد الملكي الفارقة: سيطرة المشايخ في الأرياف مقابل سيطرة النخبة الشريفية في مراكز السلطة

 

الساسة والحكام استخدموا العشائر والجيش خلال العشرينيات والثلاثينيات لأغراض نفعيّة ذاتية

 

لم يستفد من مياه سدّ الكوت الذي كلّف ملايين الدنانير غير ثلاثة أشخاص فقط كان أحدهم يفاخر بأنّ مساحة ارضه تعادل مساحة سويسرا

 

 

بعد موت فيصل المفاجئ نشب صراعٌ حادّ بين نخبة نوري السعيد التي ساندتها بريطانيا ونخبة الهاشمي والكيلاني التي رفضت التدخّل بريطاني

 

 مظاهر الاستفراد بالسلطة وتكسير مجاديف الدّيمقراطية في العراق بدأت بمنْع الأحزاب المعارضة، وحلّ مجلس النوّاب وإلغاء صحافة المعارضة

 

لماذا لم يشارك مشايخ الكوت والعمارة في ثورة العشرين ضدّ الاحتلال البريطاني؟

 

بريطانيا تقف ضد تطبيق قانون التجنيد الإجباري كي لا يؤدّي إلى تقوية جيش الدولة أمام القبائل

 

أربعون شيخاً وقائداً قبلياً يطلبون من الملك فيصل الخضوع لسياسات بريطانيا في المنطقة

 

عبد الرحمن البزاز: السياسيون وزعماء القبائل يقلبون الطاولة بعضهم على بعض عند انتفاء المصلحة وتبدّل الأحوال

 

الحكومة قدّمت لعجيل الياور شيخ قبيلة شمر الأراضي الشّاسعة ليوزّعها على أفراد قبيلته لكنه استأثر بها لنفسه ولعائلته

 

 

