العمارة/نينا/تقرير ماجد البلداوي : لازلت بعض الظواهر والعادات السيئة المتوارثة في مجتمعنا سائدة على الرغم من التطور الذي حصل على بنية المجتمع العراقي الذي غير الكثير من العادات والتقاليد التي كانت تشكل اعباء ثقيلة واساءات بالغة ليس لها ما يبررها.
ومن تلك الظاهر المبالغة بمهور الزواج وظاهرة إطلاق العيارات النارية ونثر المبالغ المالية في مناسبات الزواج والأفراح المختلفة ما يعرض العائلة إلى المنغصات نتيجة الخسائر غير المحتملة بدلا من إشاعة الفرح بين أفراد العائلة.
ولأننا لسنا في زمن أصبح فيه السلاح هو اللغة الوحيدة للتفاهم بدلا من الحوار الهادئ واللسان الجميل ، فعلينا ان نعرف ان لسان الإنسان ليس للأكل فقط ولا تكتمل رجولة الإنسان بامتلاكه السلاح.
وتابعت الوكالة الوطنية العراقية للأنباء /نينا / هذا الموضوع وألتقت بأصحاب الشأن لمناقشة أسباب ونتائح وتداعيات هذه الظواهر.
يقول الباحث الدكتور كريم الموزاني الاختصاصي في قسم الإرشاد النفسي ” ان لجوء البعض الى استخدام السلاح يؤكد حقيقة واحدة مفادها ان البعض يعانون من ضعف الثقة بالنفس فيشعرون أنهم فئة مهمّشة عديمة التأثير في المجتمع ، وفي هذه الحالة سيكون السلاح بالنسبة لهم مصدرا لجذب الانتباه ، ومجرد نظر الناس إليهم حين يحملون السلاح سوف يعطيهم شعورا بالأهمية ويملأ لديهم هذا الفراغ المتسبّب في ضعف الثقة بالنفس “.
وأضاف ” ان حفلات الزواج تستقطب الكثير من الناس وبالنسبة لبعض الشباب ، فهذه هي ـ البيئة المثالية ـ لعرض العضلات المتمثل في إطلاق النار ، إضافة إلى لجوء البعض الآخر إلى المبالغة في المهور وإقامة حفلات الزواج الفخمة “.
وتابع :” هناك فئة كبيرة من الناس لا تكترث لموضوع التكاليف فنجد كل أنواع البذخ الفاحش الذي يهدف للتباهي لا غير ، لكن المشكلة أنّ هذه المبالغ التي تُصرف على الألعاب النارية وعلى أصناف الطعام الكثيرة فمن غير المنطقي أن يأكل الحضور أشهى أنواع اللحوم على صوت الموسيقى ومشاهدة المفرقعات النارية وذلك على حساب النجّار المسكين وغيره ممّن لا زالوا ينتظرون حقوقهم من صاحب العرس . هي ليلة فرح واحدة ، بضع ساعات وتنتهي .. فلماذا هذه /الفخفخة/ وهذا الفخر الزائف بدون حق ؟ “.
ويقول ناجي محمد عباس – موظف – انه لم يتزوج حتى الان بسبب ارتفاع الأسعار في حين ان راتبه المحدود الذي لا يكفي سوى للإنفاق على نفسه ومساعدة أسرته في حين ان الزواج بحاجة إلى مبالغ كبيرة لا يستطيع توفيرها.
ويضيف :” ان العاقل هو من يجنب نفسه هذا الأمر ، فحتى ان استطاع الشباب أمثالي تأمين مبلغ كاف للزواج ، فهناك مسؤوليات اكبر في تكوين أسرة وتنشئة أطفال وهذا أمر صعب “.
ويقول خالد طارق كاظم وهو طالب جامعي ” ليس لدي عمل ولم أكمل دراستي بعد وأسرتي لا تملك المال الكافي لتزويجي وأنا بانتظار ان احصل على عمل لأكون نفسي أولا ثم انشغل بالبحث عن الفتاة المناسبة رغم ان معظم الاسر الان تطالب بمبلغ كبير ، وإذا ما تقدمت لخطبة أحداهن وطُلب مني مبلغ كهذا الذي نسمع عنه الان سأتراجع واترك الموضوع نهائيا “.
ويشير مصدر صحي في دائرة صحة ميسان الى ان معدل الإصابات التي تحصل شهريا بسبب اطلاق النار العشوائي يكون سببها غالبا مناسبات الاعراس وحالات الفوز العراقي بكرة القدم.
ويوضح ” ان من بين عدد الإصابات الحاصلة ، هناك إصابات مميتة والتي تحصل بين عوائل القرى والأرياف نتيجة ضعف التثقيف وغياب الأجهزة الأمنية التي يفترض ان تكون شديدة بملاحقة ومتابعة ومحاسبة مطلقي الأعيرة النارية التي كثيرا ما تؤدي الى الإصابة والوفاة “.
ورأى ان على رؤساء العشائر خاصة تقع مسؤولية حصول مثل تلك الحالات التي اصبحت مسيئة باستخدام السلاح عند الاحتفال باي مناسبة ” لأنها تمثل ظاهرة غير حضارية وسلوكا خطيرا يدل على أنانية وعدم مبالاة بحياة الآخرين.
