ابدى مواطنون عراقيون تخوفهم من عودة انتشار العملات المزورة مؤخراً وبكثرة في الاسواق العراقية وهي تعتبر من المشاكل الكبرى التي تسعى الى هدم اقتصاد البلاد واشاعة ظاهرة الشك والريبة في التعاملات اليومية بين المواطنين.
حيث ان تزوير العملة في اي بلد يؤثر على عملته الوطنية الحقيقية من خلال انتشارها, ما يؤدي الى ارباك الاقتصاد داخل الاسواق المحلية، فضلاً على انها تساعد على تهريب العملة خارج البلاد بطرق ملتوية.
حيث حذر نائب رئيس اللجنة المالية احمد فيض الله، من انتشار العملات المزورة في السوق المحلية لانها ستضر الاقتصاد الوطني، داعياً الجهات المعنية من البنك المركزي والاجهزة الامنية باتخاذ الاجراءات الضرورية للحد منها.
وقال فيض الله :” ان انتشار العملات المزورة في السوق المحلية يرجع الى تردي الوضع الامني وغياب الرقابة الفعلية على السوق”.
واضاف: “انه على الاجهزة الامنية من مديرية الجريمة الاقتصادية مراقبة الاسواق المحلية ومعرفة مصادر هذه العملات للقبض على من يقوم بترويجها وذلك لانقاذ الاقتصاد الوطني من كارثة اقتصادية حال استمرار انتشار هذه الظاهرة”.
وقالت عضو اللجنة المالية النائبة ماجدة التميمي: ان عدد الاوراق المزيفة، بحسب تقرير البنك المركزي، بلغت 2301 ورقة نقدية من اصل 88 مليون ورقة نقدية مودعة لدى البنك، مشيرة الى ان نسبة هذه الاوراق النقدية المزيفة تقدر بنحو ثلاث من المئة بالالف.
واضافت: ان نسبة الاوراق المزيفة خلال تشرين الاول الماضي كانت منخفضة وتقدر بنحو واحد من المئة بالإلف من اصل 103 مليون ورقة نقدية مودعة لدى البنك المركزي.
قال الخبير المالي الدكتور مظهر محمد صالح :” ان تزوير العملة النقدية من الجرائم الاقتصادية، ومن ثم التزوير اعتداء على حقوق الملكية، وهو شكل من اشكال السرقة وتهديد للأمن الوطني، وتاريخيا يخضع تزوير العملة الى ثلاثة انواع ، الاول يسمى تزويراً او تزييف الهواة، وهم في العادة ممن لديهم القدرة والمعرفة على استخراج ورقة نقدية تتشابه الى حد كبير في تقليد العملة الاصلية، وتستعمل لاستغفال الناس البسطاء ممن لا يملكون الخبرة الكافية في التمييز، والثاني هو جانب مخابراتي بين الدول” حرب التزوير” يعتمد على تخريب اقتصاد دول معينة تتحارب فيما بينها في هذا المجال، والهدف منه دس العملات المزورة بكميات كبيرة لاضعاف ذلك الاقتصاد او الاطاحة به، والثالث هو تجاري يقوم به المغامرون الهدف منه تحقيق الربح المادي اليسير على حساب سلامة اقتصاد البلد”.
ويقترح الخبير المالي ان يتم تفعيل الجانب الاستخباراتي لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة للمحافظة على الاقتصاد الوطني، مع ضرورة ان تكون في العملة المتداولة خواص وضمان واشارات الامان كونها سلعة ستراتيجية، وفي جميع الاحوال كلما تطورت التكنولوجيا في العالم زاد الاقبال على التزوير، فهو صراع ازلي في مختلف البلدان، اذ تشير استطلاعات غير دقيقة الى وجود ملياري دولار مزور في العالم، وحتى اميركا عانت من العملة المزورة، وبين مظهر ان الحس الاستخباراتي والامني والتعامل الدولي مهم، كون العراق عضوا في منظمات غسيل الاموال، والدول تتعاون فيما بينها لمحاربة هذه الظاهرة المشتركة.
مضيفا: في كل فترة زمنية لابد من احداث تغييرات ووضع مزايا وشفرات في العملة العراقية يصعب تقليدها، والاعتماد على نوعية عالية الجودة من الورق والالوان والطباعة والمواصفات القياسية المعتمدة في عملات العالم، على الرغم من انها لم تزور حتى الآن بدرجة كاملة، وما موجود من فئات مزورة تخلو من أية مواصفات دقيقة، تشمل الخط الفسفوري وعلامة رأس الحصان ونوع الورق والطباعة الدقيقة.