ديمقراطية العراق الملكي
النظام الدّيمقراطي هو شكلٌ دستوري للحكم، يكون الشّعب فيه مصدراً للسّلطة، وينقل صوته وتوجّهاته من طريق نوّاب وممثّلين له. وأصبح العراق دولةً “ملكية دستورية” بحسب دستور 1925، وحاز حكومة تشبه، إلى حدٍّ ما، شكل الحكومة البريطانية ومؤسّساتها. لكن، منذ البداية، وقعت انحرافاتٌ دستوريّة مكّنت الملك فيصل من الهيمنة على السّلطات الثّلاث (التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائية)، من اختيار الوزراء وإقالتهم من دون التقيّد برأي الأغلبية البرلمانية، وهذا ما دفعه إلى تركّز قوّة الحكومة في أيدي النّخبة “الشريفية” التي أحاطته، وأدارت البلاد عبر سلطة تنفيذيّة طاغية.
يوضّح رشيد أنّ النظام العراقي في تلك الفترة حصر الحكم في بضعة أشخاص من العائلات والقبائل القويّة، ولم يتورّعوا عن استخدام القبائل أو الجيش لفرض سلطتهم[53]. أي أنّ النظام لم يمارس توسيع دائرة المشاركة الشعبيّة في الحكم عملياً، وبشكلٍ يتلاءم مع مكانة بعض الآليّات المدنية التي تبنّاها هذا النّظام آنذاك.
عرقلت النّخبة المهيمنة واستبدادها مسيرة الديمقراطيّة في العراق الملكي، وفعلت فيها ما لم تفعله القوّة الأجنبية، أو القبائل أو الجيش، أو طبقات الأعيان أو التجّار، أو جموع الجماهير. وللبرهان على حالة الاستفراد بالسّلطة، يذكر نزار الحسو في كتابه “الصراع على السلطة في العراق الملكي” أنّ 58 وزارة ألّفت خلال عهد العراق الملكي (أربعة عقود)، وأنّ 780 منصباً رسمياً في الحكومة، و166 شخصاً فقط هم من شغل هذه المناصب. وهذا يدلّ على التكرار والتّداول الحصري للمناصب في داخل هذه النّخبة. فرئيس وزراء مثل نوري السعيد شغل خلال هذه الفترة 47 منصباً حكومياً، بينما شغل توفيق السويدي 19 منصبا[54]. وإلى جانب ذلك، اعتبر الفشل المزمن في المنطقة العربية كلّها في بناء القواعد السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تتطلّبها الممارسة الديمقراطية عائقاً جدّياً أمام الديمقراطيّة في العراق. فيتحدّث منظّرو الديمقراطية عن حاجتها إلى الاحتضان الثقافي في المكان الذي تنشأ فيه حتّى تتجذّر وتستطيع أن تبني نفسها على أرضيّة ثابتة. ويؤكّد ليبست
Lipset 
  أنّ الاحتضان الثقافي للمفاهيم الديمقراطية، مثل حريّة التعبير وحريّة التجمّع وحريّة الاعتقاد والمشاركة السياسيّة، يساعد، ذلك كلّه، على جعلها مفاهيم حيويّة وفاعلة وراسخة، ويذهب إلى أنّ “العوامل الثقافية” تعتبر أهمّ من العوامل “الاقتصاديّة” للديمقراطية[55].
كان الأمر صعباً في العراق جراء الأوضاع المتجذّرة فيه. وكان من الصّعب أن ينقلب المجتمع من مجتمع “رعوي عشائري” إلى مجتمع “ديمقراطي حديث”. ويؤكّد خدوري (1944) أن في بلد مثل العراق، حيث لا تزال القوى التقليديّة المحلية حاضرة بقوّة، ليس من المتوقّع أن تكون مؤسّساته الديمقراطية فاعلة بدرجة مشابهة للمؤسّسات الغربيّة القديمة التي اعتادت الممارسة الديمقراطية[56]. كما يسأل رشيد (2006): “كيف لنا الحديث عن الديمقراطية في ظلّ التبعيّة، والافتقار إلى الاستقلال الاقتصادي، وغياب استقلال القرار الوطني؟”[57].
