حظي الممثل الكوميدي عزيز كريم بشهرة واسعة جداً في الشارع العراقي بعد أول ظهور له في التلفزيون من خلال عبارة واحدة “هي نارك قلبي نارك” إذ إن هذه العبارة لا تزال ترافقه رغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً على إطلاقها لأول مرة .
عرف عزيز كريم بتجسيد الأدوار الكوميدية سواء في التلفزيون أو المسرح لكنه بات اليوم بعيداً عن هذه الأدوار، لأنه يرى أن الكوميديا العراقية التي تقدم الآن لم تستطع أن تقدم ما كان يقدمه الجيل السابق . لذلك لجأ إلى العمل الإذاعي . “الخليج” التقته في بغداد وسجلت معه الحوار الآتي:
* ما جديدك؟
حاليا أتواصل بتقديم برنامج خاص بالأطفال اسمه “ورود البستان”، حيث يقدم هذا البرنامج ثلاث مرات في الأسبوع من أثير إذاعة جمهورية العراق ويعد هذا البرنامج من البرامج التربوية والهادفة وكذلك يتولى مسألة إبراز الطاقات والقابليات الدفينة لدى الأطفال وتحديداً من أبناء المحافظات . كما أتواصل الآن في تقديم برنامج “حكايات شعبية في مقهى بغدادية” لإذاعة صوت العاصمة وهذا البرنامج فولكلوري، يقدم بنكهة شعبية .
* كيف وجدت نفسية الطفل العراقي بعد سنوات الاحتلال العجاف؟
من خلال البرنامج الإذاعي الذي أقدمه والذي جعلني قريباً من نفسية الطفل العراقي وجدت أن هذا الطفل كان ضحية لهذه السنوات العجاف، لكن مع ذلك وجدت طاقات جيدة ويمكن أن تتطور في العديد من الأطفال وهذه الطاقات جعلتنا نؤسس مدرسة خاصة لتعليم الأطفال الموسيقا والغناء والبعض من هؤلاء الأطفال أصبحوا نجوماً الآن سواء في مجال الغناء أو المسرح، وأعتقد أن الطفل العراقي يمتلك من الإمكانات الرائعة جداً ما يجعله مميزاً في المستقبل رغم الظروف الصعبة التي تعرض لها بسبب تداعيات الاحتلال .
* كيف ترى الكوميديا العراقية في الوقت الراهن؟
أرى أن كوميديا الأمس أكثر رزانة وأكثر محبة وأكثر احتراماً للموعد، وللناس . أما حالياً فأتمنى من الكوميديين الشباب الالتزام بخط عملهم حتى يؤسسوا قاعدة جيدة لمستقبلهم، إذ إن على هؤلاء ألا يتصوروا أنهم قدموا مشاهد كوميدية وأضحكوا الجمهور من خلال مفردات الشارع التي باتت للأسف الشديد تقدم من على خشبة المسرح . بل إن الأفضل لهم أن تكون لديهم سيرة وخط حتى يحظوا باحترام ومحبة وتقدير الجمهور وهذه الأمور ستجعلهم مميزين . أضف إلى ذلك أن العمل الفني هو حب واحترام وعندما يتوافر هذان العاملان فإن الممثلين الشباب يكسبون محبة الناس ويؤسسون مدرسة ناجحة في مجال الكوميديا .
* هل أفهم من كلامك أن البعض مما يقدم الآن من أعمال كوميدية فيه إسفاف وتهريج؟
أتمنى على دائرة السينما والمسرح أن تعنى بالمسرح وتحافظ عليه كما أن عليها أن تقدم فنانيها بصيغة جماهيرية أفضل، إذ إن المطلوب الآن هو تقديم عمل يحمل نكهة جماهيرية وفي الوقت نفسه يحترم المشاهد، وبالتالي المشاهد يحترمه . والمسرح مفتوح للأعمال التي تقدم باحترام وأنا واثق كل الثقة بأن المدير العام لهذه الدائرة شفيق المهدي سيكون راعيا وداعما لكل الأعمال المسرحية التي تقدم على خشبة المسرح الوطني لأنه ابن المهنة، حيث أن ابن المهنة يكون حريصا أكثر على تقديم أعمال مسرحية ناضجة ونافعة للمشاهد وأيضا للخط الفني .