من جهته أوضح احمد حسن مدير شركة العادل المتخصصة ببيع العملة الصعبة أن “عمليات التزوير موجودة في السوق منذ فترة طويلة ولكنها بدأت تزداد اكثر فاكثر، حيث بدأت بفئة الـ(10000) دينار والان ازدادت عمليات التزوير وبشكل كبير بفئة الـ(5000) دينار”.
وقال حسن إن “عملية التزوير دقيقة جداً بحيث يصعب التمييز بين الطبعتين (الصالحة والمزورة) ليس فقط في عملة الدينار وانما حتى في الدولار ببعض الاحيان لاسيما فئة (100) دولار”.
وأضاف أن “المتضرر الاول والاخير المواطن البسيط من هذه العمليات لانه يصعب عليه معرفة التزوير، بينما الصراف بحسب خبرته المالية يكشف عملية التزوير في العملات بغض النظر عن اجهزة كشف التزوير”.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن: تمكنت قوة من أمن وزارة الداخلية من إلقاء القبض على عصابة مختصة بتزييف العملة بعد ورود معلومات أشارت الى مكان تواجدها.
واوضح: ان القوة سارعت الى منطقة الباب الشرقي وقامت بنصب كمين لأحد أفراد العصابة وألقت القبض عليه، وبعد متابعة الأفراد الباقين تم إلقاء القبض عليهم، وتم ضبط بحوزتهم 12 مليون دينار، مزورة من فئتي الـ 5 و25 ألف دينار. واضاف: ان العصابة اعترفت بجريمتها وقيامها بتزوير العملة منذ عام 2004، مشيرين الى أن إجمالي العملة العراقية المزورة التي قاموا بتزويرها بلغ نحو ثلاثة مليارات دينار.
فيما شكا عدد من المواطنين في محافظات بغداد وذي قار وبابل وصلاح الدين من انتشار عملات مزورة وبشكل كبير في السوق، ما دفعهم الى اللجوء نحو شراء الدولار للحفاظ على اموالهم.
وأصبحت عملية تزوير العملات تجارة مربحة لدى الخارجين عن القانون، حيث تظهر بين فترة واخرى حالات لتزوير العملات العراقية ذات الفئات الخمسة الاف والعشرة الاف دينار.
وكان قد أعلن الناطق الرسمي لوزارة الداخلية عن تمكن مديرية الجريمة الاقتصادية في مديرية شرطة محافظة صلاح الدين من القاء القبض على عصابة متخصصة بتزوير العملة الاجنبية وبحوزتهم 130 الف دولار مزورة .
وذكرت وزارة الداخلية ايضاً في بيان لها منتصف اذار الماضي إن “قوة من شرطة مكافحة الجريمة الاقتصادية في ذي قار تمكنت من ضبط مطبعة لتزوير العملة خلال عملية تفتيش لاحد المنازل في حي سومر وسط مدينة الناصرية”، مبينا إن”القوة عثرت على مبلغ مليون و521 الف دينار مزورة من جميع الفئات”.
بدوره أكد اياد الشمري الباحث المالي، ان “عمليات طبع العملات المزورة تتم في خارج البلاد، لانها عملية معقدة ودقيقة يتم من خلالها كشف احدى الشفرات الامنية الموجودة في العملات، بدليل العملية انتشرت بفئات الـ(5000 – 10000) دينار وليس كل العملات”.
وقال الشمري، إن “انتشار هذه العملات في السوق ستشوه سمعة الدينار وتفقد ثقة التعامل به، وهذا سيلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني، داعياً الجهات الامنية الى مكافحة هذه الظاهرة والقبض على مرتكبيها”.
واشـار الـى ان “أغلـب التجـار والمواطنين يفضلون في الفترة الاخيرة التعامل بالدولار من دون الدينار لتجنب ظاهرة التزوير، وهذا ما ادى الى زيادة الطلب على شراء الدولار خلال الفترة الاخيرة وزيادة سعره مقابل الدينار”.
وكان البنك المركزي قد طالب قبل أشهر جميع المصارف بكشف الاجراءات المتخذة بحق مودعي اوراق نقدية مزيفة.