من جهة أخرى، من الظّلم أن لا نعتد بالتّجربة الديمقراطية في العراق، خصوصاً إذا وضعنا هذه التجربة في سياقيها الزماني والمكاني. فالتجربة الديمقراطية لم تتّخذ شكلاً محدّداً ودقيقاً، وكانت لها ممارسات وأشكال مختلفة، لكن المشترك بينها هو أنّها تندرج تحت مبدأ الديمقراطية في تعريفه الواسع الذي يستند إلى زلزلة الحكم الأوتوقراطي (حكم الفرد الواحد)، وإنشاء البرلمانات، وإطلاق حريات التجمّع والانتخاب والصحافة. وهذا المعنى للديمقراطية كان مشهوداً في تجاربَ أخرى في العالم. ففي بدايات القرن العشرين عمّت العالم “موجة جديدة” من الديمقراطيات، بدأت مع الثورة الروسية في العام 1905، ثم تبعتها الدولة العثمانيّة وإيران والصّين والمكسيك والبرتغال. وفي ماعدا التجربة البرتغاليّة التي استمرّت حتى العام 1926، فإنّ هذه التجارب سقطت سريعاً خلال بضع سنوات، وتمّ الانقلاب عليها لأسباب مختلفة.
والنظر إلى التجربة الديمقراطية العراقية في سياقاتها، وخصوصاً في سياق أوضاع المنطقة المحيطة بالعراق في تلك الفترة، يجعلنا نلاحظ أنّها تجربة رائدة ومبكرة في المنطقة. هكذا وجدها عضيد داويشة في دراسته عن الممارسة الديمقراطية في العراق الملكي، التي يردّ فيها على الرّأي الشائع الذي يقول إنّ العراق كان مصبوغاً بالـ “حكم الشمولي” طوال تاريخه الحديث. ويؤكّد داويشة أنّ الممارسة الديمقراطيّة كانت حاضرة في العراق الملكي، وقد تجلّت في الجدل البرلماني المتفاعل بين أطياف سياسيّة متنوّعة، وفي وجود الأحزاب المعارضة، وحريّة الصّحافة، مع التأكيد أنّ حضور الديمقراطية كان نسبياً، وأنّ الأحزاب والصحافة مُنعت وأوقفت في أحيان كثيرة[58]. وحتى في داخل العراق الملكي (1921-1958) لم يكن المفهوم الديمقراطي على شكل واحد، فمعنى الديمقراطية في العراق في “العشرينيات” من القرن المنصرم كان يختلف عنه في “الثلاثينيات” أو “الأربعينيات”. ففي العشرينيات كان العراق تحت الاحتلال البريطاني، وهذا ما ولّد توحيداً والتحاماً للقوى العراقية وجميع أطياف الشّعب للتخلّص من المحتلّ، ما دفع الأمور إلى إنجاح بعض “مظاهر الديمقراطية” تحت حكم الملك فيصل، علاوةً على “اللحمة الوطنية”. أمّا في الثلاثينيّات، بعد الحصول على “الاستقلال” في العام 1933، وبعد موت فيصل المفاجئ ، فقد نشب صراعٌ حادّ بين جناحيْ النّخبة الشّريفية الحاكمة، تغلّبت فيه أخيراً نخبة نوري السعيد التي ساندتها بريطانيا، على النّخبة التي كان ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني يمثّلانها، والتي رفضت التدخّل بريطاني، وبدأت تكشف عن مظاهر الاستفراد بالسلطة وتكسيرها مجاديف الدّيمقراطية في العراق من خلال منْع الأحزاب المعارضة، وحلّ مجلس النوّاب مرّاتٍ عدّة، وإلغاء صحافة المعارضة. وفي الأربعينيات، واصلت هذه النّخبة استفرادها بالسّاحة السياسيّة العراقية، خصوصاً بعد أن ساعدتها أحوال ما بعد “الحرب العالمية الثانية”، وظلّت على هذا المنوال حتى اقتلعتها ثورة 1958[59].