* ما تقييمك للدراما العراقية الآن؟
أن الدراما العراقية الآن قلقة بسبب جملة أمور، من أهمها أن الإنتاج غير جيد، حيث باتت العملية الإنتاجية هي السبب الرئيسي في فشل العديد من الأعمال العراقية التي كانت تحمل أفكاراً جيدة، وشارك في تجسيد أدوارها الكثير من الممثلين الجيدين . لذلك كانت أعمال الدراما العراقية في العقود السابقة جيدة جدا لان الإنتاج كان جيداً . وعليه أرى أن الإنتاج إذا كان جيدا فإن الدراما العراقية تتقدم ويكون لها حضور كبير بين نظيراتها العربيات .
* ما أسباب تردي العملية الإنتاجية؟
الأسباب كثيرة ويقف في مقدمتها وصول “جهلة” المهنة إلى واجهة الدراما العراقية وبوصولهم هذا أسهموا في تراجع الدراما العراقية، بل أساؤوا اليها كثيرا . فالمنتج العراقي للأسف الشديد لا يفكر في القيمة الفنية للعمل الذي يتولى إنتاجه، بل إن جل تفكيره ينحصر في كيفية الحصول على أرباح كبيرة لكن على حساب سمعة وتاريخ الفن العراقي . فالعملية تحتاج إلى وجود الفنانين أصحاب الخبرة، كما تحتاج في الوقت نفسه إلى وجوه شابة جديدة تكتسب المهنة من أصحاب الخبرة حتى تسير الدراما العراقية على الطريق الصحيح .
* هل هناك أسباب أسهمت في تردي العملية الفنية في العراق؟
نعم، ومن أبرز هذه الأسباب هو عملية الاستسهال في الوسط الفني، بحيث بات الذي يعرف العمل على الحاسوب مخرجاً في الإذاعة . وفي المسرح من يمتلك صوتا جميلا يعتلي خشبة المسرح من دون أن تكون له أي مؤهلات علمية أو فنية . ولدينا أنموذج في هذا المجال، إذ إن احد الأشخاص يقلد الأصوات وهو لا يجيد القراءة ولا الكتابة بات “نجما” الآن ويظهر في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية . وهناك الكثير مثل هذا الأنموذج في الوسط الفني العراقي وهذا الأمر ناجم عن عملية الاستسهال . إذ لو كانت هناك ضوابط صارمة وحقيقية لما استطاع هؤلاء التسلل إلى الوسط الفني العراقي الذي يمتلك تاريخاً مشرفاً . وحقيقة الأمر أنا أرفض أن يكون هؤلاء في الوسط الفني لأنهم لا يمتلكون الأدوات التي تساعدهم على العمل في مثل هذا الوسط الذي يحتاج إلى ثقافة وتربية وشهادة دراسية .
* كيف ترى ظاهرة استعانة الدراما العراقية بالمخرجين والممثلين السوريين؟
هذا الأمر يمثل اعترافاً بتراجعنا وهبوطنا، فلدينا بعض المخرجين الذين يمتلكون إمكانات جيدة إلا أن الروح المادية تغلبت عليهم . لذلك صار الممثل هو من يملي شروطه وأفكاره على المخرج وكذلك الجهة المنتجة . والقاعدة هنا تؤكد أن المخرج هو قائد العمل وفي حالة رضوخه لأية جهة فإن العمل سيظهر ركيكاً بكل تأكيد لأنه من دون قائد قوي يحرك الأمور حسب قناعاته وليس وفق قناعات الآخرين . لذلك فإن استعانة الدراما العراقية بالممثلين والمخرجين السوريين هي دليل ضعف . لكن مع ذلك أرى أن هذه التجربة لا تخلو من فائدة، لأن الفائدة التي نحصل عليها من خلال التعاون مع الممثلين والمخرجين السوريين تتمثل في اكتساب الخبرة، لأن السوريين يمتلكون خبرة متطورة في الإخراج والتمثيل أدت إلى تفوقهم عربياً