واستطرد ” لكن تبقى مبادرة وجهاء المجتمع والأجهزة المعنية عاملاً أساسياً في إنهاء تلك الظاهرة من خلال توقيع مواثيق شرف تجبر أبناء عشائرهم على الامتناع عن هذه الممارسات ، فإطلاق الرصاص في الهواء تعبيرا عن الفرح ، عادة قديمة وقد حان الوقت لإنهاء هذه الممارسة قبل أن تحصد المزيد من الضحايا “.
ويقول الدكتور محمد اللامي /أستاذ علم الاجتماع/ ” ان من المبالغة في مهور الزواج اصبحت آفة تهدد كيان المجتمع كما تشير إلى ذلك الدراسات والإحصائيات ، وأظهرت الدراسات أن عدد من وصلوا إلى سن الخامسة والثلاثين دون زواج يبلغ 9 ملايين شخص ، منهم ما يزيد على ثلاثة ملايين امرأة ، و6 ملايين رجل “.
واضاف ” وفقا للإحصائيات فإن نسبة النساء العازبات وصلت إلى 51% من إجمالي عدد النساء ، من بينهن أربعة ملايين فتاة لم يتزوجن رغم تجاوزهن سنَّ الرابعة والثلاثين ، وفي السياق ذاته فإن نسبة العزاب بلغت 85% وهذه الظاهرة تختلف نسبتها من بلد إلى آخر ، ومن بيئية إلى أخرى ، تبعاً لاختلاف الأسباب المؤدية إليها “.
واكد ” ان من ابرز أسباب ذلك هو المغالاة في المهور والتباهي فيها ، وهذا سبب رئيس في تفاقم هذه المشكلة وعائق كبير يحول دون زواج كثير من الشباب والشابات الراغبين بالزوج وكما يشهد بذلك الواقع “.
من جهته يقول رئيس محكمة استئناف ميسان القاضي حيدر حنون ” ان تحسن الظروف المعيشية أسهم في ارتفاع نسبة حالات الزواج مقارنة بحالات الطلاق خلال العام الجاري “.
وعزا ذلك الى تحسن الظروف المعيشية وارتفاع دخل الفرد الامر الذي أدى الى إقبال الشباب على الزواج فيما تواصل الجهات المعنية انجاز عقود الزواج بالسرعة الممكنة ، ومن الجهة الاخرى يتم اخضاع دعاوى الطلاق الى الدراسة والبحث الاجتماعي لإصلاح ذات البين وإعادة الحياة الزوجية الى وضعها الطبيعي بين الزوجين بعد التواصل الى حلول للخلافات الحاصلة بينهما بطريقة مرضية للطرفين واللجوء الى إيقاع الطلاق بينهما بعد استنفاد كل ذلك وفي اضيق الحدود حفاظا على الأسرة العراقية.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة العنوسة لدى الفتيات العراقيات تزيد على 30% ويعزو البعض هذا الارتفاع إلى الحروب والاعتقالات والتهجير والهجرة التي شهدها هذا البلد ، ما أدى إلى وجود خلل في التركيبة السكانية واختلال التوازن الاجتماعي.
وتكاد تكون النسبة متغيرة تبعا للظروف المحيطة في البلد نتيجة حالات العنف وتردي الأوضاع الأمنية التي سببت ازدياد عدد الأرامل والمطلقات والتداعيات الحاصلة في بنية المجتمع نتيجة حالات التهجير والهجرة بين الطوائف التي تمثل مكونات المجتمع.
تقول الباحثة الاجتماعية في محكمة الأحوال الشخصية بميسان ليلى جعفر ” إن ظاهرة /العنوسةً/ و/العزوبية/ أصبحت من الظواهر المخيفة التي تستوجب الدراسة والبحث للتصدي لها ويقف في مقدمة أسبابها الجانب المادي والاجتماعي والمهور العالية وطلبات الأهل التي تثقل كاهل الشاب المتقدم للزواج.
وتضيف ” كل هذه العوامل أدت إلى تفشي ظاهرة العنوسة وتأخير سن الزواج الأمر الذي ادى الى حصول العديد من المشاكل الاجتماعية ، ولذلك صار شبح العنوسة يُطارد أذهان الكثير من الفتيات والنساء عامة وخاصةً مع ارتفاع نسبتها في مجتمعنا “.
وتابعت ” إلا ان هناك أصواتا بدأت تطالب الرجال المتزوجين بالمساهمة في حل تلك المشكلة من خلال إقبالهم على فكرة تعدد الزوجات المستمدة من الشريعة الإسلامية لمعالجة مثل هذه الظاهرة “.
وتؤكد الباحثة ان موضوع العنف الأسري اثر بشكل مباشر على تزايد حالات الطلاق ، وفي الجانب الأخر تظل أحلام الهجرة للشباب الى خارج البلد تشكل هي الأخرى من احد أسباب عزوف الشباب عن الزواج الذي صار يمثل الحلم للكثيرين منهم