 

التوظيف السياسي للقبيلة في العراق الملكي


كان العراق الملكي طول تاريخه (1921- 1958) محكوماً بقوّتيْن أساسيّتين: النّخبة الشريفيّة الحاكمة، ومشايخ القبائل. وبرزت بينهما طبقة المثقّفين المعارضين. وكان هناك تعاضدٌ مصلحي بين النّخبة الشّريفية والمشايخ، حيث اعتمدوا على المصلحة المتبادلة بينهم في الانتفاع من ثروة البلد. ولم يكن للقادة السياسيّين في العراق “أتباع” موالون، وهو الأمر الذي كان متوافراً بكثرة لدى زعماء القبائل، بل إنّ بعضهم كان لديه أتباعٌ مسلّحون أيضاً. وكان مشايخ القبائل يوفّرون القوّة والدّعم الشعبي للسياسيّين لقاء منْح هؤلاء مشايخ القبائل مكانة رفيعة في الدولة كالبرلمان، ومن خلال توزيع بعض الأراضي عليهم.
يشير بول
Paul   إلى أنّ الوزارات في العراق كانت تهيمن عليها النخبة الشريفية بينما كان مشايخ القبائل وملاّك الأراضي يهيمنون على البرلمان. وهذا ما قاد إلى تلك “المراهنة الكبرى” التي حدثت على مستوى قمّة الهرم، وبقيت حاضرةً طول العهد الملكي، وهي: ديمومة السيطرة للمشايخ في الأرياف، مقابل ديمومة السيطرة للنّخبة الشريفية في مراكز السلطة[60].
كانت ثورة العشرين، التي ولد بعدها العراق الحديث، قدّمت ملامح وطنيّة مهمة حين جمعت ألوان الطيف العراقي تحت راية الدّفاع عن الوطن ضدّ المحتل. لكن، خلال العشرينيات، وهي فترة الانتداب البريطاني، تم الارتداد على هذه الثورة وأدبياتها. فالدولة خلال هذا العقد لم تكن قويّة بالشّكل الكافي، والمشايخ دعمتهم واستمالتْهم بريطانيا، عبر وسائطَ متنوّعة كالدعم المادي والدّعم العسكري، وإقامة قضاء خاصّ بهم. وكانت سياسة بريطانيا مع المشايخ فاعلة منذ مجيئها إلى العراق، وكان هناك بعض المشايخ، مثل مشايخ الكوت والعمارة، لم يشاركوا في ثورة العشرين ضدّ بريطانيا، ولم يرغبوا في المخاطرة بالمكاسب التي نالوها. لكن الانتشار الواسع لهذه الثورة، جعلهم مجبرين على أن يسايروا الجميع ويشاركوا فيها[61]. وفي الواقع فإنّ أغلبيّة القبائل التي شاركت في الثورة لم تكن من قبائل دجلة، بل من قبائل الفرات الأوسط وديالى وغرب العراق. كما يرى الوردي في تاريخه أنّ كثيراً من “الشيوخ الذين شاركوا في الثورة إنّما كانت خصومتهم موجّهة نحو الشيوخ المقرّبين من الإنجليز أكثر ممّا كانت موجّهة نحو الإنجليز أنفسهم، فهم قد وجدوا في الثّورة أملاً يرفع عنهم كابوس أولئك الشّيوخ وكابوس الحكومة التي تؤيدهم”[62]. وجدليّة الموقف القبلي من المسألة الوطنية ظلّت فاعلةً فتراتٍ طويلة، ولم يحسم أمرها مع نشوء الدولة، والوقوف ضدّ الاستعمار. وقد استمرّ الدعم البريطاني لمشايخ القبائل في أثناء فترة الانتداب (1920-1932)، ما أثار الاستياء الكبير لدى الملك فيصل، فحاول أن يدعم مشايخ القبائل المنافسين لأولئك. ومن أمثلة الدعم البريطاني، أنّ البرلمان العراقي كان صوّت في العام 1926على قرار قطْع المساعدات الماليّة التي تقدّمها الحكومة لزعماء قبيلتيْ شمر وعنزة، لكن المندوب السامي البريطاني أبطل هذا القرار. وخلال العشرينيات، أراد الملك والنخبة الحاكمة في العراق تطبيق “التجنيد الإجباري” الذي سيؤدّي إلى تقوية جيش الدولة أمام القبائل، لكن الحكومة البريطانية وقفت ضدّ تمرير هذا القرار[63].
إنّ الارتباط “المصلحي” مع بريطانيا التي كانت تدفع لهم الأموال “نقداً” ولا تسألهم المساهمة في “الحرب” مثلما كان يفعل العثمانيون[64]، هو ما دفع زعماء القبائل ومشايخها إلى التعلّق ببقاء بريطانيا، والوقوف ضدّ “التحركات الوطنية”. لكن بعض مشايخ القبائل الكبيرة وقفوا مواقفَ وطنية في هذه الفترة، لكن موقف هؤلاء لم يكن إلاّ مسايرة لقومهم الذين كانوا متحمّسين لاستقلال البلد. وينقل خدوري عن أحد البريطانيّين وصفاً لهؤلاء الزعماء بالقول: “هذه المرة تبعوا رجالهم، ولم يقودوهم”[65]. لقد كان موقف مشايخ القبائل مرتبكاً حيال الحكومة التي بدا أنها ستقلّص نشاطهم. وكان الطّموح السياسي للمشايخ واضحاً منذ البداية، فقد حرصوا دوماً على أن يشاركوا في الحياة السياسية في العراق حتى يظلّوا في دائرة التأثير. ويذكر خدوري أنّ المشايخ قاموا بتمردات قبلية بشكل متكرّر لحماية حقوقهم الإقطاعية في البلد[66].
في العام 1922 عقد في العراق “مؤتمر كربلاء” الذي اجتمعت فيه “النّخب العراقية” المختلفة. وفي هذا المؤتمر عرضت القيادة الدينية موقفا حماسياً ممانعاً ورافضاً للوجود البريطاني، وهو ما أنتج انشقاقًا واضحًا بين مشايخ القبائل ورجال الدّين. فبعد هذا المؤتمر كتب مشايخ القبائل أمثال عدّاي الجريان من قبيلة “بوسلطان”، وعمران من قبيلة “بني عجيل”، عريضة يؤيّدون فيها بريطانيا، ويندّدون بما أسموه “تدخل” رجال الدين في أمور العراق السياسية. وفي العام نفسه، احتجّ المشايخ والأغوات على الملك فيصل لتعيينه “الضبّاط الشريفيين” في مناصب حسّاسة، وقالوا إنّ هذه الثروات من حقّهم وحقّ أتباعهم[67]. ويذكر الوردي أنّ أربعين شيخاً وقائداً قبلياً اجتمعوا عند الملك فيصل، وأخبروه أنهم إنّما دعموا قيادته بسبب موافقة بريطانيا عليه، وهم ينتظرون منه مواصلة دعمه لسياسات بريطانيا في المنطقة[68].
بعد استقلال العراق في العام 1933 أصبحت الحكومة هي واجهة البلد، وهي مَن يتعامل مع مشايخ القبائل بشكل مباشر، بعد أن تقلّص دور بريطانيا. وكان من المفترض بعد الاستقلال أن يضعف دور القبيلة، ولكن ما حدث كان العكس! فبطاطو (1990) يرجع استمرار “قوّة القبيلة” بعد استقلال البلاد إلى ثلاثة أسباب:
أولاً: لم يكن الجيش ولا الدولة قويين، ولم تبدأ قوة الجيش في الظهور إلاّ في منتصف الثلاثينيات.
ثانياً: أصبح الضبّاط الشريفيّون وأعضاء النّخبة الحاكمة من أصحاب الأراضي والأملاك، وهذا ما جعلهم يتعاضدون في علاقات مصلحية مع “المشايخ والأغوات”. ومرّرت النّخبة الحاكمة سياسات داعمة لمصالح الفئتين الاقتصاديّة.
ثالثاُ: عدم استقرار الحكومة العراقيّة بعد موت الملك فيصل، ولا سيّما مع مجيء الملك غازي، وكان صغير السن وقليل الدّراية في أمور السياسة. وقد كانت فترة حكمه القصيرة (من 1933 إلى 1939) فترة “أزمة” واحتراب سياسي بين الجناحين المتصارعيْن في النّخبة الحاكمة[69].
حرصت النّخبة السياسية المتحلّقة حول الملك فيصل من الضبّاط الشّريفيّين على السيطرة على الوزارات. وهذا الموقع كان كفيلاً بأن يسهّل لها قيادة البلد وتحقيق جميع مصالحها. وكانت هذه النّخبة تقف خلف الملك فيصل في أيّام الانتداب البريطاني، لكن بعد موت الملك فيصل في بداية الثّلاثينيات بدا انقسام هذه النّخبة إلى جناحيْن متضادّين واضحاً بشكل كبير. وعطّل صراع القوى والمصالح فاعليّة الإدارة الحكومية، وجعل بعض المتنفّذين يستغلّ سلطته لمنفعته الشخصية، ما جعل البرلمان في سنة 1936 يناشد الملك غازي وقف عمليّة الإثراء النخبوي “غير المشروع”. ويذكر نزار الحسو في كتابه “الصراع على السلطة في العراق الملكي” أنّ العراق، منذ منتصف الثلاثينيات وحتى 1941 كان يعيش فوضى سياسيّة، وتقلّبات سريعة، ووقع البرلمان ومعه الأحزاب في حال من الضّعف الشّديد، ولم يستطع ممارسة دوره “الرقابي” إزاء طغيان السّلطة التنفيذية[70].
حرصت أطراف النّخبة السياسيّة المتصارعة على الإفادة من القبيلة في هذا الصّراع من أجل تدعيم مواقفها. ويخبر رشيد أنّ أفراد هذه النّخبة من السّاسة لم يتردّدوا في “استخدام العشائر أوّلاً ثم الجيش خلال العشرينيات والثلاثينيات لأغراض نفعيّة ذاتية. كذلك لجأ أعضاء النّخبة إلى استغلال مناصبهم في توثيق التحالفات مع الشّيوخ ومنح المؤيّدين منهم مكاسب اقتصاديّة وسياسية. يقول كاراكتاكوس
Caractacus   إنّ إحدى الفضائح التي عرفها الناس كانت استعمال مياه سدّ الكوت؛ فهذا المشروع الذي كلّف ملايين الدنانير، أفاد ثلاثة أشخاص فقط، كان أحدهم يفاخر بأنّ ملكيّته من الأرض تعادل مساحة سويسرا”[71].
كان الصّراع بين النّخب السياسية يغذّي الصّراع بين النّخب القبليّة، والعكس صحيح أيضاً. وكان المحور الوطني في البلاد الذي يتزعّمه حكمت سليمان وجعفر أبو التمن يدعمه الشعلان وعبد الواحد وسماوي الجلوب، وهم مشايخ قبائل الشبانا والفتلة والعزة على التوالي. بينما كان المحور الآخر، الذي تدعمه بريطانيا، ويتزعّمه جميل المدفعي ونوري السعيد وعلي جودت الأيوبي، ويدعمه أيضاً مرزوق وعلوان ورايح، وهم مشايخ قبائل العواد وبني حسن والحميدات[72] على التوالي. ويخبرنا عبدالرزاق الحسني في كتابه “تاريخ الوزارات العراقية” أنّ قوّة التمرّد القبلية استطاعت إسقاط الحكومة. فحين لم يجد مشايخ القبائل مكاناً لهم في حكومة علي جودت الأيوبي التي ألفها في العام 1934، قاموا بالاصطفاف إلى جانب “المعارضة”، المتمثّلة في حكمت سليمان وجعفر أبي التمن. وكان أشخاص مثل سليمان وأبي التمن ورشيد عالي الكيلاني مؤثّرين سياسياً خلال هذه الفترة، حتّى لو كانوا خارج الحكومة بسبب دعم القبائل لهم. واستمرّت القبائل في الضّغط والتمرّد حتى استقالت حكومة جودت الأيوبي في العام التالي، وبعد استقالة الحكومة اختار الملك غازي ياسين الهاشمي لرئاسة الحكومة الجديدة، وفرض الملك بعض الأسماء. لكن الهاشمي رفض، ما دفع الملك إلى اختيار جميل المدفعي لرئاسة الحكومة، غير أنّ القبائل اصطفّت إلى جانب ياسين الهاشمي، ومارست الضّغط على الملك والحكومة، واستخدمت العنف في مناطق الفرات الأوسط مثل الشامية وأبي صخير والفيصلية، وكانت وسائلهم في ذلك تخريب الجسور والقناطر والسدود. وقد تحرّك الجيش ببطء في مواجهة هذا التمرّد القبلي، ما أجبر الملك في النهاية على إعادة ياسين الهاشمي إلى رئاسة الوزراء، حيث تمكّن من تأليفها من دون تدخّل الملك[73].
يقول عبد الرحمن البزاز من المألوف أن يقلب السياسيون وزعماء القبائل الطاولة بعضهم على بعض عند انتفاء المصلحة وتبدّل الأحوال. فالجيش لم يواجه القبائل حين اصطفّت مع ياسين الهاشمي، لأنّ شقيق قائد الجيش كان طه الهاشمي. لكن بعد أن أصبح ياسين الهاشمي رئيساً للوزراء وجّه ضربةً عسكريّةً للقبائل قضى فيها على تمرّدهم في العام 1935[74].
يؤكّد الاستخدام المفرط للقبيلة في العملية السياسية عمق “الرابطة المصلحية” بين هذه الكيانات النخبويّة التي تتشابك فروعها وأغصانها في “الأعلى” بعيداً عمّن هم في “الأسفل” من بقيّة الشعب. لقد كانت هذه الرابطة بين النّخبة الحاكمة والقبيلة، ممثّلة في قادتها، حاضرة طوال فترة العراق الملكي، وكانت أحد أهمّ ملامح جدلية “السوسيو- سياسي” في العراق في تلك الفترة. وهذا الاستخدام للقبيلة لم يكن ليتحقّق بهذا الزخم لو لم يتحقّق له على أرض الواقع عاملان رئيسان: حرص مشايخ القبائل على منفعتهم “الشّخصية”، وقابليّتهم للوقوع تحت طائلة الاستغلال السياسي. وهناك شواهد واقعيّة تؤكّد هذيْن العاملين كـ “نمط” معروف في أيّام العراق الملكي. فالمشايخ والأغوات الذين تنتشر أملاكهم في طول البلاد، لم يتنازلوا عن مكاسبهم “المعنوية” و”المادية” في الأوضاع الجديدة. والوضع “الحديث” للبلد كان يعني لقطاع كبير منهم وسيلة حديثة للمغنم والكسب. ويروي علي الوردي في كتاب “لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث” حكاية لها معنى عميق. ففي العشرينيات، سأل عبد الرحمن النقيب ـ أوّل رئيس للوزراء في العراق ـ أحد مشايخ قبيلة شمر الذي جاء لزيارته: هل أنت ديمقراطي؟ فأجاب الشيخ: لا. فقال النقيب: أنا إذاً شيخ الديمقراطية. فردّ الشيخ: إذا كنت أنت ديمقراطي فأنا أيضاً ديمقراطي، ولكن ماذا يعني أن تصبح ديمقراطياً؟ فأوضح له النقيب كيف أنّ الديمقراطية تعني المساواة. هنا ردّ الشيخ بالقول: إذا كانت هذه هي الديمقراطية فالله يعلم أني لست ديمقراطياً. ويعلّق الوردي على هذه الحكاية بأنّ مفهوم الديمقراطية أرعب الشيخ لأنه يمثّل تهديداً لمكانته وامتيازاته التي يحوزها أمام قومه.
كانت ملكية “الأرض”، وتسنم “مركز” في الحكومة، أهمّ مصلحتين يرغب فيهما زعماء القبائل. وقد علم رئيس الوزراء ياسين الهاشمي أنّ “التمردات” التي يقوم بها مشايخ القبائل إنما تحدث بسبب شعورهم بأنهم مستبعدون عن المناصب الرسمية؛ ولذا قام الهاشمي في العام 1935 بزيادة عدد مقاعد البرلمان، ونجحت هذه السياسة . كما أنّ الوصي (عبد الإله) قام أيضاً بزيادة مقاعد البرلمان خلال الأربعينيات ليضمن زعماء القبائل إلى جانبه، وهذا ما جعل الحسو يجادل في أنّ دخول المشايخ إلى البرلمان أضعف الحياة السياسية في البلد. فكثير منهم أميّون، ولم يدخلوا البرلمان إلاّ لحماية مصالحهم[75].
مثّلت الأرض دلالة مهمة على القدرة الكامنة لدى مشايخ القبائل على التفريط في التزامهم تجاه أفراد قبيلتهم لقاء مصلحتهم الشخصية، يذكر بطاطو أنّ الحكومة قدّمت لعجيل الياور شيخ قبيلة شمر الأراضي الشّاسعة ليوزّعها على أفراد قبيلته. لكن الشيخ استأثر بها لنفسه ولعائلته. وعرض بطاطو في كتابه عن “طبقات العراق” أحداثاً تصبّ في المسار نفسه، وتُوضّح كيف أنّ أملاكاً واسعة في العراق الملكي كانت تقع تحت أيدي المشايخ الذين يتزعّمون قبائل مهمّة في العراق[76].

كانت القبائل، وحتى منتصف الثلاثينيات، تستشعر في نفسها شيئًا من القدرة على مجابهة الحكومة، فيذكر تريب (2006) أنّ قبائل منطقة “الفرات الأوسط” كانت غاضبة لعدم استثنائها من دفع الضرائب، ولهذا كان لها شأنٌ بارز في فوضى الثلاثينيات، من خلال التمرّد وقتال الحكومة. وكان لأفراد القبائل مواجهاتٌ واسعة مع هذه الأخيرة في عاميْ 1935 و1936، حين حاولوا القيام بثورة “كبرى” أرادوها مثل ثورة “العشرين”، وقد أيّدهم في ذلك رجال سياسة ودين. وحينذاك أرسلت الحكومة القائد العسكري بكر صدقي على رأس جيش قويّ فسحق قوّة القبائل واحدة بعد الأخرى. ويعلّق الوردي على ما حدث قائلاً: “أدركت القبائل أخيراً أنّ الأحوال قد تغيّرت، وأنّ الحكومة قادرة على الغلبة والانتقام من أيّ قبيلة تتمرّد عليها. ومنذ ذلك الحين صارت القبائل العراقيّة تميل إلى الدّعة والخضوع، وبدأ شيوخ القبائل يحاولون التقرّب من الحكومة، وكسب مرضاتها بدلاً من إعلان الحرب عليها”[77].
تأسيساً على هذه اللحظة نستطيع القول إنّ الجيش ـ وليس القبيلة ـ أصبح اللاّعب الرئيس في البلد، وذلك من العام 1935 إلى العام 1941. وبعد الحضور القويّ للجيش، أصبح لدى مشايخ القبائل استراتيجيّة جديدة هي العمل مع القوّة السياسية كجزء منها بدلاً من مواجهتها، فاصطفّت حيناً مع الحكومة، وحينًا مع المعارضة. وهذا تفكير منطقي، وحلّ وحيد مادامت “القوّة” هي المقصد الأهم لديهم. وقد زاد هذا الأمر ما شاهدوه من سلوك مصلحي لدى النّخبة السياسية، عدا عن عدم إيمانهم بالحكومة ككلّ.
بعد العام 1941 غرق البلد في استبداد حكومي بعد أن تدخّلت بريطانيا عسكرياً لمناصرة التيار الليبرالي الموالي لها (نوري السعيد والوصيّ عبد الإله) ضدّ التيار الوطني الثوري (ثورة رشيد عالي الكيلاني). وهكذا أصبح لدى نوري السعيد وعبد الإله هيمنة تامّة على العراق الذي تأزّمت أوضاعه حتى نهاية العراق الملكي بمجيء ثورة 1958. ونتيجة لانتفاع المشايخ من النّخبة الحاكمة، فإنّ كثيراً من القبائل الجنوبية والكردية في الشّمال لم تهتمّ بمسألة الحرب مع بريطانيا في سنة 1941، ولم تتجاوب مع نداء “الجهاد” الذي أطلقه رجال الدين ضدّ التدخّل البريطاني في البلاد. وقد حافظ نوري السعيد الذي كان يعتبر من أقوى رجال السلطة في العراق، على مصالح الأغوات ومشايخ القبائل، وقدّم لهم التسهيلات، فاستمرّوا في دعمه ودعم سلطته. ويعلّق بطاطو قائلاً: إنّ القبائل في فترة 1941- 1958 انسجموا بشكل كبير مع الحكومة، فبعد منتصف الثلاثينيات وحوادث 1941، صارت السلطة لا تثق كثيراً في الجيش، واعتمدت على قادة القبائل[78].
كما أنّ رئيس الوزراء نوري السعيد ضمّ زعماء القبائل الكبيرة إلى حزبه (الاتّحاد الدستوري) في العام 1947، وكان لهم 17 مقعداً في البرلمان من بين 46 مقعداً للحزب. بينما الوصي (عبد الإله)، ولكي يضمن وقوف مشايخ القبائل المهمّة إلى جانبه، قام بزيادة تمثيلهم الوزاري في الفترة من 1947 إلى 1958 ليصل إلى 6%، بينما كانت حصّتهم الوزاريّة في الفترة من 1921 إلى 1932 نحو 1.8% فقط[79]. وفي هذه الفترة المتأخّرة شغل اثنان من قادة القبائل منصبيْن مهمّين في الجيش العراقي: مظهر الشاوي الذي قاد أحد ألوية الجيش، وكاظم العبادي الذي قاد القوّة الجوية[80].

من احتضان الفرد إلى استخدامه
يرى حنا بطاطو أنّ تاريخ العراق لم يكن إلاّ تاريخاً للقبائل ومشايخها. وهذا ما يؤكّده تاريخ العراق الحديث والأدوار السياسيّة التي لعبتها القبائل، والتي أثّرت في العمليّة السياسيّة ونضجها. وفي نظرة عامّة، فإنّ الوضع السياسي للقبيلة في العراق الملكي لم يتّخذ شكلاً واحداً، بل تباينت أشكاله بحسب كلّ مرحلة. ففي العشرينيات كانت القبائل القويّة معارضة للحكومة، واعُتبر زعماء القبيلة منافسين للملك فيصل في قيادة البلاد. وشهدت الثلاثينيات صراعاً حاداً بين القبائل والحكومة، وصراعاً داخل الحكومة، استُخدمت فيه القبائل أداةَ ضغط. بينما كانت الأربعينيات فترة توافقٍ وانسجامٍ بين القبائل والنّخبة الحاكمة، واستمرّت الحال على هذا المنوال حتّى نهاية العراق الملكي. وهذا التّوافق في العقديْن الأخيريْن للعراق الملكي كان نتيجة توافق مصالح مشايخ القبائل والعشائر مع مصالح النّخبة الحاكمة التي استبدّت بالبلد، وأثّرت في رجال العشائر من سكّان الأرياف، وجعلتهم مذْعِنين تماماً، في الوقت الذي اقتصرت المعارضة على أبناء المدن ولا سيّما في ثورة 1948 وثورة 1952 [81].
اليوم، نعيش ثورة التقنية وعالم ما بعد الحداثة، وهو عالم يعيد إطلاق الهويّات والانتماءات الفرعيّة والتقليدية. فبروز الهويّات التقليديّة وارتداد المجتمع إليها، إنّما هما ردّة فعل طبيعيّة على عدم توافر البديل الحاضن للأفراد في مجتمعاتهم وأوطانهم الحديثة.
إنّ الممارسة الديمقراطية في المجتمع العربي تتحوّل، بطريقة تلقائيّة، إلى “تكريس” الطائفيّة والقبلية حين تحاول “النّخب السياسية” استغلال هذيْن البعدين، وتتواطأ مع القبيلة والطائفة. والمهم إدراك هذا البعد القبلي عند التفكير في التحوّل السياسي في المجتمعات العربية. فإذا كان ثمّة إيجابيات للقبيلة في المجتمع العربي، فلابدّ من أن تصرف في بعدها الاجتماعي. أمّا العمليّةُ السياسيّة فلا بدّ أن يتم تجريدها من البعد القبلي، ولا بدّ من عمليّة تفتيت لكيان القبيلة سياسياً. وكما يقول عزمي بشارة: “هذا النّمط من السلوك السياسي لا يؤسّس لحدود الأمّة والمواطنة، وبالتالي يخلق حلبة أخرى مختلفة تماماً عن الحلبة التي يمكن أن يتطوّر فيها نظام ديمقراطي”[82].
إنّ انخراط القبيلة في العملية السياسية هو عاملٌ سلبي؛ فالممارسة السياسية السليمة لا تتيح مساحة ممكنة للقبيلة كـ “قبيلة”، أي ككيان واحد يترابط عبر شكله التقليدي المعروف الذي لا يتلاءم والممارسة السياسيّة الحديثة. كما أنّ بنية القبيلة نفسها لا تسمح بالتفاعل السياسي السليم. والفرد إذا نُظر إليه من خلال القبيلة، لا يمكن إلاّ أن يكون مُستخدَماً، ولا يمكنُ أن يجسّد تلك الوحدة الرئيسة الفاعلة التي يستند إليها المجتمع المدني. هكذا نجد أنّ القبيلة التي كانت حاضنة طبيعيّة للأفراد طوال تاريخها، نَحتْ إلى أن تصبح مستخدِمةً لهم بحسب الوضع السّياسي. فمنطق القبيلة القديم لا يزال فاعلاً، وهو منطق القوّة والبحث عن المكانة.
—————————
[1] انظر: عبد الوهاب رشيد، “التحول الديمقراطي في العراق: المواريث والتاريخ”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2006.
[2] Dawisha Adeed,   2005  , “Democratic Attitudes   and Practices in Iraq:   1921-1958“,The Middle East Journal, 59,1, p.11.
[3] محمد جابر الأنصاري، “العرب والسياسة: أين الخلل؟”، لندن: دار الساقي، 2000، ص 118.
[4] أحمد الصبيحي، “مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص86.
[5] علي الوردي، “طبيعة المجتمع العراقي”، لندن: دار الوراق، 1998، و عبد الله الغذامي “القبيلة والقبائلية”، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2009.
[6] الأنصاري، مصدر سبق ذكره، ص52.
[7] خلدون حسن النقيب، “في البدء كان الصراع”، لندن: دار الساقي، 1997، ص 415.
[8] الأنصاري، مصدر سبق ذكره، ص52.
[9] النقيب، مصدر سبق ذكره، ص 44.
[10] محمد نجيب بوطالب، “سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2002، ص 54.
[11] عزمي بشارة، “في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2007، ص 114.
[12] محمد عابد الجابري، “العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،1994، ص 168.
[13] خلدون حسن النقيب، “صراع القبيلة والديمقراطية: حالة الكويت”، لندن: دار الساقي، 1996.
[14] هشام شرابي، “النظام الأبوي، وإشكالية تخلف المجتمع العربي”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1992، ص 14.
[15] سمير العبدلي، “ثقافة الديمقراطية في الحياة السياسية لقبائل اليمن”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2007، ص67.
[16]
Hourani Albert. (1990), “Tribes and States in Islamic History”, Berkeley and Los Angeles، University of California Press, p.5.
[17] الوردي (1998)، مصدر سبق ذكره.
[18]
Dawisha Adeed, “Participation and Legitimacy in the Arab World”, World Policy Journal, 3, p.523.
[19] شرابي، مصدر سبق ذكره، ص47.
[20] محمد عابد الجابري، “العقل السياسي العربي”، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 1990، ص 60.
[21]
Marr Phebe (2004), “The Modern History of Iraq”, Westview Press, p.19.
[22] شرابي، مصدر سبق ذكره، ص 48.
[23] بشارة، مصدر سبق ذكره، ص 123.
[24] بوطالب، مصدر سبق ذكره، ص 100.
[25] النقيب، “صراع القبيلة والديمقراطية” مصدر سبق ذكره، ص 48-47.
[26] الصبيحي، مصدر سبق ذكره، ص 87.
[27] النخب المستفيدة تحرص على إعادة الإنتاج كما هو. انظر: بيير بورديو وجان كلود باسرون، “إعادة الإنتاج: في سبيل نظرية عامة لنسق التعليم”، بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2007.
[28] الغذامي، مصدر سبق ذكره، ص 29.
[29] بشارة، مصدر سبق ذكره، ص 122.
[30] الجابري ( 1994)، “العقل السياسي العربي” مصدر سبق ذكره، ص170.
[31]
Al Wardi Ali. (2008), “Understanding Iraq, Society, Culture, and Personality”. Translate by Fuad Baali. Edwin Mellen Press, p.22.
[32] حنا بطاطو،”الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق”، ج 1، بيروت: مؤسسات الأبحاث العربية، 1990 ص 359.
[33]
<span style="line-height: 115%; font-family: "Calibri","sans-serif"; font-size: 11pt; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-bidi-font-fa

Facebook
Twitter